كشف موقع "ميدل إيست آي" في تقرير لبيتر أوبورن وديفيد هيرست، عن أن المخابرات البريطانية نصحت رئيس الوزراء ديفيد كاميرون بعدم الأمر بالتحقيق في علاقة الإخوان المسلمين بالإرهاب.
وبحسب ما علم الموقع، فإن أحد كبار مسؤولي المخابرات العسكرية البريطانية الداخلية (MI5) حذر رئيس الوزراء شخصيا من أن
التحقيق، الذي انتهى الصيف الماضي، لن يكون مجديا.
ويشير التقرير إلى أن ما أقلق (MI5)، أن إطلاق تحقيق في أنشطة الإخوان المسلمين قد يتسبب في تخريب العلاقات مع عناصر من المجتمع الإسلامي، الذين تعاون معهم في إخراج السلفيين الجهاديين من بعض المساجد في
بريطانيا.
ويستدرك الكاتبان بأن كاميرون، الذي وقع تحت ضغط شديد من
الإمارات لإطلاق التحقيق، لم يأخذ بتلك النصائح. مشيرين إلى أن هذا الكشف يأتي بينما تحضر الحكومة لنشر نسخة معدلة من التقرير المؤلف من 200 صفحة، الذي طال انتظاره، الخميس.
ويقول الموقع: "علمنا أن التحقيق لم ينسب وضع الإخوان المسلمين على قائمة الإرهاب، وهي نتيجة ستلقى غضبا من الإمارات. كما أن كاميرون كان قد أعلم بأنه لا توجد في بريطانيا مؤسسات أو موجودات مسجلة رسميا باسم الإخوان المسلمين، وليس هناك مقر عليه لوح يحمل اسم الإخوان المسلمين، والطريق الوحيد كان هو ملاحقة الأشخاص وحساباتهم البنكية".
ويلفت التقرير إلى أن الإمارات تصنف جماعة الإخوان المسلمين بأنها منظمة إرهابية، وهددت بريطانيا بإلغاء عقود تجارية، ما لم تقم الأخيرة بالتصرف ضد الجماعة.
ويذكر الكاتبان أن التحقيق تعثر بعيد إطلاقه؛ لأن المخابرات العسكرية البريطانية الخارجية (
MI6)، التي كانت تحت رئاسة السير جون ساورس، السفير السابق لمصر، أعلنت أنه لا علاقة للإخوان بالعنف السياسي في مصر، خاصة الهجوم على حافلة السياح في سيناء، التي قتل فيها ثلاثة سياح من جنوب كوريا وسائق الحافلة المصري. وقالت منظمة أنصار بيت المقدس، وهي إحدى خمس حركات متطرفة في سيناء، إنها قامت بالهجوم على باص السياح، وأعلنت أنها جزء من الحرب الاقتصادية على الحكومة المصرية، التي وصفتها بالخائنة. وكان الإخوان المسلمون قد شجبوا الهجوم في وقتها.
ويكشف الموقع عن أن التقرير سيقول إن جماعة الإخوان المسلمين ليست تنظيما متجانسا تماما، وأنه تاريخيا خرجت من تحت عباءتها جماعات تكفيرية وجهادية، وأن "القطبية" أو فكر سيد قطب، الذي دعا إلى العنف السياسي، لا يزال يشكل تيارا في فكر الجماعة.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن من قام بصياغة التقرير البريطاني مسؤولان يحظيان باحترام كبير، وهما: تشارلز فار، الذي عين حديثا رئيسا للجنة المشتركة للمخابرات، والسفير السابق للسعودية السير جون جنكنز.
