رأى مراقبون وسياسيون أن إحياء الذكرى الخامسة لثورة
25 يناير في
مصر كان ضرورة حتمية، بغض النظر عن الأعداد المشاركة ونتيجة الحراك الشعبي، خاصة مع تحول البلاد إلى ثكنة عسكرية.
واعتبر بعضهم أن النزول إلى الشارع، بالرغم من النهاية المتوقعة والمصير المحتوم لمن أخذ على عاتقه قرار النزول، حمل في طياته رسالة هامة إلى النظام المصري، مفادها أن "الحراك الثوري لم يمت، ولن يموت".
إسقاط النظام
وقال المتحدث باسم التحالف الوطني لدعم الشرعية، إسلام الغمري، إن "الشعب المصري أبدى شجاعة منقطعة النظير طوال السنوات الخمس الماضية"، مضيفا لـ"عربي21" أنه "بالرغم من تحول البلاد إلى ثكنة عسكرية، خرج من يردد: الشعب يريد إسقاط النظام".
ووصف نزول الآلاف إلى الشوارع بمثابة رسالة إلى النظام بأن "الثورة لا تزال تتنفس في صدور الناس، وأنها مستمرة"، داعيا النظام إلى "ألّا يغتر إن زاد يوما، أو شهرا، أو عاما في عمره، فالشعوب تنتصر، والطغاة إلى زوال"، وفق قوله.
وشدد على أن "الحقوق لا توهب، ولكن تنتزع، وندرك أن لحظة الانفجار الثوري لا يعلمها إلا الله، ولكننا نعلم أن هناك واجبا لله ثم للوطن لا بد أن تدفعه الشعوب، وأن حلاوة الحرية لن يكون إلا بتجرع الدواء المر"، بحسب تعبيره.
غياب الاستراتيجية
من جهته، رأى الباحث في شؤون الاقتصاد والعدالة الاجتماعية، تامر وجيه، أن جميع القوى السياسية، التي شاركت أو لم تشارك، "تنقصها الاستراتيجية الواضحة لكيفية الانتصار لأهدافها".
وقال لـ"عربي21": "إن الذين قرروا عدم النزول ليس لديهم تصور لكيف يمكن أن تجري المقاومة وتنتصر، أما الذين تظاهروا فلديهم استراتيجيتهم الخاصة للتغيير تتمثل في أن المقاومة ضرورية حتى في أحلك الظروف"، وفق تقديره.
إرادة التحدي
أما المتحدث الرسمي باسم المجلس الثوري المصري، أحمد حسن الشرقاوي، فذهب إلى القول بأن "نزول الناس للشوارع في 350 فعالية في مختلف أنحاء الجمهورية يؤكد وجود رغبة أكيدة في تحدي النظام، رغم قسوة الإجراءات الأمنية والأجواء".
وأضاف لـ"عربي21" قائلا: "المصريون الآن انتقلوا من مربع الصمود في مواجهة الانقلاب العسكري إلى مرحلة المقاومة الشعبية، لهذا فإن النظام بات يدرك حجم الرفض الشعبي له ولسياساته؛ بدليل الاستعدادات الأمنية غير المسبوقة".
وشدد على أن قرار قوى سياسية بالتظاهر من عدمه "هو قرار داخلي، مرتبط بالمتغيرات على أرض الواقع"، وأن "المتغير الحاسم هو عنف القبضة الأمنية، مقارنة بما كانت عليه في فترة حكم المخلوع مبارك"، كما قال.
الوقت مبكر للجزم
بدوره، اعتبر رئيس محكمة المنصورة الابتدائية، المستشار عماد أبو هاشم، أنه من المبكر جدا تقييم الحراك الثوري اليوم، الذي يتجدد كل عام في ذكرى ثورة 25 يناير، قائلا لـ"عربي21": "قد يستمر الحراك الثوري هذا العام ليمتد إلى الأيام القادمة".
ورأى أن الحشد الثوري في الذكرى الخامسة، "وإن كان مرضيا، إلا أنه كان رمزيا، تمهيدا للتصعيد، للوصول إلى درجة الحشد الشعبي الكامل الذي ربما يأخذ الإعداد له طريقا مختلفا عن ذي قبل"، وفق قوله.
وأكد أنه "من المبكر جدا الجزم أيضا بالمواقف النهائية لكافة التكتلات الثورية، التي أحجم بعضها عن المشاركة؛ إذ إنه ربما تتغير المواقف بين عشية وضحاها بتغير الظروف واستعادة الثوار الثقة بثورتهم".
النزول خير من القعود
من جهته، رأى الصحفي والمحلل السياسي، محمد جمال عرفة، أن النزول بغض النظر عن تهويل عدد المشاركين أو تهوينه، يحسب لمن شارك فيه. وقال لـ"عربي21": "ليس من قعد كمن نزل، فالنضال في الشوارع ليس كالنضال على مواقع التواصل الاجتماعي".
وأكد أن "الكثير من المصريين غير راضين عن أداء الحكومة، وعدم وجود "رؤية" أو "خطة" تسير عليها، والجزء الأكبر منهم يخشي تكرار فوضى ما بعد يناير 2011 التي أدت لعدم استقرار أمني واقتصادي، ويتصور أن "الاستقرار" بشكله الحالي أفضل من "الفوضى" التي يتصور أنها ستشبه ما جرى سابقا".
الغضب الحبيس
بدوره، قال الصحفي والناشط الحقوقي، أحمد أبو زيد، لـ"عربي21": إن "حالة الغضب التي فجرتها سياسات النظام لم تعبر عن نفسها كما ينبغي في الشارع؛ فلا يزال الغضب حبيس النفوس".
وعزا تراجع البعض عن النزول إلى "خوفه من الضريبة الباهظة التي قد يدفعها في ظل جمهورية الخوف"، إلا أنه اعتبر أن الثوار نجحوا "في فرض حالة من الردع أجبرت قوات الأمن على تجنب إراقة الدماء في الشارع بعد سنوات من تمادي النظام فيها، خوفا من أن تجر رائحته آخرين"، كما قال.