بحث الرئيس الأمريكي باراك
أوباما والعاهل السعودي
الملك سلمان العلاقات بين البلدين، في اجتماع دام ساعتين الأربعاء، وتطرق إلى الصراعات في أنحاء الشرق الأوسط ومخاوف الولايات المتحدة بشأن حقوق الإنسان في المملكة.
ورحب الملك سلمان بأوباما في قصر عرقة بالرياض. وعرضت قنوات التلفزة لقطات لهما وهما يسيران في بهو القصر ويتبادلان أطراف الحديث.
ورد الرئيس الأمريكي على الترحيب بشكر المملكة على تنظيمها الخميس قمة لدول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة، هي الثانية بعد قمة أقيمت في منتجع كامب ديفيد العام الماضي، لم يحضرها الملك سلمان.
كذلك، سيلتقي أوباما مساء ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان؛ لبحث كيفية "تعزيز التعاون لإلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة"، وفق البيت الأبيض.
والزيارة هي الرابعة لأوباما منذ توليه مهامه مطلع عام 2009. أما زيارته الأخيرة، فكانت مطلع 2015، للتعزية بوفاة الملك عبدالله بن عبد العزيز.
وشهدت الولاية الثانية لأوباما محطات تباين عدة بين الرياض وواشنطن، منها امتناعه في اللحظة الأخيرة، في صيف العام 2013، عن توجيه ضربات لنظام الرئيس بشار الأسد الذي تعد الرياض من المعارضين له، والاتفاق الذي توصلت إليه الدول الكبرى مع إيران، الخصم الإقليمي اللدود للسعودية، حول ملف طهران النووي، في صيف العام 2015.
وسعى البيت الأبيض إلى إبراز أهمية العلاقة مع الرياض التي تعود لسبعين عاما، مؤكدا أن الزيارة ليست مجرد فرصة لالتقاط صورة تذكارية بين المسؤولين السعوديين وأوباما الذي تنتهي ولايته مطلع السنة المقبلة.
وقال بن رودس مستشار أوباما: "العلاقة كانت دائما معقدة (...)، إلا أنه ثمة دائما قاعدة تعاون حول المصالح المشتركة، لا سيما منها مكافحة الإرهاب".
وبحسب الباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى سايمون هندرسون، "حتى لو قدمت الزيارة على أنها مناسبة لتعزيز التحالف، إلا أنها ستظهر إلى أي حد تباعدت واشنطن والرياض على مدى الأعوام الثمانية الماضية"، في إشارة إلى مدة ولايتي أوباما.
وأضاف الباحث في مقال نشر في مجلة "فوريس بوليسي" أنه "بالنسبة لأوباما، فالمشكلة المركزية في الشرق الأوسط هي مكافحة تنظيم الدولة. بالنسبة إلى
السعودية، فالمشكلة هي إيران".
وتأمل دول مجلس التعاون في زيادة الدعم العسكري الأمريكي، لاسيما في مواجهة "التدخلات" الإيرانية التي باتت من أبرز هواجسها.
وعشية زيارة أوباما، وصل وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر إلى الرياض، حيث اجتمع الأربعاء مع نظرائه الخليجيين.
وقال مسؤول أمريكي على هامش الزيارة إن بلاده تقترح على دول الخليج تكثيف التعاون الدفاعي، خصوصا تدريب القوات الخاصة، وتنمية القدرات البحرية؛ لمواجهة نشاطات "زعزعة الاستقرار" الإيرانية.
ويأمل القادة الخليجيون في أن يوجه أوباما رسالة حازمة لطهران، لاسيما بعد تصريحاته الأخيرة التي أثارت انتقادات في الصحافة السعودية.
فقد قال في مقابلة مع مجلة "ذي أتلانتيك" الشهر الماضي إن "المنافسة بين السعودية وإيران، التي ساهمت في الحرب بالوكالة وفي الفوضى في سوريا والعراق واليمن، تدفعنا إلى أن نطلب من حلفائنا ومن الإيرانيين أن يجدوا سبيلا فعالا لإقامة علاقات حسن جوار ونوع من السلام الفاتر".
ويقول الباحث في معهد كارنيغي فريدريك ويري: "الولايات المتحدة قلقة منذ مدة طويلة، من الطريقة التي يتصرف بها السعوديون في المنطقة. وهذا الرئيس عبر عن ذلك بطريقة مباشرة أكثر من الذين سبقوه".
عودة إلى 11 أيلول/ سبتمبر
إلا أن التباين حول الملفات الإقليمية ليس نقطة الخلاف الوحيدة حاليا بين واشنطن والرياض. فالكونغرس يبحث مشروع قرار يجيز للقضاء الأمريكي النظر في دعاوى قد ترفع إليه، تطال الحكومة السعودية أو مسؤولين، على دور مفترض لهم في أحداث 11 أيلول/ سبتمبر 2001.
وأكد أوباما الاثنين معارضته مشروع القرار.
وأفادت صحيفة "نيويورك تايمز" الأسبوع الماضي بأن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير حذر من أن إقرار المشروع سيدفع السعودية لبيع سندات خزينة أمريكية بمئات مليارات الدولارات، وسحب استثمارات.
كما يدور نقاش في واشنطن حول ما إذا كان يجب رفع التصنيف السري عن 28 صفحة من تقرير أحداث 11 أيلول/ سبتمبر، يعتقد أنها تتطرق إلى أدوار محتملة لحكومات وكيانات أجنبية بينها السعودية.
وتأمل الإدارة الأمريكية في ألا تؤثر هذه الخلافات على تركيزها الأساسي، وهو مكافحة الجهاديين، خصوصا تنظيم الدولة. والرياض جزء من التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن منذ صيف 2014 ضد التنظيم الذي يسيطر على مساحات من سوريا والعراق.
إلا أن السعودية منشغلة منذ آذار/ مارس 2015، بقيادة تحالف عسكري في اليمن ضد المتمردين، في نزاع أفاد منه الجهاديون لتعزيز نفوذهم.
وترى واشنطن أن حل النزاع في سوريا واليمن سيساهم في التركيز على مكافحة الجهاديين. إلا أن محاولات الحل تواجه عقبات عدة.
على صعيد آخر، طالبت منظمة العفو الدولية أوباما بطرح مسألة حقوق الإنسان، و"خنق" أصوات المعارضين في السعودية والخليج، معتبرة ان إسكات هذه الأصوات "بات روتينا في دول مجلس التعاون الخليجي".