يقول مسؤولون أمنيون
مصريون إن فرع تنظيم الدولة الذي يشتبه في أنه أسقط طائرة ركاب روسية في مصر، أفلت من مصيدة الأمن من خلال العمل في خلايا سرية، بإيعاز من زعيم كان يعتمد من قبل على تجارة الملابس في كسب الرزق.
ويشير مسؤولون غربيون بأصابع الاتهام في إسقاط الطائرة إلى ولاية
سيناء التي تستهدف أفراد الجيش والشرطة في مصر.
وإذا ظهرت أدلة دامغة أن
ولاية سيناء هاجمت الطائرة فستكون قد نجحت بهذا في تنفيذ واحدة من أكثر الهجمات دموية، منذ أن استخدم تنظيم القاعدة طائرات لتفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك عام 2001.
وإذا كانت قنبلة هي التي أسقطت الطائرة إيرباص إيه321 فسيمثل ذلك تحديا لتأكيدات مصر بأنها باتت تسيطر على المسلحين، الذين نفذوا هجمات كبرى على مسؤولين بارزين في الحكومة وأهداف غربية.
ولا يرجح خبراء أمنيون ومحققون أن تكون الطائرة تعرضت لهجوم من خارجها، وليس من المعتقد بأن مقاتلي سيناء يملكون أي صواريخ قادرة على ضرب طائرة على ارتفاع 30 ألف قدم.
وقال ثلاثة مسؤولين يتابعون نشاط المسلحين في سيناء عن كثب، إن الكثير من مقاتلي ولاية سيناء فروا إلى سوريا بعد انطلاق حملة أمنية ضد المسلحين والمعارضين.
وقال المسؤولون إن زعيم ولاية سيناء الملقب بأبي أسامة المصري (42 عاما) كان يعمل من قبل في شركة لتجارة الملابس وتخرج من جامعة الأزهر. وذكر مصدر أنه تولى زعامة التنظيم بعد مقتل ثلاثة زعماء آخرين على يد قوات الأمن.
ولكن المصري مثله مثل آخرين ممن تعلموا في الأزهر، حمل السلاح في سيناء قبل أن يتوجه إلى سوريا مع نحو 20 من أتباعه، عندما بدأت قوات الأمن حملتها على المعارضين.
"أصبحوا خبراء"
اكتسب أبو أسامة والمقاتلون الآخرون خبرة استفادوا منها عندما عادوا إلى سيناء، وتواصل معهم تنظيم الدولة.
وقال المسؤولون: "يبدو أنهم تأثروا بقوة بفكر زعيم تنظيم الدولة أبي بكر البغدادي".
وقال مسؤول أمني آخر إن تنظيم الدولة أرسل أسلحة وأموالا بحرا من العراق إلى ليبيا، حيث برز مسلحون متشددون في خضم الفوضى التي أعقبت سقوط معمر القذافي عام 2011.
وأضاف المسؤولون أن سهولة اختراق الحدود مكنت أنصار البغدادي بعد ذلك من السفر إلى سيناء على الجانب الآخر من مصر، لتزويد أقرانهم بما يحتاجونه.
وقال مسؤول أمني طلب عدم نشر اسمه إن "المسلحين الآخرين علموهم كيفية تفادي الوقوع في الأسر، وتعلموا كيفية إطلاق النار بدقة، وتجميع القنابل.. أصبحوا خبراء".
من جهته، قال مدير مركز سياسات الشرق الأوسط في معهد بروكينغز في واشنطن، ميل مكانتس، إن المعروف ليس كثيرا عن علاقة العمل بين فرع تنظيم الدولة في سيناء والقيادة المركزية للتنظيم. لكن يبدو أن الجماعة المصرية -شأنها شأن أفرع أخرى- تتمتع باستقلالية كبيرة.
ويزعم مكانتش أن حملة القمع التي شنتها سلطات الانقلاب على الإخوان المسلمين والمعارضين "أكسبت قدرا من التأييد بين بعض الأهالي في سيناء، ما أتاح لمقاتليه الاختباء والعمل وسط السكان".
العمل السري
يقول المسؤولون الأمنيون إن مسلحين من القاعدة وبينهم أشخاص جاؤوا من أفغانستان كانوا يعملون بحرية بالغة في سيناء.
ويقولون إنهم كانوا يتألفون من نحو أربعة آلاف مقاتل، شكلوا نواة ولاية سيناء التي كان اسمها أنصار بيت المقدس قبل إعلان مبايعتها لتنظيم الدولة العام الماضي.
ويقول المسؤولون إن ولاية سيناء تتألف حاليا من بضع مئات من المسلحين المتفرقين في مجموعات.
وقال مصدر أمني: "يعمل التنظيم المتمركز الآن في قرى الشيخ زويد ورفح على شكل خلايا عنقودية، كل مجموعة مكونة من سبعة أو ثمانية أفراد، هم من يعرفون بعضهم بعضا، ولكنهم لا يعرفون باقي أعضاء التنظيم"، لتقليل احتمالات الإمساك بهم.
وقال آخر إن "عدد مسلحي التنظيم صغير، لكن تنفيذ تفجير انتحاري لا يحتاج إلى أكثر من شخص واحد".
وفي العام الماضي، قال مسؤولون أمنيون إن المصري وبضعة قياديين آخرين قتلوا. لكنه ظهر بعد ذلك في تسجيل مصور ليثبت أنه على قيد الحياة، وأكد مجددا مبايعته البغدادي.
وشوهد في التسجيل وإلى جانبه أسلحة، قال إن رجاله استولوا عليها من 30 جنديا مصريا قتلوا في هجوم.
وظهرت في الخلفية حاملة جند مدرعة محترقة.
وقال أحد شيوخ القبائل في سيناء: "لاحظنا في الفترة الأخيرة أن أعضاء التنظيم يتطورون إلكترونيا. أصبحنا نرى معهم أجهزة كمبيوتر مثل أبل وأجهزة تليفون محمول حديثة، ولا نعرف سبب هذا التطور."
وأشار إلى أن بعضهم يتحرك في سيارات دفع رباعي حديثة من طراز تويوتا. وأضاف: "يبدو أن طموحهم يزداد ويزداد".