كتب عقل العقل: في استطلاع أجراه معهد واشنطن ومنتدى فكرة السياسي الأميركي في شهر أيلول (سبتمبر) الماضي، ونشرت نتائجه الأسبوع الماضي عن موقف السعوديين من بعض القضايا، منها موقفهم من "داعش" وحركة الإخوان المسلمين وبعض القوى الإقليمية والدولية، مثل: موقفهم من روسيا، وأميركا، وإيران.
عينة الدراسة شملت حوالي 1000 سعودي أعمارهم تقل عن الـ35، النتائج -باعتقادي- مبشرة ومفرحة، وتعكس درجة من الوعي حول القضايا المطروحة عليهم في هذه الدراسة.
استطلاع معهد واشنطن الأخير أظهر أن 92 في المئة من السعوديين يكرهون "داعش"، وهذه نسبة مرتفعة تدل على ارتفاع درجة الوعي في المجتمع، إضافة إلى أن من كانوا منخدعين بخطابه الإسلامي اكتشفوا حقيقته، وباعتقادي أن بعض من كان يتعاطف مع "داعش" كان بسبب أنه يطرح ويعمل على محاربة بعض الأنظمة العربية، التي تنتهج سياسات طائفية ضد بعض المكونات في مجتمعاتها، كالنظامين العراقي والسوري مثلاً، وعلى رغم اختلافي مع من يعتقدون ذلك الأساس، إلا أن قيام "داعش" بالتفجيرات في بعض دول الخليج العربي، وبخاصة المملكة واستهدافها لدور العبادة، تلك الأعمال الإرهابية كشفت حقيقة التنظيم الإرهابي، وأنه لا يدافع عن المكون السني كما كان يدعي في السابق، بل إن هدفه الواضح هو زعزعة الأمن وخلق الفوضى في دول الخليج، وقد لا أكون مبالغاً إن قلت إن هذا التنظيم وبسلوكه الأخير هو مسيطر عليه، وأداة لأجهزة استخبارات دولية وإقليمية.
من يتابع مواقع التواصل الاجتماعية لدينا يعتقد أن هذا التنظيم ما زال له الكثير من المؤيدين في مجتمعاتنا العربية والخليجية خاصة؛ بسبب أن بعض الدعاة وقيادات الحركات الإسلاموية السياسية؛ يبررون أعمال هذا التنظيم وهم كثر ولهم ملايين المتابعين، ولكن الواقع وسلوك التنظيم فضحهم أمام الرأي العام المحلي، ومثال على قوة هؤلاء وتأثيرهم، ما شاهدناه أخيراً في تفجيرات باريس، فتلك القيادات نست أو تناست القتلى والجرحى في مطاعم ومسارح وشوارع باريس، وركزت فقط على عملية تعاطفنا في دول الخليج مع ما جرى في فرنسا عندما أضيئت بعض المعالم في مدننا الخليجية والعربية بالعلم الفرنسي، وصوروه على أنه خزي وإذلال واستبعدوا الجانب الإنساني، وأننا نعيش في قرية كونية واحدة، وهم مخطئين بذلك فنحن نتعاطف مع ضحايا التفجيرات الإرهابية في كل مكان، في بيروت والكويت ومالي، وقد يكون التعاطف مع فرنسا أكثر ظهوراً، لمكانة فرنسا على المسرح الدولي، وكلنا يتذكر الهالة الإعلامية والسياسية لإحداث الـ11 من سبتمبر، التي غيرت من معادلات السياسية على المسرح الدولي، وعلاقة أميركا مع حلفائها في المنطقة.
(عن صحيفة الحياة اللندنية)