نشرت صحيفة لاتريبين الفرنسية المتخصصة في الاقتصاد، تقريرا حول الأزمة التي تشهدها إدارة موقع
التواصل الاجتماعي "
تويتر"، بسبب جمود عدد المشتركين وتدهور القيمة السوقية للأسهم، ما دفع بإدارة الشركة إلى قبول تغييرات جديدة على الموقع، قد تفقده رونقه ومميزاته وتجعله شبيها بفيسبوك.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن إدارة موقع تويتر تمر بأزمة خانقة، حيث إن جاك دورسي، الرئيس الجديد للشركة منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، يواجه موقفا صعبا بعد أن تم الأربعاء الماضي نشر البيانات المالية للشركة، التي أظهرت مؤشرات سلبية.
فبينما انتظر أغلب المحللين ارتفاعا طفيفا في عدد مشتركي تويتر، فإن النتائج أظهرت أن العدد لم يتطور، ما يعني توقف انتشار الموقع، على عكس الخدمات المنافسة، مثل
فيسبوك ومسنجر وإنستاغرام وسناب شات، التي تواصل نموها بشكل سريع، بينما بقي عداد "العصفور الأزرق" متوقفا عند 320 مليون مشترك نشيط.
وقالت الصحيفة: "بما أن المصائب لا تأتي فرادى، فإن موقع تويتر أعلن أيضا تخفيض رقم إيراداته المنتظر للربع الأول من سنة 2016، ليتراوح بين 595 مليون دولار و610 مليون دولار، بينما كان الرقم المنتظر من قبل خبراء الشركة في البداية في حدود 627 مليون دولار.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه المؤشرات السلبية أثارت قلق مالكي أسهم الشركة، الذين بدأوا يشعرون باليأس من أن يصبح هذا الموقع مصدر ربح وفير بالنسبة لهم، وينجح في زيادة عدد مشتركيه، وهو ما أدى إلى خسارة أسهم الشركة حوالي ثلاثة في المئة من قيمتها في معاملات الأسهم الأربعاء الماضي، وهو ما يعني تواصل النزيف الذي تعاني منه الشركة منذ سنة، حيث انخفضت قيمة السهم الواحد بنسبة الثلثين، وهبطت يوم الثلاثاء الماضي إلى مستوى قياسي بلغ 14,32 دولارا.
وفي المقابل، أشارت الصحيفة إلى وجود بعض المؤشرات الطيبة على الرغم من المشكلات التي تعاني منها الشركة، حيث إن التقارير الأخيرة أشارت إلى نمو عائدات الدعاية التي تمثل 90 في المئة من الإيرادات، بنسبة 48 في المئة خلال سنة واحدة، لتبلغ 641 مليون دولار، فيما انخفضت خسائر الشركة إلى 90,2 مليون دولار مع نهاية سنة 2015، في مقابل 125,4 مليون دولار في السنة السابقة.
واعتبرت الصحيفة أن هذه المؤشرات التي تأتي لتعوض عن المشكلات التي تتخبط فيها الشركة، جاءت كثمرة للتغييرات التي أحدثها الرئيس المدير العام جاك دورسي، الذي عمل على تطوير موقع تويتر ليصبح مشابها لموقع فيسبوك المنافس، بعد أن اعتبر أن طريقة عمل العصفور الأزرق في السابق كانت نخبوية ومعقدة، ما يعيق اجتذاب مشتركين جددا، ولذلك قرر إدخال تغييرات، من بينها التخلي عن بعض المميزات التي ارتبطت باسم تويتر، من أجل الانفتاح على شرائح أوسع من المستخدمين، وبهدف الاستفادة ماديا من هؤلاء، عبر التقرب من الشركات العالمية وعرض الموقع كمنصة للدعايات التجارية.
واعتبرت الصحيفة أن هذا يعني أن تويتر بصدد التغير بشكل جذري، حيث إنه يمر من كونه وسيلة إعلامية بسيطة تنشر المعلومات بشكل فوري، إلى منصة إعلامية قادرة على توفير جملة من الخدمات للأفراد وللشركات في مقابل مداخيل مهمة.
وقالت الصحيفة إن التحدي الكبير الذي واجهه تويتر، هو كيفية اجتذاب الشركات الكبرى، ولهذا الغرض عملت إدارة الموقع على عرض خدماتها على أكبر الشركات لتسويق منتجاتها عبر تويتر، من خلال التغريدات ومقاطع الفيديو المدعمة، ومن خلال الاتفاق معها على اعتماد تويتر كمنصة للتواصل مع عملائها.
وذكرت الصحيفة أيضا أن تويتر ينوي تعزيز الموقع في سنة 2016 عبر إدماج تطبيقي الفيديو "فاين" و"بيريسكوب"، اللذين قام بضمهما في آذار/ مارس الماضي، بهدف دفع المستخدم لقضاء وقت أطول على الموقع، على غرار ما يحدث في موقع فيسبوك، من أجل حصد ثمار هذا الوقت وترجمته إلى أرباح مالية عبر مداخيل الإعلانات.
وقالت الصحيفة إن التغييرات الجديدة التي يشهدها تويتر، مثل تغيير نجمة اختيار التغريدات المفضلة بقلب أحمر، وإلغاء تحديد عدد الحروف المسموح بها في كل تغريدة، وإلغاء الترتيب الزمني لهذه التغريدات، قد يعني فقدان تويتر لروحه ورونقه الأصلي، وتحوله إلى نسخة من فيسبوك تحت ضغط المستثمرين والمصالح المادية.
وأضافت الصحيفة أن أوفياء وعشاق هذا الموقع احتجوا على هذه التغييرات خلال الأسبوع الماضي، عبر وسم "ارقد في سلام يا تويتر"، لأنهم يعتبرون أن كل المميزات التي جعلتهم يرتبطون بهذا الموقع بصدد التلاشي. ولذلك، فإن إدارة تويتر تواجه الآن معضلة كبرى، هي كيفية تقديم هذه التغييرات للمستخدمين بشكل تدريجي، دون دفعهم للمغادرة إذا شعروا أن تويتر يفقد كل مميزاته.