عند الحديث عن نجاح النظام السوري في فك الحصار عن بلدتي نبل والزهراء الشيعتين والمواليتين له شمال
حلب، لا بد من النظر إلى الدور المحوري للمليشيات الشيعية من جنسيات متعددة على الأرض، تماما كالذي حصل قبل أشهر قليلة في ريف حلب الجنوبي، فحينها جنّد النظام أيضا المليشيات الشيعية الإيرانية، والأفغانية والعراقية واللبنانية، مستفيداً من الغطاء الجوي الروسي، للوصول إلى قريتي "كفريا والفوعة" الشيعتين المواليتين لنظام الأسد في الريف الإدلبي.
وعلى عكس نجاح قواته شمالا في نبل والزهراء مساء الأربعاء، بعد تنفيذه لاختراق طولي مقدر بحوالي ستة كيلومترات، فشل جنوبا في الوصول إلى بلدتي كفريا والفوعة.
ويبدو أن إدراك
روسيا، التي تتولى مهمة الإسناد الجوي للعمليات العسكرية على الأرض، لمدى ضعف جيش النظام، دفعها إلى محاولة الاستفادة القصوى من قوة هذه المليشيات، لتحقيق تقدم عسكري، من شأنه أن يفصل مدينة حلب عن الحدود التركية، ويفرض واقعا جديدا على الثوار.
كل ذلك أعطى للعمليات العسكرية في مدينة حلب بعدا طائفيا واضحا للعيان، الأمر الذي ذهب برئيس هيئة أركان الجيش الحر، العميد أحمد بري، إلى توصيفه بأنه "صراع سني شيعي" في المدينة، مضيفا: "هذا يدلل على ضعف واضح في الجيش، فليس باستطاعة هذا النظام القتال دون وضع هدف طائفي، يضمن له مشاركة أكبر قدر ممكن من المليشيات الشيعية المساندة له"، وفق تقديره.
وقال في حديثه لـ"
عربي21" إن "النظام غير مسيطر على الأرض"، مشيرا إلى التقاء مصالح الروس مع المليشيات وإيران التي تدعم هذه المليشيات.
وأضاف: "نرى من خلال سير المعارك على الأرض في مدينة حلب تحديدا، أنه لا وجود لعناصر سورية تقاتل، وإن كانت موجودة، فوجودها يكون على شكل مليشيا خارج نطاق تنظيم الجيش".
وأضاف أن "المعطيات تشير إلى تحول الجيش بالكامل إلى مليشيات، وما استخدام العقيد سهيل حسن المعروف بـ"النمر"، لـ"مصطلحات طائفية" إلا دليل واضح على ذلك، وزاد رئيس هيئة الأركان بالقول: "تعتبر حلب اليوم قبلة للمليشيات الشيعية، وما جرى على الأرض يؤكد صحة ما نقول".
وبعد خمسة أيام على اندلاع المعارك شمال حلب، التي انتهت بكسر الطوق عن بلدتي نبل والزهراء الشيعتين، قال قائد لواء صقور الجبل، النقيب حسن حاج علي: "نحن نقاتل على الأرض الإيرانيين والعراقيين واللبنانيين والأفغان، ونتصدى للضربات الجوية الروسية من الجو"، لافتا إلى أن جميع المقاتلين الذين يتولون عملية الاقتحام في محيط نبل والزهراء، من جنسيات مختلفة، وليسوا سوريين، على حد قوله.
ويقارب حاج علي بين كم الطلعات الجوية التي تنفذها المقاتلات الروسية، وبين الصمود الذي تبديه المعارضة، ويقول لـ"
عربي21": "لقد نفذت المقاتلات الروسية خلال العمليات الأخيرة مئات الغارات على المساحات الصغيرة المحيطة بالمناطق التي سيطرت عليها المليشيات مجددا، عدا عن القصف الصاروخي والمدفعي".
ورغم المؤازرات العسكرية التي أرسلتها فصائل المعارضة ووصلت تباعا إلى مناطق الاشتباك، إلا أن الكلمة العليا كانت لسياسة الأرض المحروقة التي أجادت المقاتلات الروسية تنفيذها جوا.
في غضون ذلك، اضطرت صفحة الإعلام الحربي المركزي، وهي صفحة إخبارية موالية للنظام تغطي أخبار المعارك في حلب، لنشر فيديوهات صامتة توضح التقدم الذي أحرزه النظام في قرى للوصول إلى نبل والزهراء، مثل حردتنين، وتل جبين، وذلك تجنبا لظهور أصوات العناصر الأجنبية التي تظهر في الفيديو، بحسب ما قاله ناشطون.
وكان أول ظهور علني للمليشيات الشيعية منذ اندلاع الثورة السورية، سجل في أيار/ مايو 2013، في معركة القصير، حيث كان لحزب الله الدور الرئيسي في تلك المعركة.