اهتمت الصحف
اللبنانية، الأربعاء، بتفاصيل محاكمة الشيخ
أحمد الأسير في قضية "موقوفي عبرا" في جلستها الثالثة، إذ حظيت بتطورات عدة حملت معها مفاجآت تكشف لأول مرة، من أهمها أحداث مهمة حصلت مع المغني
فضل شاكر.
من بين أهم هذه التطورات أن المحكمة العسكرية الدائمة فرعت الملف الأساسي للشيخ الأسير و71 آخرين بينهم ملاحقون غيابيًّا من بينهم فضل شاكر، إلى ملفين، جعلت في الملف الأول الأسير مع مجموعة من المتهمين، فيما شمل الملف الثاني باقي المدعى عليهم، وفق ما نقلته صحيفة النهار اللبنانية.
ثلاث مفاجآت سُجِّلت في جلسة محاكمة موقوفي عبرا. الأولى كانت تفريع الملف، أما الثانية فشهادة الشيخ الأسير، كاشفا أنّه طرد فضل شاكر من عبرا قبيل اندلاع أحداث المسلّحة بأشهر.
والمفاجأة الثالثة، كانت ورود اسم مدير مكتب قائد الجيش اللبناني، العميد محمد الحسيني، بوصفه مفاوضا مع فضل شاكر.
من جهتها، بدأت صحيفة الأخبار بوصف افتتاح الجلسة، إذ قالت: "بعباءة رمادية ونظّارة سوداء طبية ولحية كثّة طالت قليلا عن الجلسة السابقة، جلس إمام مسجد بلال بن رباح بوجه عابس مستمعا قبل أن يُستدعى بصفة شاهد، لا مدعى عليه، رغم اعتراض اثنين من وكلائه".
وتابعت: "أُجلِس خلفه بمقعد الموقوف نعيم عبّاس بوجهه الدائم التبسّم. أما في الجهة الأخرى من القاعة، فجلست والدته وزوجته اللتان أُخضعتا لتفتيش دقيق على مدخل المحكمة، وإلى جانبهما شرطية. وفي تمام الثانية عشرة والنصف افتُتِحت الجلسة".
وبدأت الجلسة باستجواب المحكمة للموقوف هيثم مالك حنقير، الذي سلَّم نفسه في الفترة الأخيرة، وهو الذي يوصف بأنه "أحد حراس فضل شاكر"، لكنه أفاد بأنه بائع سمك، ودأب على تزويد شاكر بثمار البحر بناء على طلب الأخير.
وبحسب ما نقلته الصحف اللبنانية، فإن دور حنقير اقتصر على تأمين حاجيات يريدها شاكر إضافة إلى السمك، وذلك بدل مبلغ تراوح بين 200 و500 دولار شهريا.
يشار إلى أن حنقير سلّم نفسه قبل ثلاثة أشهر إلى القوى الأمنية، نافيا أي علاقة له بما جرى من أحداث مسلّحة.
وأكّد أنّ علاقته بشاكر "تعود إلى ما قبل تديّن الأخير"، إذ إن حنقير كان يوصل كل يومين طلبية سمك لشاكر الذي "يُحب أكل السمك"، نافيا أن يكون قد عمل حارسا شخصيا له في فيلته في صيدا، أو في بيته داخل المربع الأمني لمسجد بلال بن رباح.
وعند حصول الاشتباكات، قال المتهم إنه كان في المسجد يصلي منتظرا شاكر أن يدفع له المال، بدل كمية من السمك كان قد أحضرها له، وإذا به يسمع صوت إطلاق الرصاص، فغادر المسجد إلى الملجأ، حيث أمضى ليلته.
وتابع بأنه توجه من الملجأ إلى بناء المستقبل مع شاكر، بعدما أبلغه الأخير مع رفاقه بأن على كل منهم أن يتدبّر أمر نفسه، مستأجرا لهم شقّة في محلة التعمير.
اجتماع شاكر بالحسيني
وذكر حنقير في روايته تفاصيل مثيرة، إذ إنه كشف أن "شاكر اجتمع قبل فترة من بدء الاشتباكات بالعميد في الجيش الحسيني في مطعم في محيط منطقة عبرا، وجرى تفاوض بينهما على موضوع سحب السلاح من أيدي مجموعة الأسير، لقاء وقف مفعول مذكرات التوقيف بحقهم".
وأضاف أنه لم يكن موجودا عند حصول ذلك الاجتماع، إنما سمع به.
وأوضح أن الاجتماع حصل في مطعم يملكه شاكر في صيدا، قبل أحداث عبرا، لتسوية أوضاع عدد من مرافقيه الذين ظهروا مسلحين أثناء تشييع لبنان العزي، وهو أحد أنصار الأسير في تشرين الثاني/ نوفمبر 2011.
وأبلغ حنقير رئيس المحكمة أن الاجتماع أثار حفيظة الأسير الذي طلب من شاكر أن ينسحب من عبرا. لكن رئيس المحكمة لم يقتنع بأقوال المتّهم لجهة قيام العميد بالتفاوض باسم الجيش فنادى على الشيخ الأسير.
