رصد عدد من السياسيين والنشطاء توسع قائد الانقلاب عبد الفتاح
السيسي في استخدام كلمات التهديد والوعيد، أو الإفلاس والضياع، أو الجوع والعطش، في خطاباته للمصريين، بعد أن كانت بين الأمل والنور، ومن "بكره تشوفوا
مصر، إلى "أجيبلكم منين".
وخلال الآونة الأخيرة، عبر السيسي بشكل واضح عن انهيار في معنويات المصريين؛ بسبب تراكم
الأزمات واتساعها، في ظل غياب أي مؤشرات على تحسن الأوضاع في بلد يقطنه أكثر من 90 مليون نسمة، يقبع قسم كبير منهم تحت خط الفقر.
السيسي عذاب حل بمصر
وفي هذا السياق، وصف المتحدث باسم التحالف الوطني لدعم الشرعية، إسلام الغمري، السيسي بأنه "عذاب حل بمصر، يشبه ما كان يعرف بلعنة الفراعنة، وكل الأحلام التي وعد المصريين بها تبخرت، وأصبحت كوابيس مرعبة".
وقال لـ"
عربي21": "أصبح (السيسي) يبشر الناس بالجفاف، بل الشرب من مياه الصرف الصحي بعد تكريرها، وأصبح الموظفون مهددين بالطرد من وظائفهم، فهو لا يحتاج سوى مليون واحد فقط من سبعة ملايين".
وأشار الغمري إلى أن السيسي أصبح "يشحت من المصريين الغلابة، ويطلب منهم أن "يصبحوا على مصر بجنيه"، والمصانع أغلقت، والسياحة دمرت، وقناة السويس تراجعت عوائدها. فالناظر يدرك أن البلد أصبحت مقبلة على انهيار حقيقي، حيث لا أفق ولا رؤية لحل الأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وهلم جرا؛ فالأمور مرشحة لمزيد من الأزمات"، وفق تقديره.
وقال إن "مصر أصبحت في حاجة لمعجزة إلهية لإنقاذها قبل الغرق في الفوضى أو الطوفان، ولا تزال المؤسسة العسكرية تتحمل مسؤولية ما حل من مصائب، ويجب عليها أن تساعد في إنقاذ البلد، وتصحيح المسار قبل فوات الأوان"، مطالبا بأن "يعلن العسكر انسحابهم من الحياة السياسية تماما، بعد أن يقوموا بعملية جراحية عاجلة لإنقاذ ما تبقى من الوطن".
هكذا تبدأ الأنظمة الشمولية
وقال النائب السابق والسياسي، ثروت نافع، إن "كل الديكتاتوريات والأنظمة الشمولية تبدأ بالوعود الزائفة، والترويج لأوهام، ثم تتحول إلى فرض السيطرة بالقوة والترهيب لكل من يعارضها".
وتابع في حديث لـ"
عربي21": "بالطبع هذا ما يؤدي إلى انحدارها بمعدلات أسرع نحو الهاوية في كافة المجالات؛ لذلك نحن نرى الآن هذا التحول في الخطاب للسيسي ودولته، من استعطاف وكلمات من قبيل "إذا أردتم أن أرحل فلا داعي للنزول وسأرحل" إلى "أنتم فاكريني حمشي ولا إيه؟"، وهذا التحول الفج تم في أقل من أسابيع معدودة"، كما يقول نافع.
وشدد أن زيادة الوعي في الشريحة الأكبر من الشعب أثارت مخاوف النظام الحالي في مصر، ما دفع للغة الوعيد والتهديد، معتبرا أن "نجاح المعركة مع هذا النظام الفاشي له ركيزتان مهمتان، وهما: الاصطفاف المجتمعي الحقيقي، وزيادة الوعي لدى المواطن البسيط".
التلاعب بأحلام المواطنين
بدوره، أرجع المتحدث الرسمي باسم المجلس الثوري المصري، أحمد حسن الشرقاوي، تراجع السيسي عن وعوده إلى "استنفاد الهدف من إطلاق تلك الوعود، وثانيا إدراكه أن ثورة التوقعات المتزايدة لدي مؤيديه تقود إلى ثورة إحباطات متزايدة، وثالثا افتقاره إلى برنامج محدد للتنمية الاقتصادية، ورابعا أسلوب إدارة العسكر لا يعتمد على خطط اقتصادية واضحة المعالم والأهداف".
وقال لـ"
عربي21": إن "تغير لهجة خطابات السيسي ومضمونها، تشير إلى أن الأحلام غير المدروسة، والآمال غير المحسوبة، التي وضعها أمام الشعب المصري ليحصل على تأييده لانقلابه وخارطة طريقه، ومذابحه ضد خصومه السياسيين، كلها تكسرت على أرض الواقع"، وفق تعبيره.
وأكد أن "المواطن العادي الذي بدأ مع السيسي بكل هذه الأحلام شعر بمدى الخديعة، ولم تتمكن الوعود والأحلام والكلمات المعسولة من تحسين مستوى حياته ومعيشته، بل إنه بدأ يدرك حجم الخديعة التي تعرض لها"، معتبرا أن زيادة اللغط حول الوضع في مصر دفع السيسي إلى احتكار الحقيقة لنفسه دون غيره، سواء من أعضاء حكومته أو من مؤيديه.
الثنائية القديمة والجديدة
ورأى الباحث في شؤون الاقتصاد والعدالة الاجتماعية، تامر وجيه، أن خطابات السيسي الأخيرة " بين ثنائية البؤس والفقر، والتهديد والوعيد، والإفلاس والضياع، والجوع والعطش، أحبطت جميع من أيده وناصره، واعتقد بنجاح مشاريعه".
وقال وجيه لـ"
عربي21": "كانت الآمال معقودة على ثنائية مختلفة قوامها "بكره تشوفوا مصر"، "وطول ما حنا كده محدش هيقدر يفرقنا"، وجملته الأشهر "أنتم نور عينينا" و"مصر قد الدنيا".