عود على بدء.. هكذا يبدو المشهد السياسي في
مصر الآن بعد خمس سنوات من تنحي الرئيس المخلوع حسني
مبارك، وتسليم إدارة البلاد إلى المجلس العسكري، الذي أعاد من جديد إنتاج "نظام مبارك" ولكن بشكل أكثر عنفا، وفق العديد من السياسيين.
ففي الذكرى الخامسة لتنحي مبارك لم يخرج المصريون للاحتفال بإسقاط "الديكتاتور الفاسد"، خشية الاعتقال، واكتفى عدد قليل بتنظيم وقفة احتجاجية على أدراج نقابة الصحفيين بالقاهرة، للمطالبة بإزاحة "مبارك ونظامه" من السلطة الحالية التي تدير الدولة منذ تنحيه، وإسقاط حكم العسكر.
رجل بلا منطق
وفي هذا السياق، قال زعيم حزب غد الثورة، أيمن نور، إن المصريين فقدوا الحرية والديمقراطية.
وأضاف لـ"عربي21": "فقدنا أي أمل في استعادة حرياتنا مجددا، دون إسقاط حكم العسكر، فلا أمل في أي تقدم اجتماعي واقتصادي في ظل رجل يدير البلاد بلا رؤية، أو بلا منطق أو عقل أو عدل".
وأوضح أن "تقييم المصريين بعد سنوات من الكبت والقبضة الحديدية، وتردي الأحوال المعيشية لملايين المصريين اختلفت، وأدركت الأغلبية أن هذا النظام زائف، ولم يقدم غير الوعود"، بحسب وصفه.
ورأى نور أن "ما فقده نظام
السيسي من قواعد شعبية زائفة كان بسبب انكشافه أمام الجماهير المخدوعة، وتيقنها من حجم الزيف الذي روج له، والوعود الكاذبة التي أطلقها، والمشاريع الوهمية التي لم تنعكس عليهم (الناس) إلا بالضيق، والتقشف، والغلاء، والبلاء".
روح الاصطفاف
أما البرلماني السابق، ثروت نافع، فدعا "جميع المخلصين العودة إلى روح الاصطفاف مره أخرى"، معتبرا أن "أي حراك دون توافق وعودة لروح يناير، سيكون من الطبيعي التخلص منه من خلال آلة القمع الموجودة الآن، ولن يترددوا (السلطة) في التوغل فيها ما داموا اطمأنوا إلى أنها محصورة في فصيل بعينه".
وقال لـ"عربي21": "يجب أن يكون مشروعنا الأساسي هو التفافنا جميعا حول رؤية واضحة، ومشتركة للوطن، تعبر عن اتجاهات مختلفة، وتمثل الشريحة الأعظم من المجتمع؛ وبذلك نحظى بتوافق القطاع العريض من الشارع، الذي سيُسهل عليه الحراك عندئذ؛ لأنه يرى مستقبلا، وليس مجهولا كما سبق".
وعزا نافع تراجع حالة الزخم الثوري في الشارع المصري إلى "علو صوت معسكر الاختراق الذي جذب إليه قطاعا كبيرا من معدومي الرؤية والنظرية، والطرح والحل، وهذا ما يدفع دائما لتأخر الحالة الثورية الحقيقية التي يرتعد منها نظام العسكر، إيمانا منه أنها الوحيده القادره على التصدي له"، بحسب تعبيره.
التعبئة مستمرة
من جهته، رأى الباحث السياسي، محمد عصمت سيف الدولة، أن "العمل الوطني والثوري عمل تراكمي".
وقال لـ"عربي21": "في الذكرى الخامسة لا بد أن تظل حملة التوعية، وتستمر التعبئة من أجل استعادة ثورة يناير".
وأكد أن "الشرعية الوحيدة هي شرعية ثورة يناير، وما عدا ذلك ارتداد عليها، خاصة أن هناك معادلة مهمة في العالم العربي، فلم يعد يقف خلف المشهد السياسي قوى واحدة بل المئات"، مضيفا: "دعنا ننتظر ونرى، ولنؤكد معنى واحد: أن ثورة
25 يناير اليوم هي أقوى من ثورة العام الماضي في ذلك التوقيت"، وفق تقديره.
ووصف سيف الدولة؛ قبول المجتمع الدولي لنظام السيسي، بالرغم من قمعه للحريات، بأنه "تحيز لمصالحهم، وليس لمصالح الشعوب كما يدعون"، مشيرا في الوقت نفسه إلى "اعتماد الغرب الروشتة المصرية الداخلية في التعامل مع المشهد السياسي".
وقال: "باختيار مصر رئيسا للجنة مكافحة الإرهاب في مجلس الأمن، ومشاركة نظام السيسي في ما يسمى بمكافحة الإرهاب".
لا سياسة في مصر
وفي الذكرى الخامسة لتنحي مبارك، اختفت جميع الفعاليات الحزبية المعتادة في مثل ذلك اليوم منذ خمس سنوات.
وعزا الباحث السياسي جمال نصار؛ ذلك إلى عدم وجود سياسة في مصر. وقال لـ"عربي21": "ما حدث هو عملية سطو، ولا مكان للعمل السياسي إلا بموافقة أمنية".
وأكد أن "الأحزاب الموجودة الآن على الساحة تدور في فلك النظام الانقلابي، ولا يصح أن نتحدث بلغة السياسة في ظل عدم وجود مجتمع مدني حقيقي بمؤسساته وأحزابه ومنظماته"، مضيفا: "لقد تم القضاء بكل فجاجة على الحريات العامة، وحقوق الإنسان".