وقف الشيخ الأسير رافعا يده للإجابة عن سؤال رئيس المحكمة العسكرية. وأُخرِج من مكانه ليمثل لأوّل مرة أمام هيئة المحكمة مباشرة، لكن شاهدا. ووسط اعتراض وكلاء الدفاع على الاستماع إلى موكلهم شاهدا، ردّ العميد طلبهم لأن الشاهد لا يحتاج إلى محام.
وتوجّه إلى الأسير مستفسرا عن حقيقة اجتماع شاكر بالعميد الحسيني، فأجاب الأسير بصوت هادئ: "لا أعرف بخصوص اجتماعه أو مع من، لكن شاكر أخبرني أنّه اجتمع مع مسؤولين من الجيش واتفق معهم على تسليم بعض سلاح مرافقيه مقابل سحب مذكرات التوقيف الصادرة بحقهم".
وتابع بأن "شاكر كان قد حضر إلى الحي بعد حادثة مقتل لبنان العزي. وأخذ بيتا، واستأجر محلات رويدا رويدا. وكنا قد اتفقنا ضمنيا أنني إمام مسجد فلا أريد أي تصرّف فردي يُؤدي إلى زعزعة الوضع في المنطقة، ولا بين أبناء الحي الواحد والجيران".
وتدخّل العميد مقاطعا، فردّ الأسير: "اسمحلي بس. أنا طلبت من فضل المغادرة مع شبابه، حتى لا يشكل وجودهم إحراجا لي".
واستأنف بعدها العميد الاستماع إلى إفادة حنقير، فعرض عليه مجموعة من الصور التي تظهره ملازما لشاكر، حيث ظهر في إحداها بلباس عسكري. ثم أرجأ الدعوى إلى 23 شباط/ فبراير المقبل.
قرار المحكمة
وتلا العميد القرار الاتهامي، وفيه أن الأسير تقدم بواسطة وكلائه، بمذكرة دفوع شكلية يطلب فيها بطلان التحقيقات الأولية، وعدم اختصاص القضاء العسكري النظر بالدعوى لجملة أسباب، طالبين إخلاء سبيله ما لم يكن موقوفا لداع آخر.
وقال إن هيئة المحكمة قررت بالإجماع ردّ الدفوع الشكلية، لعدم صحتها وقانونيتها، وجديتها، والسير بالدعوى من النقطة التي وصلت إليها، فاستمهل وكلاء الدفاع لاتخاذ موقف. ثم أرجئت الجلسة إلى 26 نيسان/ أبريل المقبل.
وأعلنت هيئة المحكمة تفريع ملف الدعوى الراهنة إلى ملفين منفصلين.
وعُيّنت جلسة للمتهمين في الملف الأول بتاريخ 26 نيسان/ أبريل المقبل، فيما المتهمون في الفئة الثانية سيحضرون بتاريخ 23 شباط/ فباير المقبل.
وأوضح عميد المحكمة في الختام أنّ تقسيم المتهمين لم يجر بحسب الأفعال الجرمية المنسوبة إليهم، إنما تم عشوائيا، أي إنّه لم يقسم الملف إلى فئة موقوفين خطيرين وفئة أقل خطورة.
علما بأن فصل الملفات كان قد رفض سابقا لاعتبار توقيف الأسير يعيد الأمور إلى نقطة البداية.
أمّا عن السيناريو الذي من المفترض أن تسلكه محاكمة الأسير، فوفقا لصحيفة السفير اللبنانية، فإنّ فريق محاميه سيلجأ خلال الفترة القانونيّة المحدّدة بـ15 يوما إلى محكمة التمييز العسكريّة بغية تمييز قرار المحكمة، بسبب إصرارهم على بند بطلان التحقيقات الأوليّة التي لم تعلّل المحكمة أسباب ردّها.
وبعد ذلك، ستردّ "التمييز" على هذا الطّلب. وعليه، سيعمد المحامون خلال الجلسة المقبلة بالسير نحو الاستجواب أو الاستمهال للاستجواب، لتعود وترجأ الجلسة أشهرا أخرى.
وبحسب صحيفة "النهار"، فقد اعتبرت مصادر قانونية أن إفادتي المتهمين صبتا في مصلحة شاكر.
يشار إلى أن السلطات اللبنانية اعتقلت الشيخ أحمد الأسير منتصف آب/ أغسطس الماضي من مطار بيروت الدولي، بجواز سفر مزور، وبملامح مختلفة، قائلة إنه كان في طريقه إلى القاهرة، ليصل بعد ذلك إلى نيجيريا.
يذكر أن المحكمة العسكرية في بيروت وجهت للشيخ الأسير تهما عدة، من بينها المشاركة في أحداث "عبرا" الشهيرة التي وقعت خلالها اشتباكات بين الجيش اللبناني وشبان سنّة عقب هدم الجيش لمسجد سني، ومحاصرة الشبان المقربين من الأسير.