ويورد الكاتبان أنه تم في حينه انتقاد قرار تعيين خبير كان يشغل في وقتها منصب سفير لدى المملكة العربية السعودية ليرأس لجنة التحقيق. وانتقد اللورد رايت أوف ريشموند، الذي كان سفيرا سابقا لدى السعودية، اختيار السير جون جنكنز قائلا في مجلس اللوردات إن السفير الحالي سيكون "في وضع لا يحسد عليه"؛ لأن الحكومة السعودية تسعى لتشويه سمعة الإخوان وتدميرهم. وقال وزير الدولة للشؤون الداخلية اللورد تيلر أوف هولبيتش: "هذا يهم المصالح الوطنية للمملكة المتحدة، وعلى حكومة المملكة المتحدة أن تصل إلى رؤيتها الخاصة".
وبحسب الموقع، فإنه عندما تم الإعلان عن التحقيق في نيسان/ أبريل 2014، قرر الإخوان المسلمون أن يتعاونوا معه، وقام السير جون بعقد لقاءات عدة مع قيادات من الإخوان المسلمين في بريطانيا والشرق الأوسط. وأصر الإخوان خلال الفترة كلها على أن يرو التقرير قبل أن يتم نشره، بناء على قانون بريطاني تم سنه خلال تحقيق وزارة التجارة في شؤون الناشر روبرت ماكسويل، الذي أعطى الأطراف التي يوجه لها انتقادات في تقرير حكومي حق الرد.
وينقل التقرير عن الإخوان المسلمين قولهم إن هذا مهم بالذات؛ لأن أي تقرير يربط أكبر تنظيم في الشرق الأوسط بالتطرف قد يسبب خطرا على أعضائه، الذين اعتقلوا وعذبوا وقتلوا في مصر والإمارات.
ويوضح الكاتبان أنه تم تأجيل نشر التقرير لمدة عام؛ لأن رئيس الوزراء لم يكن على استعداد للمخاطرة بمواجهة مع الإمارات، بعدما علم بأن التقرير لن يوصي بتصنيف الإخوان حركة إرهابية، بحسب التقارير.
وينوه الموقع إلى أن التقرير واجه تحديات قانونية، وتهديدا باستصدار قرار من المحكمة يمنع نشره، ما لم يعط الإخوان المسلمون الحق في الرد عليه. وللالتفاف على هذا، فإن الحكومة ستقوم بنشر التقرير على شكل مذكرة برلمانية، وتستخدم الامتيازات البرلمانية؛ لمنع اتخاذ إجراءات قانونية. ولكن يمكن تحدي محتويات التقرير قانونيا أيضا.
ونشرت "الغارديان" الشهر الماضي وثيقة داخلية من حكومة الإمارات، كشفت أن الإمارات هددت بوقف صفقات أسلحة مع المملكة المتحدة بمليار جنيه إسترليني، وبمنع الاستثمارات الوافدة، وقطع التعاون الاستخباراتي، إن لم يقم كاميرون بفعل ضد الإخوان.
ويفيد التقرير بأن مجموعة أخرى من الوثائق من عام 2014، كشفت عن أنه تم تحذير السفير البريطاني لدى الإمارات من رئيس نادي مانشستر لكرة القدم والساعد الأيمن لولي العهد الإماراتي خلدون المبارك، بأن "كرتا أحمر" قد رفع بسبب لامبالاة الحكومة البريطانية بنشاط الإخوان المسلمين.
ويذكر الكاتبان أن لجنة العلاقات الخارجية ستقوم بالتحقيق في الضغوط الخارجية غير المقبولة على الحكومة البريطانية، فيما يتعلق بالتحقيق في أنشطة الإخوان المسلمين.
ويختم الموقع تقريره بالإشارة إلى أن الطيب علي من شركة محاماة (أي تي إن)، التي تمثل الإخوان المسلمين، يقول: "نبقى قلقين من وجود أخطاء أو مفاهيم خاطئة في التقرير، مع علمنا الآن بمدى تأثير الحكومات المعادية للإخوان المسلمين على هذا التحقيق، خاصة أن موكلنا لم يحصل على فرصة التعليق على التقرير، وسيقوم موكلنا بتحدي أي انتقادات غير عادلة تنبثق عن التقرير في المحاكم".