ميدل إيست آي: هل ما نشهده هي الأيام الأخيرة للسيسي؟
لندن - عربي21 - بلال ياسين14-Nov-1508:22 PM
شارك
ميدل إيست آي: أمريكا وبريطانيا والدول الأوروبية فقدت ثقتها بالسيسي - أ ف ب
نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا لأروى إبراهيم، تتساءل فيه إن كانت هذه الأيام هي أيام السيسي الأخيرة، بعد سلسلة من الأزمات على مدى الأسابيع القليلة الماضية، عانت فيها حكومته من الانتقاد على المستويين الداخلي والخارجي بسبب القمع والقصور.
وتقول الكاتبة إنه بعد أن "تسببت الفيضانات التي عمت الإسكندرية بالضغط محليا على السيسي، صارت حكومته موضع شجب دولي بسبب قمعها للصحافيين بعد زيارة السيسي للمملكة المتحدة بفترة قصيرة".
وتضيف إبراهيم: "بعد عدة أسابيع من مقتل ثمانية سياح مكسيكيين في صحراء سيناء، سقطت طائرة روسية على متنها 224 شخصا في سيناء أيضا. وتسبب سقوط الطائرة، الذي يظن أن وراءه عملا إرهابيا، بإثارة التساؤلات حول مدى استطاعة مصر الحفاظ على الأمن المحلي، والاعتماد عليها شريكا في المنطقة".
ويشير التقرير إلى أن هذه السلسلة من النكبات أدت إلى تخمينات بين المراقبين، حول ما إذا صارت أيام الرئيس السيسي في السلطة تقترب ببطء من النهاية.
ويورد الموقع أن المحللين السياسيين والمراقبين علقوا على انعدام الاستقرار المتنامي في البلاد بقولهم إن الأزمات تبرز مدى عجز الحكومة عن التعامل مع مجموعة من القضايا.
وتنقل الكاتبة عن شادي حميد من كلية بروكنغز، قوله: "يتزايد عدم استقرار مصر، التي لم تكن مستقرة أصلا، وهذا لا يدهشني، فمن أزمة إلى أخرى، وليس لدى نظام السيسي سوى رد فعل واحد: الزيادة من سلطة الدولة، وعدم الاعتراف بالمسؤولية، وإكراه الإعلام على البقاء صامتا".
ويلفت التقرير إلى أن آلاف السياح ظلوا عالقين في شرم الشيخ، بعد كارثة الطائرة في سيناء، وسط تقارير محرجة حول إجراءات الأمن غير الكافية، بما في ذلك السياح الذين يعرض عليهم دفع رشاوى لتجنب التفتيش الأمني، بالإضافة إلى استخدام أجهزة كشف متفجرات مزورة على الأمتعة في الفنادق.
ويذكر الموقع أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أمر بوقف الرحلات الروسية كلها للمطارات المصرية، بعد تعليق بريطانيا للرحلات الروتينية بين بريطانيا وشرم الشيخ. مشيرا إلى أن قرار المملكة المتحدة تعليق الرحلات جاء قبل ساعات من لقاء مقرر بين السيسي ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، وأعلن عنه عندما كان السيسي في طريقه إلى لندن.
وتبين إبراهيم أن الدبلوماسيين المصريين ردوا بإحباط على القرار، لدرجة أن مسؤولا قال للـ"بي بي سي" إن الوفد المصري سيكون أقل تقبلا لما يطرحه البريطانيون من قضايا بسبب تعليق الرحلات.
ويفيد التقرير بأن التحقيقات إلى الآن قد كشفت أن انفجارا سمع في تسجيل الصندوق الأسود، ما قاد المراقبين إلى الاعتقاد بأن سقوط الطائرة كان عملا إرهابيا، سببته قنبلة تم تهريبها إلى الطائرة، وليس بسبب فشل ميكانيكي.
ويورد الموقع أن بريطانيا وأمريكا والدول الأوروبية شجبت ضعف الإجراءات الأمنية المصرية في وجه التهديد الإرهابي المتزايد، مستدركا بأن القاهرة تصر إلى الآن أنه لا يمكن تقديم أي نظرية حول تحطم الطائرة، وتدعي أن الأمن تحت السيطرة. ولكن يعتقد المحللون أن هذه الأحداث خلقت تحولا دراماتيكيا في نظرة الدول الأجنبية للسيسي.
