أدانت منظمة "هيومان رايتس مونيتور" (جهة حقوقية مستقلة) التوجهات التي تعدها أطراف في
البرلمان المصري في الفترة الأخيرة، بشأن حظر
النقاب في المؤسسات الحكومية والأماكن العامة، وتعتبرها مخالفة للقواعد القانونية التي نص عليها
الدستور المصري.
وكانت أستاذة العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، عضو مجلس النواب آمنة نصير، أعلنت عن مشاركتها في إعداد مشروع قانون يلزم بمنع النقاب في المؤسسات الحكومية والأماكن العامة، وذلك من خلال ائتلاف "دعم مصر" لتقديمه للبرلمان في الفترة المقبلة.
وأشارت نصير يوم السبت الماضي، أنها ستجري اتصالات بمن يعدون مشروع قانون يلزم بمنع النقاب وتغطية الوجه للمشاركة فيه ودعمه، مشيرة إلى أن "النقاب شريعة اليهود وعادة وليس تشريعا إسلاميا".
واعتبرت "هيومان رايتس منيتور" تلك المحاولات انتهاكا للحريات الشخصية التي نصت عليها القوانين المصرية، باحترام الخصوصيات الثقافية، ما لم تصطدم بالنظام العام، في ضوء وجود موظفات وإداريات بالمصالح الحكومية يمكنهن التحقق من شخصية المنقبات، كإجراء أمني.
ويتعارض توجه المؤسسات الحكومية المصرية مع المادة 2 بدستور مصر الصادر في 2014، والتي تنص على: "أن الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع"، والمادة 8 التي تنص على: "أن تلتزم الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز".
ودعت "هيومان رايتس مونيتور" السلطات المصرية إلى التراجع عن تلك الخطوات التي تثير العنصرية والتمييز ضد فئات من المجتمع، التزاما بالمادة 11 من الدستور التي تنص على "أن تكفل الدولة تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا لأحكام الدستور".
وكذلك المادة 14 من الدستور التي تنص على أن "الوظائف العامة حق للمواطنين على أساس الكفاءة ودون محاباة أو وساطة وتكليف القائمين بها لخدمة الشعب وتكفل الدولة حقوقهم وحمايتهم وقيامهم بأداء واجباتهم في رعاية مصالح الشعب ولا يجوز فصلهم بغير الطريق التأديبي إلا في الأحوال التي يحددها القانون".
كما دعت المنظمة السلطات المصرية إلى الالتزام كذلك بالمادة 53 التي تنص على أن المواطنين لدى القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة لا تمييز بينهم بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون أو اللغة أو الإعاقة أو المستوى الاجتماعي أو الانتماء السياسي أو الجغرافي أو لأي سبب آخر".
وشددت "هيومان رايتس مونيتور" على أن حظر النقاب ينتهك بصورة صارخة المادة 64 التي تنص على أن "حرية الاعتقاد مطلقة وحرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة لأصحاب الأديان السماوية حق ينظمه القانون".
يذكر أنه في الفترة الأخيرة، أصدر رئيس جامعة القاهرة، جابر نصار، قرارا بحظر ارتداء النقاب للقائمين على علاج ورعاية المرضى في أثناء أداء عملهن داخل مستشفيات قصر العيني الجامعية، والوحدات العلاجية التابعة لها.
وسبق ذلك، إصدار نصار قرارا، حمل رقم 1448 لسنة 2015، بشأن حظر النقاب لأعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة من طلاب الدراسات العليا داخل المعامل البحثية ومراكز التدريب العلمية.
وفور صدور القرار، أقام عدد من المحامين دعاوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، لإلغاء القرار.
بينما قضت محكمة القضاء الإداري في 19 كانون الثاني/يناير الماضي، برفض الدعاوى القضائية المطالبة ببطلان قرار رئيس جامعة القاهرة جابر نصار بحظر النقاب لأعضاء هيئة التدريس بالجامعة.
وهو ما تعتبره "هيومان رايتس مونيتور" مخالفا للمادة 92 من الدستور المصري، والتي تنص على: "أن الحقوق والحريات اللصيقة بالمواطن لا تقبل تعطيلا أو انتقاصا ولا يجوز لأي قانون ينظم الحقوق والحريات أن يقيدها بما يمس أصلها وجوهرها".
ودعت المنظمة مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية بدعم المنقبات وحماية حريتهن الشخصية، وتفعيل المادة 99 من الدستور التي تنص على: "أن كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم".