نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية، تقريرا حول الصعوبات التي يجدها
تنظيم الدولة في استقطاب مسلمي الهند، وأسباب عدم إقبالهم على السفر إلى سوريا، مشيرة إلى أن عدد الملتحقين بصفوف التنظيم منهم لم يتجاوز الـ23 مقاتلا.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن مسلمي الهند لم يتأثروا بفكر تنظيم الدولة، بفضل اكتسابهم لتقاليد عريقة في ما يتعلق بالتعايش بين مختلف الأعراق والديانات في الهند عبر التاريخ.
وأشارت إلى أن الهند تعد ثالث أكبر بلد في العالم من حيث عدد المسلمين، بحسب الإحصائيات الرسمية. ولكن رغم ذلك؛ فإن عدد مسلمي الهند في صفوف تنظيم الدولة يقدر بـ23 مقاتلا فقط، أي أقل بـ50 مرّة من عدد الفرنسيين المنتمين للتنظيم.
ونقلت عن الكاتب شيشر غوبتا، مؤلف كتاب "مجاهدو الهند: العدو الداخلي"، قوله إن "المجتمع الهندي المسلم هو من أكثر المجتمعات التي قاومت التطرف، ويظهر ذلك من عدد المسلمين الهنود الذين قاموا بعمليات انتحارية منذ تفاقم ظاهرة الإرهاب، الذي لم يتجاوز الشخص الواحد، وكان ذلك في عام 1990 بإقليم
كشمير".
وقالت الصحيفة إن الهند تضم 180 مليون مسلم، يعاني أغلبهم من الفقر والأمية، كما أنهم محرومون من تقلد وظائف حكومية، وخاصة منذ وصول نارندا مودي -المنتمي لحزب بهاراتيا القومي الهندي- للسلطة في عام 2014، "ولكن رغم هذا الفقر والإقصاء؛ فإن الإرهاب لم يجد طريقا لهم".
وأضافت أن حكومة مودي تعمل على دعم الديانة الهندوسية، مقابل إضعاف بقية الأقليات. ورغم تبني تنظيم "مجاهدي الهند" للعملية الإرهابية التي وقعت بحيدر أباد وراح ضحيتها 16 شخصا؛ فإن "الإسلام الراديكالي لا يلقى رواجا بين مسلمي الهند".
وذهبت إلى أن ذلك يعود للتماسك الاجتماعي الذي تعيشه الهند، "بفضل جهود المصلحين من أمثال مهاتما غاندي وتلميذه جواهرلال نهرو، اللذين عملا على ترسيخ مبادئ العلمانية في المجتمع، ولاحقا في الدستور، حتى لا تطغى الطائفة الهندوسية على غيرها، مشيرة إلى قول الكاتب شيشر غوبتا: (بفضل الديمقراطية التمثيلية المنصوص عليها في الدستور؛ فإن الأحزاب مطالبة بالاستماع لمطالب المسلمين)".
واعتبر التقرير أن مبادئ العلمانية تنسجم مع واقع الثقافات المتعددة الذي تعيشه الهند، فقد استقر التجار
المسلمون في كيرلا ونشروا مبادئ الإسلام، "وفي هذا السياق يقول الكاتب سعيد نجفي، مؤلف عديد الكتب حول المسلمين في الهند، إنه خلافا لبقية الحضارات التي دخلت الهند؛ لم يفرض التجار المسلمون إرادتهم أو ثقافتهم على الشعب الهندي، بل على العكس؛ اندمجوا مع الثقافة المحلية".
وتابع: "بعد قرون من ذلك التعايش؛ قام الإمبراطور المغولي بدمج الديانتين الهندوسية والإسلامية في ديانة واحدة سمّاها (دين الله)، لما وجده من تعايش بين معتنقي الديانتين".
وأفادت الصحيفة بأنه على الرغم من هذا الموروث الحضاري؛ فإن الهند ليست بمعزل عن خطر تنظيم الدولة، مشيرة إلى أن وزير الداخلية الهندي راجناث سينغ، حذّر في 17 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، من خطر تمدد تنظيم الدولة في الهند، وأعلن حالة التأهب الأمني.
وقالت إن تحذير وزير الداخلية جاء في سياق تزايد حضور المتعاطفين مع تنظيم الدولة في المناطق المجاورة للهند، مثل بنغلاديش وأفغانستان وباكستان، حيث أعلن التنظيم مسؤوليته عن عدة اغتيالات هناك في الأشهر الأخيرة.
وأضافت أن تنظيم الدولة "يستغل الأوضاع التي يعيشها سكان إقليم كشمير الهندية للترويج لأفكاره، وخاصة في ظل غياب السلطات الهندية هناك، حيث بدأت تظهر خلال هذه الأشهر بإقليم كشمير الرايات البيضاء والسوداء، التي ترمز لتنظيم الدولة".
وفي الختام؛ رأت الصحيفة أن الهند، وخاصة إقليم كشمير، قد يكون الحاضنة الأولى لتنظيم الدولة لقربه من باكستان وأفغانستان، ونقلت عن شيشير غوبتا قوله إن "فكرة وجود خليفة يجمع كل المسلمين؛ قد تجد لها صدى بين مسلمي إقليم كشمير، الذين يعانون من قمع السلطات الهندية المركزية".