وتنقل الكاتبة عن المحللة السياسية نجوان الأشول قولها: "هناك وعي أكبر بأن الحكومة المصرية غير قادرة، ولا يمكن اعتبارها شريكا ولا حتى في الحفاظ على الاستقرار، وتقدم الولايات المتحدة وأوروبا الاستقرار على الديمقراطية، بوضع أيديهم بيد السيسي، ظنا منهم بأنه قادر على الحفاظ على الاستقرار".
وتضيف الأشول للموقع: "لكن عندما رأوا مقتل السياح المكسيكيين، وسقوط الطائرة الروسية، بينما بقيت مصر عاجزة عن التحقيق بشكل صحيح فيما حصل، فإن تلك الدول فقدت ثقتها بنظام السيسي".
ويكشف التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن أن فرقا أمريكية وأوروبية تقوم في التحقيق في سقوط الطائرة، بينما بقيت مصر صامتة حول الموضوع، وهذا بحد ذاته أثار حفيظة المصريين، الذين يرون حكومتهم عاجزة أمام تدخل الدول الأجنبية، وقال هيثم إبراهيم (44 عاما) "استخدمت الدول الأجنبية هذه الحادثة ذريعة للتدخل في مصر، فهم الآن يسيطرون على مطاراتنا، وأرسلوا أفرادا إلى سيناء، وبغياب قيادة مصرية قوية ستنجح خططهم في اختراق مصر".
ويذكر الموقع أنه عدا سقوط الطائرة الروسية وأزمة السياحة، فإن مصر تواجه موجة من الشجب الدولي؛ بسبب سلسلة من الهجمات على الحرية الإعلامية، خاصة اعتقال عدد من الصحافيين وناشطي حقوق الإنسان في الأيام الأخيرة. مشيرا إلى أن الصحافي الاستقصائي حسام بهجت، الذي أطلق سراحه مؤخرا، يعد الأبرز من بين المعتقلين. وكان قد أنشأ جمعية حقوق أسماها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية. وتم إطلاق سراحه بعد ثلاثة أيام من التحقيق وتوجيه التهمة له بنشر معلومات كاذبة.
وتوضح إبراهيم أن بهجت نشر بيانا يوم الثلاثاء، قال فيه إن تقريرا استقصائيا نشره حول محاكمة 26 ضابطا بتهمة التخطيط لانقلاب كان السبب في اعتقاله. لافتة إلى أنه بارغم من أطلاق سراح بهجت، إلا أن العديد من الصحافيين والناشطين المدنيين، بمن فيهم مالك صحيفة "المصري اليوم" صلاح دياب، ومدير مؤسسة مدى غير الحكومية هشام جعفر، والصحافيان عزة الحناوي وحسام الدين السيد، لا يزالون قيد الاعتقال.
وتقول الأشول لـ"ميديل ايست آي": "عندما نتحدث عن الحريات الأكاديمية وحرية التعبير، فإن مصر اليوم أسوأ بكثير من زمن مبارك. وتثبت الحكومة أنها ليست مستعدة لسماع أي نقد، وتغلق المساحات العامة والمدنية كلها أمام فعل ذلك".
وبحسب التقرير، فقد جاءت الاعتقالات للصحافيين والناشطين بعد أيام فقط من زيارة السيسي إلى لندن، حيث شجب الناشطون رئيس الوزراء ديفيد كاميرون لدعوته السيسي، بسبب ما وصفوه بأنه تناقض مع حقوق الإنسان.
وتبين الكاتبة أن المحتجين أبرزوا قتل ما لا يقل عن ألف متظاهر في ميدان رابعة في آب/ أغسطس 2013، وسجن أكثر من 40 ألف شخص منذ عام 2013 بالإضافة إلى قائمة من انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد. ووصفت منظمة العفو الدولية اعتقال بهجت بأنه جزء من "حملة شرسة ضد الصحافة والمجتمع المدني". وقال جورج منيب، وهو مصور صحافي: "يبدو أن السيسي يناقض نفسه، فقد عاد لتوه من إنجلترا، حيث وعد بتوفير حرية تعبير غير مسبوقة في مصر، ولم يحصل أي من ذلك".
ويورد الموقع أنه على المستوى المحلي، فإن فيضانات الإسكندرية والمدن المجاورة، حيث قتل ما لا يقل عن سبعة أشخاص في الأسابيع الأخيرة، قد تسببت بغضب واسع النطاق في البلاد، خاصة أن اثنين من السبعة الذين قتلوا كانا طفلين علقا تحت سقف بنايتهم التي تهدمت، بحسب تحقيقات الشرطة الأولية، كما نشرتها وكالة الأنباء الرسمية مينا.
