نشرت مجلة سلايت الناطقة باللغة الفرنسية، تقريرا حول العوامل التي تحدد ما يظهر لمستعملي
فيسبوك، عندما يقومون بفتح حساباتهم ومتابعة المنشورات بشكل عشوائي، عرضت خلاله هذه العوامل والخوارزميات التي وضعتها إدارة فيسبوك لاختيار المنشورات وترتيبها في حائط كل مستخدم.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن ثلاثة عوامل أساسية تحدد ما يظهر لمستخدمي فيسبوك، رغم أنه يخيل لهم أن ذلك يتم بشكل عشوائي، وهذه العوامل هي مجموعة من المهندسين في مقر الشركة في كاليفورنيا، وبقية الأصدقاء على فيسبوك، وسلوك المستخدم ذاته.
ففي كل مرة يقوم المستخدم بفتح حسابه على فيسبوك، تنطلق في اللحظة ذاتها أصعب معادلة خوارزميات تم إنشاؤها وأكثرها تعقيدا، وهي تقوم بعملية مسح وجمع لكل ما تم وضعه على فيسبوك خلال الأسبوع المنقضي من قبل كل شخص من أصدقاء صاحب الحساب، وكل صفحة يتابعها أيضا، وكل مجموعة هو عضو فيها، وكل شخص يتابعه، وهذا يعني بالنسبة للمستخدم العادي حوالي 1500 منشور. ولكن هذا الرقم يرتفع في أغلب الحالات عندما يكون عدد الأصدقاء بالمئات، حيث يصل إلى أكثر من 10 آلاف منشور. تقوم هذه المعادلة بتحليلها وأخذ القرارات بناء عليها.
وأضافت المجلة أن إدارة فيسبوك وضعت معادلة حسابية معقدة، وهي تحرص على عدم الكشف عنها، وتقوم في الوقت ذاته بتطويرها باستمرار. ومعادلة فيسبوك هذه هي التي تحدد ترتيب المنشورات كما تظهر لنا في الشاشة انطلاقا من تحديدها لعلاقاتنا واهتماماتنا.
وأكد التقرير أن لا أحد من خارج إدارة فيسبوك ومهندسيها يعرف كيف يحدث هذا الأمر على وجه الدقة، لأنه يعدّ من أسرار الشركة الحساسة والثمينة؛ إذ إن هذا السر يتعلق بما يشاهده الناس بشكل يومي، وبالتالي يؤثر على حياتهم الشخصية وسلوكياتهم المتعلقة بوسائل
التواصل الاجتماعي. ويخص هذا الأمر أكثر من مليار مستخدم يوميا، أي حوالي خمس الراشدين في كافة أنحاء العالم.
ويقول التقرير إن هذه المعادلات والخوارزميات المعقدة التي تعمل بشكل آلي، أحدثت ثورة في عالم الإنترنت والإعلام، وساهمت في صعود شركات جديدة مثل "بازفيد" و"فوكس"، في مقابل موت وسائل الإعلام التقليدية، مثل الصحف.
وقد مكنت هذه الخوارزميات أيضا شركات صاعدة مثل "زينغا" و"ليفينغ سوشال"، من كسب مليارات الدولارات في وقت قياسي. ويقول الخبراء إن تغييرا بسيطا في هذه المعادلة التي تتحكم في ما يظهر لنا في فيسبوك يمكن أن يجعلنا سعداء، أو على العكس يجعلنا نشعر بالحزن، ويمكن أن يعرضنا لأفكار جديدة أو مفيدة، أو العكس تماما، ويمكن أن يجعلنا في عزلة داخل تيار إيديولوجي معين.
وأضافت المجلة أن إدارة فيسبوك شعرت بتزايد التساؤلات المتعلقة بهذا الجانب الخفي من نشاطها، وقامت في الأشهر الأخيرة بتنظيم تجارب أمام بعض المستخدمين، وقدمت لهم أمثلة عن الأشخاص الذين يشاهدون منشوراتهم، واحتمالات وصول كل منشور لكل شخص من قائمة الأصدقاء.
وقال التقرير إن هذه الخوارزميات لا تعمل فقط على توقع الأشياء التي يحب المستخدم مشاهدتها بناء على سلوكاته السابقة، بل تتوقع أيضا الأشياء التي سينقر عليها أو يعلق عليها أو يقوم بمشاركتها، أو حتى التي سيقوم بإخفائها وإرسال إشعار لإدارة فيسبوك بإزالتها؛ لأنها غير مقبولة.
وفي النهاية، فإن أول شيء سيشاهده المستخدم في لحظة دخوله حسابه على فيسبوك، هو في الحقيقة ما أظهرت حسابات الخوارزميات أنه الشيء الذي سينجح في إضحاك المستعمل أو دفعه للبكاء أو الابتسام، أو يقوم بضغط زر الإعجاب أو مشاركة ذلك المنشور.
وذكرت المجلة أن سنة 2013 مثلت نقطة تحول في تاريخ فيسبوك؛ حيث أصبح في تلك السنة الشركة الأهم في العالم، وقد تجاوز هذا الموقع الاجتماعي حاجز مليار مستخدم، ودخل البورصة بقيمة سوقية فاقت مئة مليار دولار. وبعد أن أمضت الشركة السنة السابقة في تصميم برمجية تناسب الهواتف الذكية، سرعان ما انتشرت وحظيت بشعبية كبيرة في الولايات المتحدة، وأصبح الناس يقومون بتنزيلها على هواتفهم أكثر من برمجية البحث في غوغل وبرمجية خرائط غوغل.
وبفضل هذه التطورات، تجاوز فيسبوك كونه وسيلة للتواصل مع الأصدقاء، وأصبح بمثابة صحيفة عالمية للقرن الواحد والعشرين، تقوم بعرض الأخبار والترفيه وأحوال الأصدقاء والأقارب بشكل لا متناه، ومتغير بصفة متواصلة بحسب اهتمامات كل مستعمل.
وأشار التقرير أيضا إلى أن زر الإعجاب (لايك) ليس مجرد وسيلة ابتكرتها إدارة فيسبوك من أجل السماح للمستخدمين بالتفاعل وإظهار إعجابهم، بل هي أيضا وسيلة تستعملها الإدارة لتحسين برمجياتها وخوارزمياتها التي تقوم بترتيب النشريات على حائط كل مستعمل بحسب اهتماماته. وهو أمر لا يشعر به المستخدمون؛ حيث إنهم لا يلاحظون أن المواضيع التي يضعون عليها لايك تصبح أكثر تواترا على حائطهم.