يكشف الاستقبال الذي حظي به العاهل السعودي
الملك سلمان بن عبد العزيز في
تركيا، عن حجم العلاقة ومتانتها بين البلدين، في زيارة اعتبرها مراقبون إعلانا للحلف التركي السعودي الذي كان يعمل بعيدا عن الأضواء، وإيذانا بمرحلة متقدمة من التعاون بين البلدين.
وتسعى المملكة العربية
السعودية إلى تقوية تحالفاتها في المنطقة لتعزيز سياستها الخارجية في ظل تراجع الدور الأمريكي، خصوصا بعد الاتفاق النووي مع إيران، وغياب الدور الأمريكي في سوريا والحضور الروسي هناك.
واللافت في الزيارة هو أنها جاءت بعد زيارة العاهل السعودية إلى
مصر التي تربطها علاقات مضطربة مع تركيا التي تعارض الانقلاب العسكري هناك على أول رئيس مدني منتخب، هو محمد مرسي، ما فتح التكهنات بأن أحد الأمور التي سيناقشها الملك سلمان مع الرئيس
أردوغان هو ملف المصالحة مع مصر، رغم النفي التركي.
الكاتب والإعلامي السعودي جمال خاشقجي، رأى في تصريحات له أن الزيارة هي إعلان رسمي للعلاقة والتعاون الأمني بين البلدين، خلال عام مضى شهد تطورا كبيرا في العلاقة بين الدولتين.
وعن العلاقة بين تركيا ومصر، قال خاشقجي في حديث لـ"
عربي21"، إنها لا تؤثر على العلاقات مع السعودية بأي حال، وإن المملكة تستطيع أن تكون على علاقة طيبة بالفرقاء دون الحاجة إلى جمعهم في ساحة واحدة.
وأشار إلى أن مصر تقف إلى جانب السعودية في اليمن على سبيل المثال، وتغيب في الساحة السورية التي تحضر فيها تركيا، وكلاهما ساحتان مهمتان للسعودية.
الكاتب التركي إسماعيل ياشا، رأى أن "العلاقات التركية السعودية لا يمكن اختزالها في جهود الوساطة بين أردوغان والسيسي، فهناك ملفات وقضايا عديدة ذات اهتمام مشترك بين تركيا والسعودية، مثل الملف السوري والملف اليمني والملف العراقي والملف الفلسطيني وملف التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب. وبالتالي، ستكون الأولوية في زيارة الملك سلمان هذه، للمباحثات حول تلك الملفات والقضايا وتنسيق الجهود لحلها، وتبادل الآراء حول التحديات والتطورات الإقليمية، بالإضافة إلى سبل تطوير التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والأمنية والعسكرية والثقافية، وتعزيز العلاقات الثنائية التي بدأت تكتسب زخما في الآونة الأخيرة".
ولفت في
مقال له إلى أن تركيا ليست متحمسة للمصالحة مع نظام آيل للسقوط؛ فالسيسي يترنح داخليا ويتعرض لضغوط خارجية قاسية، خصوصا في مجال الحقوق والحريات العامة.
رئيس جمعية باحثي الشرق الأوسط وأفريقيا التركية، البروفيسور زكريا قورشون، قال في تصريح للأناضول، إنه رغم عدم وجود أي تشابه في السياسة الداخلية لكلا البلدين (تركيا والسعودية)، إلا أن هناك تشابها في سياستهما الخارجية في العديد من المجالات، وخاصة حول التطورات التي تشهدها المنطقة.
وعلى الجانب الاقتصادي، أعرب في تصريحات لـ"الأناضول" عن اعتقاده بأن زيارة الملك سلمان من شأنها تحفيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين اللذين لا يتجاوز حجم التجارة الخارجية بينهما 500 مليار دولار أمريكي.
الكاتب البريطاني سيمون تيسدال، المختص في الشؤون الخارجية، قال إن هذه الزيارة تمثل لحظة فارقة في العلاقات بين البلدين السنيين اللذين يتزعمان المنطقة.
وأشار الكاتب في صحيفة "
الغارديان" إلى أن الملك سلمان والرئيس أردوغان يشتركان في الكثير من الأمور، وأهمها سعيهما المشترك لإسقاط رئيس النظام السوري بشار الأسد، وقيامهما بمحاولات لهزيمة الإرهاب في سوريا والعراق.
وكان الرئيس التركي زار السعودية في كانون الأول/ ديسمبر 2015، تلبية لدعوة من الملك سلمان، واستحوذ الملف السوري على الزيارة التي استمرت ليومين.