نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريرا للكاتب إيان بلاك، يعلق فيه على نشر المراجعة، التي طال انتظارها في فكر ونشاطات الإخوان المسلمين في
بريطانيا.
ويقول بلاك إن فكرة
التحقيق لم تكن جيدة، بل حذر دبلوماسيون بريطانيون منذ البداية في نيسان/ أبريل 2014، عندما قرر رئيس الوزراء ديفيد كاميرون إجراء مراجعة في فكر الإخوان، بأنها ستكون رهينة للحظ.
ويشير التقرير إلى "الضغوط التي مارستها دول عربية مستبدة، تعد سوقا مهمة للشركات البريطانية، ولكنها لم تكن متناسبة مع الديمقراطية المتعددة ثقافيا في بريطانيا".
وتبين الصحيفة أن الذي قاد عملية الضغوط كان ولي العهد لإمارة أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد، الذي يعد الحاكم الفعلي للإمارات العربية المتحدة، والذي كان يعارض "بهوس" جماعة الإخوان المسلمين ومنظمات أخرى، وبعضها يقيم في بريطانيا، وصنفها بأنها إرهابية.
ويلفت الكاتب إلى أن
السعودية كانت أكثر تكتما. أما مصر، التي أطيح فيها بنظام ديمقراطي غير شعبي، ورافقت عملية الإطاحة عمليات قتل جماعي، فقد ضغطت بشكل كبير، ولكن دون أن يكون لها وزن اقتصادي.
ويستدرك التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأنه مع هذا كله، فقد كانت لكاميرون أسباب تدعو إلى القلق، ففي نهاية عام 2013 "انتابته نوبة عصبية"، بحسب زميل له، عندما لم يكن أحد من الوزراء يعرف أي شيء عن مناسبة كبيرة عقدها الإخوان في لندن، فقد أصبح موضوع الإخوان من القضايا المهمة في السياسة الخارجية بعد تقدم الإسلاميين في تونس ومصر. وقبل هذا كان هناك موضوع حركة حماس، التي فازت بالانتخابات الفلسطينية، ولكنها واجهت التصنيف بأنها جماعة إرهابية من طرف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وإسرائيل.
وتذكر الصحيفة أن مسؤولين داخل وزارات الحكومة البريطانية يرون أن الأمر بالمراجعة كان خطأ، وأن الحديث عنه بشكل علني زاد من فداحة الخطأ. مشيرة إلى أن هذا يعني أنه لن يتم تدقيق التقرير من الأنظمة العربية، التي لمحت باتخاذ إجراءات في حال لم تكن نتائج التحقيق في صالحها. كما أن التقرير سيتم فحصه من طرف الإسلاميين والداعمين لهم، الذين اعتقدوا أن التحقيق يعرض مبادئ الحرية الأساسية للتهديد.
وينقل بلاك عن مدير مجلس التفاهم العربي البريطاني "كابو" كريس دويل، قوله: "ستشعر الدول والأطراف التي طالبت بريطانيا بالتحرك بالغضب؛ لأنه لم يتم حظر الجماعة". وأضاف: "أما المسلمون البريطانيون والبقية، الذين عارضوا المراجعة، فسيشعرون أنهم صاروا هدفا للملاحقة والتصيد".
ويعلق الكاتب بأن الموضوع الذي امتطى سدة السياسة المحلية والخارجية، كان دائما مدعاة للمشكلات، فقد اتخذ المسؤولون في وزارة الداخلية موقفا ليبراليا، وقالوا إن الإسلاميين في بريطانيا هم "مسيحيون ديمقراطيون ولكن بلحى". أما وزارة الخارجية، فقد كانت منقسمة بشكل مرير في سياستها تجاه الرئيس محمد مرسي في مصر، حيث كان الكثيرون راغبين برؤية نجاح أول حكومة إسلامية لتقويض رواية الجهاديين، إلا أن الدبلوماسيين البريطانيين العاملين في العواصم العربية غالبا ما استمعوا إلى شكاوى من تحول العاصمة البريطانية إلى "لندستان" ومأوى للمخربين الخطيرين.
وترى الصحيفة أن نتيجة المراجعة بأن "العضوية أو الارتباط مع أو التأثر بالإخوان المسلمين يجب أن تكون إشارة للتطرف"، تظهر أن الرأي المتطرف هو الذي تسيد الحكم.
وينوه التقرير إلى أنه "لا يوجد أحد يشك بمصداقية مؤلف التقرير السير جون جينكنز، الذي تقاعد الآن من الخدمة في وزارة الخارجية، فهو مستعرب متنور له إنجازاته ولديه معرفة عميقة بالإسلاميين منذ ظهورهم في مصر بداية العشرينيات من القرن الماضي. ولكن الجانب السلبي في تعيينه أنه كان (رجلنا في الرياض)، وهو ما عزز الانطباع بأن التحقيق الذي تم الأمر به كان لإرضاء السعوديين".
ويجد بلاك أن نتيجة التقرير، التي تدعو إلى مراقبة الجماعة، لن تكون نهاية القصة في ضوء التسريبات ذات الأثر المدمر، والنابعة من الحرب الدعائية المستمرة بين
الإمارات وجارتها الثرية قطر. ولن يرضى الإخوان المسلمون عن الوصف الذي ورد في التقرير لهم، بأنهم "جماعة غامضة بشكل مقصود وسرية"، و"العلاقة الغامضة لهم مع العنف المتطرف".
وتعتقد الصحيفة أن اللغة تحاول التملق للأنظمة المستبدة، ولكن هناك أكثر من هذا، فـ"ربما كانت المراجعة فرصة عظيمة للحكومة لأن تقدم نقاشا عاما عن الإخوان، أبعد من توصيفهم غير الصحيح بكونهم جماعة إرهابية من جهة، أو جماعة تعددية وديمقراطية من جهة أخرى"، بحسب الباحث في المعهد الملكي للدراسات المتحدة أتش إي هيللر.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى قول هيللر إنه "تم بذل جهد كبير في التحقيق، إلا أن ما نشر من تلخيص كان قليلا. كما أن التناحر السياسي حول الوثيقة بسبب حساسية الخليج لم يساعد في الموضوع، لقد كانت فرصة ضائعة، ولكنها كانت واحدة تعثرت فيها الحكومة".