نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا لوزير التخطيط والتعاون الدولي
المصري السابق عمرو دراج، قال فيه: "تم نشر صور بشعة في آب/ أغسطس على (تويتر)، لما ادعي أنه جسد توميسلي سالوبيك الكرواتي، الذي كان يعمل مع شركة فرنسية متخصصة في الفيزياء الجيولوجية، عندما تم اختطافه في وضح النهار من ضواحي القاهرة على يد مجموعة مرتبطة بتنظيم الدولة، أو ما يسمى بالدولة الإسلامية، مع أني لا أعتقد أن الاسم دقيق أو مناسب".
ويضيف الكاتب، أنه "بينما رأى العالم أوروبيين وأمريكيين تقطع رؤوسهم على يد التنظيم في العراق وسوريا، فإن هذا كان أول حادث من نوعه في مصر. فقد تمدد هذا التنظيم إلى بلد يقضي آلاف الأوروبيين فيه إجازاتهم كل عام".
ويشير التقرير إلى أن هذا واحد من مجموعة من التهديدات
الإرهابية التي ظهرت حديثا في مصر. فأعلن
تنظيم الدولة مسؤوليته عن تفجير آب/ أغسطس في قلب القاهرة، وكان جزءا من حملة ضد قوى الأمن المصرية وبنيتها التحتية.
ويوضح دراج أنه "منذ حزيران/ يونيو، فقد "نشط المتطرفون بعدة طرق أخرى، فاغتالوا النائب العام المصري، وحاولوا احتلال بلدة في سيناء، وأطلقوا قذيفة على فرقاطة بحرية مصرية، والآن يدعي تنظيم الدولة إسقاط الطائرة الروسية بعد إقلاعها من شرم الشيخ في سيناء، وبينما لا تزال أسباب سقوط الطائرة غير معروفة، فقد تحدث المسؤولون البريطانيون والأمريكيون عن احتمال انفجار قنبلة على متن الطائرة، بحسب بعض المعلومات، وتوقف الطيران الغربي عن الطيران إلى شرم الشيخ".
ويذكر الكاتب أنه "ينبغي على العالم أن يقلق؛ لأن مصر أصبحت الخط الأمامي في الحرب على تنظيم الدولة. فبعد الانقلاب العسكري الذي قام به عبدالفتاح
السيسي، والذي أطاح بأول رئيس مصري منتخب ديمقراطيا، وقف الغرب مع النظام الجديد. والنظرية كانت هي أن الأحلام بالديمقراطية المصرية تستطيع أن تنتظر؛ لأنه دون مصر مستقرة بقيادة علمانية قوية فستكون هناك خسارة لمرساة مهمة في الشرق الأوسط للتطرف الزاحف من سوريا والعراق. وقد خيبت هذه الآمال في الأشهر الأخيرة".
ويتساءل الوزير السابق: "فما الذي حصل؟ بالرغم من صفقات أسلحة بالمليارات، ودعم دبلوماسي من شركائه الغربيين، فقد أشرف السيسي على تراجع كارثي في الأمن، وجاء هذا التراجع بعد أعمال انتقام وحشية، وأحكام إعدام ليس فقط ضد المتهمين بالتمرد، بل ضد أي شخص يمكن وصفه بالمناوئ للنظام، وبينهم المتظاهرون السلميون والمجتمع المدني والصحافيون".
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن الذكرى الثانية في الصيف الماضي لمجزرة رابعة كانت تذكيرا بذلك، حيث قتل أكثر من ألف متظاهر سلمي، فيما سمته "هيومان رايتس ووتش" جريمة متعمدة ضد الإنسانية. أضف إلى ذلك تجريف بيوت تجمعات كاملة في سيناء، وهي جريمة دولية أخرى، وأكثر من 40 ألف سجين سياسي قابعين في السجون، بما في ذلك الكثير من مؤيدي الإخوان المسلمين، بالإضافة إلى ليبراليين ويساريين.
ويبين دراج أن "هذا كله يوضح صورة الدولة الديكتاتورية التي يقوم السيسي ببنائها. فهناك قوانين جديدة تهدد الصحافيين بالانتقام، إن هم كتبوا عن الإرهاب والأمور المتعلقة به، بما في ذلك الحملات التي تقودها الدولة، مثل العملية التي أدت إلى أهوال رابعة. هذا كله انعكس على شكل أعداد قليلة من الناس قامت بالإدلاء بصوتها في الانتخابات البرلمانية، خاصة بين الشباب. وقد يؤدي فقدان الأمل بتحقيق الإصلاحات الديمقراطية سلميا إلى تبني المزيد من الشباب مقاربة عنيفة للتغيير".
ويذهب الكاتب إلى أن "نظرة سريعة لتاريخ المنطقة تبين إلى أي مدى يلعب السيسي ومؤيدوه في الغرب بالنار. ففي العراق استخدم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي قوانين مكافحة الإرهاب ضد معارضيه من السنة، فسجن المتظاهرين السلميين، بينما قامت قوات الأمن والمليشيات بالبطش بالمواطنين السنة. وما من شك أن برنامج القمع هذا حول جزءا من ذلك المجتمع إلى مؤيدين لتنظيم الدولة".
ويورد التقرير أن شادي حميد من معهد "بروكنغز" قد اختزل مهمة السيسي السلبية بقوله: "فشلت الحكومة المصرية في أول اختبار في مكافحة الإرهاب، الذي يتطلب تعريف من هو الإرهابي الحقيقي".
ويجد الوزير السابق أنه "يجب أن تكون فكرة اجتياح تنظيم الدولة أكثر البلدان العربية كثافة سكانية مقلقة للمجتمع الدولي. وإن كان يراد لمصر أن ترجع عن شفير الهاوية، فعليها أن تبدأ بالسماح للملايين من مؤيدي المعارضة بالخروج إلى العلن. فلا يمكن محو علاقة الإسلاميين التاريخية بقطاعات كبيرة من المجتمع بتلك البساطة. وفي تونس خسرت النهضة الانتخابات الأخيرة فتنحت جانبا وبسلمية. وبالرغم من هجمات إرهابية عدة في تونس، إلا أن الغرب لا يزال يدعم مشروع الديمقراطية فيها. فما هو المختلف في مصر؟".
ويرى دراج أنه ينبغي على الولايات المتحدة أن تعيد تقييم سياساتها تجاه مصر. فمنذ هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001 أعاد القادة الغربيون شعارا أساسيا للديمقراطية الليبرالية، التي تبنوها خلال الربيع العربي، ويقول: "إن السبيل إلى مكافحة الإرهاب والتطرف ليس بمسابقتهم في القمع، بل بإظهار قيمة العدالة والديمقراطية، ولكن في مصر تم إهمال هذه الفلسفة تماما".
ويخلص الكاتب إلى أن التدهور السريع في الأمن المصري له آثار كبيرة على المستوى الدولي، ولكن الثمن للمصري العادي أكثر بكثير.