ويفيد التقرير بأنه بينما تعد الوفيات بسبب الفيضانات حدثا سنويا في مدن الدلتا، إلا أن الوضع هذا العام يختلف عن السنوات الماضية. ويقول طالب الجامعة أحمد جابر: "كشف الفيضان مدى تراجع البلاد، حيث بين المطر القليل الذي تساقط مدى عجز الحكومة عن التعامل مع الأزمة، ولم يعرض الإعلام الاجتماعي سوى ما حصل هنا في الإسكندرية، إلا أن الكارثة كانت في المحافظات كلها، وهناك أناس فقدوا أرواحهم ومتاجرهم وبيوتهم، بينما وقفت الحكومة مكتوفة الأيدي".
وتشير إبراهيم إلى انتشار فيديو لفتى صغير انتشل جيرانه جثته من مياه الفيضان، مات مصعوقا بالكهرباء، عندما أصابت مياه الفيضان عامود كهرباء بالقرب من بيته. وظهرت امرأة في فيديو آخر تخاطب حكومة السيسي قائلة: "إن لم تكونوا قادرين على منع الفيضانات من تدمير متاجرنا ومصدر عيشنا الوحيد فعليكم أن تأخذوا على عاتقكم النفقة على أطفالنا، صوتنا لكم، ولكننا اليوم كلنا نلبس ثياب الحداد، أنظر إلى قناة السويس الجديدة التي بنيتها إننا نسبح بها هنا".
وبحسب الموقع فإن السيسي قد افتتح في آب/ أغسطس ممرا جديدا في قناة السويس بتكلفة تسعة مليارات دولار وبتمويل عام؛ بهدف زيادة قدرة القناة، وبالتالي زيادة الدخل منها، إلا أن المتخصصين انتقدوا المشروع، حيث لا يتوقعون أن تجني مصر مكاسب حقيقية من التوسعة.
ويبين التقرير أن رد فعل الحكومة المصرية على الفيضانات في الإسكندرية كان باعتقال 17 عضوا من الإخوان المسلمين؛ بتهمة أنهم تسببوا بالفيضان، بقيامهم بزرع متفجرات في نظام الصرف الصحي. وعلقت الأشول على هذه التقارير بقولها: "الحكومة في أزمة، وتحاول القاء اللوم على أي شخص آخر، حتى تخرج من دائرة المسؤولية". بينما قال المحللون إن سبب الأزمة هو البنية التحتية المتداعية، بسبب سنوات من الفساد، وبسبب عدم مساءلة الحكومات المتعاقبة.
وتورد الكاتبة أن رجلا فقيرا ظهر في فيديو آخر على شبكات التواصل يشكو قائلا: "لم أستطع تسلم جثمان ابني لدفنه دون دفع 3000 جنيه مصري على شكل رشاوى لموظفي المستشفى والحكومة، أترون إلى أين وصل الحال بهذا البلد".
ويتساءل الموقع: هل السيسي يشهد أيامه الأخيرة؟ مشيرا إلى أن تقارير جديدة ذكرت أن المسؤولين الإسرائيليين قلقون من احتمال سقوط حكومة السيسي. وقال نائب أمريكي سابق لـ"بلومبيرغ نيوز" إن المسؤولين في الحكومة الإسرائيلية يشككون بإمكانية السيسي التغلب على متطرفي تنظيم الدولة في سيناء.
ويلفت التقرير إلى أن المحللين يشيرون إلى القمع في مصر كونه عاملا رئيسيا يهدد بانهيار الحكومة. وتقول الأشول: "تحرك النظام نحو القمع، ظنا منه أنه بذلك يحمي نفسه، ولكن في الحقيقه فإنه يسرع من سقوطه بذلك. لقد وصل القمة وبدأ في التحلل".
ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى أن الأشول تقول: "ستشجع سمعة السيسي وعدم كفاءته على التغيير، وقد يأتي هذا التغيير من الناس، أو من داخل الجيش نفسه؛ ليحافظ على صورته ومكانته، فقد يقرر الجيش في لحظة ما التضحية بشخص لأجل مصالحه الكلية، حصل هذا لمبارك ولطنطاوي وعنان، وقد يحصل للسيسي".