قال محلل الشؤون العربية بصحيفة "
هآرتس"
الإسرائيلية، تسفي برئيل، إن زيارة العاهل السعودي إلى
مصر تأتي ضمن سعيه لتحقيق المصالحة بين مصر وتركيا، ما سيخفف الحصار المصري على قطاع غزة.
وركز برئيل في مقاله، الاثنين، في صحيفة "هآرتس" على المساعي
السعودية لتحقيق المصالحة التركية المصرية من جانب، والمصالحة التركية الإسرائيلية من جانب آخر، وهو ما أعلنه عدد من المسؤولين الأتراك الأسبوع الماضي، ومن بينهم رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، الذين تحدثوا في الأسبوع الماضي عن تقدم حقيقي في المحادثات بين الدولتين، وتوقعوا أنه في جولة المحادثات القادمة التي ستعقد "قريبا جدا"، سيتم الإعلان عن اتفاق.
ونقل برئيل عن مصدر دبلوماسي في
تركيا، قوله إن "الإعلان سيصدر بعد زيارة الملك السعودي سلمان إلى تركيا"، والتي بدأت الاثنين.
وقال الدبلوماسي التركي لـ"هآرتس" إنه "يجب إعطاء كل احتفال احترامه"، مضيفا أنه "يجب أن نضمن ايضا أن لا يتولد الانطباع لدى الجمهور وكأن الملك السعودي هو الذي بادر إلى المصالحة بين تركيا وإسرائيل، رغم أن هذا الأمر كان يمكن أن يكون احتفالية حقيقية".
"استقبال ملوك"
ووصف برئيل استقبال الملك السعودي سلمان في مصر بأنه "استقبال ملوك من قبل زعيم الانقلاب عبد الفتاح
السيسي"، وكان الملك غرّد على حسابه على "تويتر" قبل الزيارة بأن هناك "مفاجأة كبيرة لمصر"، تبين أنها كانت مساعدة بمبلغ ثلاثة مليارات دولار، وقرض بمبلغ مليار ونصف المليار دولار من أجل الاستثمار في سيناء، وتبرع من أجل إقامة جامعة في سيناء على اسمه، وتعهد بتوفير احتياجات مصر من الطاقة مدة خمس سنوات بواسطة قرض، مع فائدة تبلغ 2 في المئة.
ولكن السيسي يعرف أن الملك لن يكتفي بالرصاصات الـ21 التي أطلقت على شرفه، بحسب برئيل، "فالسعودية قلقة من عدم اندفاع مصر في موضوع إسقاط نظام الأسد في سوريا، ومن موقف السيسي الغامض من إيران، ومن مشاركة مصر المتواضعة جدا في الحرب في اليمن، وهناك أيضا تحفظات للسيسي على سياسة السعودية، لا سيما أنه لا يمكنه تحمل العلاقة الحميمة التي نشأت في السنة الأخيرة بين الرياض وأنقرة، التي تحولت إلى حليفة ومكان للاستثمارات السعودية"، بحسب تعبيره.
رسائل مختلفة
ورأى برئيل أن "السيسي كان يرغب في أن يطلب
الملك سلمان من
أردوغان الاعتذار عن التشهير به في السنتين الأخيرتين، وأن يتوقف عن دعم الإخوان المسلمين، وعن التدخل في شؤون مصر الداخلية، ولكن بدلا من ذلك جاء الملك سلمان إلى القاهرة برسائل مختلفة.
وجاء الملك سلمان إلى مصر برسائل مفادها أن "الإخوان المسلمين هم شركاء في الصراع ضد الحوثيين في اليمن، وأن ضم حماس إلى التحالف العربي هو أمر حيوي من أجل كبح التأثير الإيراني، وأن تركيا هي الحليف الذي يجب على مصر التصالح معه"، بحسب تعبير برئيل.
واحتفت وسائل الإعلام في مصر بزيارة الملك، وعلاقة السعودية ومصر، وهي تصف اللقاءات التي يجريها الملك سلمان مع رؤساء الكنيسة القبطية، وهي نفس وسائل الإعلام التي تحدثت قبل عام عن "التحول السلبي في السياسة السعودية تجاه مصر"، وأبدت تخوفها من أن الملك سلمان سينحرف عن سياسة سلفه الملك عبد الله، تجاه مصر.
أسئلة متبادلة
وليس المصريون وحدهم هم الذين ينتظرون نتائج زيارة الملك سلمان، ففي أنقرة أيضا ينتظرون رؤية ما إذا كان الملك سيجلب معه صيغة للمصالحة تعيد تركيا إلى السوق المصرية التي انفصلت عنها قبل أكثر من سنة، بحسب برئيل، الذي نقل عن مصدره التركي قوله إن "الملك السعودي سيسأل أردوغان: إذا كنت تستطيع التصالح مع إسرائيل، فلماذا لا تتصالح مع مصر؟"، والذي أشار إلى أن الملك سلمان سأل السيسي: "كيف يُعقل أنه يتعاون مع إسرائيل ويقوم بقطع علاقته مع دولة إسلامية؟".
واعتبر برئيل أن هذا التعاون بين إسرائيل ومصر هو الذي منح السيسي "الحق" في الاستيضاح عما إذا كان بنيامين نتنياهو ينوي "خيانة" مصر، وأن يعانق مجددا أردوغان الذي يدافع عن الإخوان المسلمين..
ووعدت إسرائيل أن تضع مصر في صورة الأمر، ولكن "المشكلة هي أن كل اتفاق كهذا من شأنه أن يحرج مصر لأنها قد تكون الدولة الوحيدة التي تفرض الحصار على غزة، ومن هنا يأتي اهتمام حماس وانتظارها لنتائج زيارة الملك سلمان في أنقرة"..
وفي حين أن المصالحة بين إسرائيل وتركيا ستضمن مرور البضائع والأشخاص عن طريق المعابر الإسرائيلية، فإن المصالحة بين أنقرة وإسرائيل من شأنها أن تفتح معبر رفح، ومن أجل حدوث ذلك يجب على "حماس" أن تتنصل من الإخوان المسلمين، كما فعل إخوانها في الأردن في شهر شباط/ فبراير الماضي.
واختتم برئيل بقوله إن "هذا الشرط المصري الأساسي وضع "حماس" أمام خيارين: إما الحصول على الدعم السعودي والاستمرار في البقاء، أو تشديد الخناق أكثر فأكثر على عنقها"، موضحا بقوله: "الآن جاء دور أردوغان ليقوم بتحريك أدواته".