فيما تصوروا أنه رد على إدانة تركيا لمذبحة الحياة والحريات التي يتعرض لها المصريون، يردد عملاء الصليبية العالمية -كالببغاوات- الحديث عن "مذبحة الأرمن" باعتبارها إدانة للحكومة التركية، بل للرئيس "أردوغان" شخصيا، وهذا من الجهل الفاضح، والتدليس الواضح، وحسبك أن هذه المذبحة المزعومة يفترض أنها حدثت في العام 1915، يعني قبل أكثر من 40 سنة من ميلاد أردوغان، وقبل نحو 90 سنة من توليه الحكم!
ويقولون إنه يرفض الاعتراف بها وهذه جريمته، ونقول لهم -أيضا بغض النظر عن كذب ادعائهم- هلا طالبتم الصليبيين وأذنابهم -القدامى والجدد- بالاعتراف بمذابحهم القائمة الآن في سوريا وميانمار، والموثقة من قبل في الأندلس، وفلسطين، والجزائر، وليبيا، والقوقاز، وأفغانستان، والعراق.. وغيرها؟ لقد رأينا ضحايا العراق يبلغ عددهم المليونين على الأقل، أليس كذلك؟ بل أين الاعتذار عن "مذبحة الإسكندرية" التي ارتكبتها بريطانيا في مصر؟ و"محرقة أبنود" التي ارتكبتها فرنسا من قبل؟ ألا تثيركم كل هذه المذابح، التي تابعتم بعضها بأعينكم، وجرى في بعضها دماء أجدادكم؟
وأذكركم بأن المذبحة المزعومة يفترض أنها حدثت في 1915، يعني بعد أن أصبحت بقايا الدولة العثمانية عمليا تحت هيمنة حكومة انقلاب جمعية الاتحاد والترقي الماسونية الصهيونية (أتاتورك فيما بعد) وهو الانقلاب الذي عزل السلطان عبد الحميد في 1908. وأيضا أثناء الحرب العالمية الأولى، التي جر "أنور باشا" (قائد الاتحاد والترقي آنذاك) الدولة العثمانية إليها جرا، وأدت إلى احتلال إسطنبول نفسها، ويقال إن الاتحاديين عمدوا إلى نقل سكان المناطق الأرمنية في ولايات الشرق وكيليكيا والأناضول الغربية إلى بلاد الشام، بهدف تأمين حياة السكان المدنيين وحماية القوات المسلحة من خيانة محتملة من جانب العناصر الموالية لروسيا؛ إذ كان بعض الأرمن قد تطوعوا في الجيش الروسي (المعادي) وهو قول لو صح لا يلزم "الإسلاميين" بشيء، بل يبرئهم في واقع الأمر، ويدين أعداءهم الاتحاديين، الذين حكموا بقايا الدولة العثمانية (المحتلة من أعدائها) حتى أسقطوا الخلافة في 1924، وأعلنوا قيام "الجمهورية التركية" لنصبح أمام كيان سياسي جديد، انقطعت صلته بالدولة العثمانية دينا ودستورا ونظام حكم وحتى حروف الكتابة تغيرت بعد قليل. لكن عملاء الصليبية، ولأن "أبوهم أرمنلي" يتجاهلون هذا كله.
يتجاهلون المنطق، كما يتجاهلون الوثيقة التاريخية الأكثر أهمية، التي نتناولها الأسبوع المقبل إن شاء الله، والتي تثبت أن الروس وأتباعهم من الأرمن هم من قتلوا المدنيين في مذابح واسعة.
عن صحيفة الشرق القطرية