توقع عدد من السياسيين والمحللين، أن يلفظ حزب "النور"
المصري أنفاسه الأخيرة مع نهاية الجولة الثانية من
الانتخابات البرلمانية، بعد النتائج "الهزيلة والمخيبة للآمال" التي مُني بها في المرحلة الأولى.. بينما يرى آخرون أن الحزب صُنع على عين الأجهزة الأمنية، وأنه سيبقى ليواصل دوره في "شرعنة" الانقلاب، وتجميل صورته.
وخسر مرشحو
حزب النور البالغ عددهم 90 مرشحا، في المرحلة الأولى من الانتخابات، باستثناء 24 فقط سيخوضون جولة الإعادة، كما خسرت قائمة "غرب الدلتا" التابعة للحزب، لمصلحة قائمة "في حب مصر" المدعومة من نظام
السيسي الانقلابي.
وعلق أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، حسن نافعة، على
خسارة حزب النور، قائلا: "الأحزاب التي لا يكون لها مواقف واضحة؛ تخسر دائما، وتتلاشى، ولا يمكن التعويل عليها".
رقص على السلم
وأضاف نافعة لـ"
عربي21": "حزب النور كالذي رقص على السلم، فلا هو أصبح جزءا من التحالف المناهض للنظام الحالي، ولا جزءا من النظام في الواقع، بدليل هجوم أجهزة الإعلام الساحق عليه، وخسارته لحلفائه الطبيعيين من الأحزاب الإسلامية، بسبب عدم وضوح مواقفه، والتباسها".
وتوقع أن تقضي نتائج الانتخابات على حزب النور، مشيرا إلى أن "الحزب أصلا مخترق أمنيا، ويقوم بأدوار غامضة في الكثير من الأحيان، ولم يكن له تنظيم سياسي حقيقي، ولم يسمع أحد عنه إلا بعد ثورة 25 يناير، والمفاجأة كانت حصوله على 20 بالمئة من الانتخابات السابقة، وكان هذا في لحظة استثنائية".
وأكد نافعة أنه "في ظل الأزمة التي نشبت في مصر بعد 30 حزيران/ يونيو، سقط حزب النور سقوطا مدويا، وتمنى أن يرث جماعة الإخوان المسلمين، والنتيجة أنه فقد قواعده
السلفية".
تجربة سياسية
على الجانب الآخر؛ عزا الأمين العام لحزب النور، جلال مرة، تراجع حزبه في الانتخابات إلى "استخدام المال السياسي والآلة الإعلامية ضده، والممارسات الأمنية بحق مندوبيه"، مضيفا أن "كل ذلك أضر بصورة مصر، وأضر بالتجربة السياسية، وهي محاولات لاغتيال إرادة الشعب المصري، ومحاولات بالعودة بالحالة السياسة لما قبل 25 يناير".
وحول ما إذا كان يلقي باللائمة في ما حدث للحزب على نظام السيسي؛ قال: "لا نلقي باللائمة على النظام، ولا على الإرادة السياسية التي تعبر بالبلاد في مرحلة انتقالية.. إنها أزمة مَن هم حول النظام، والبيئة السياسية".
وأكد مرة أن "حزب النور لا تكتب وفاته من خلال تجربة سياسية، أو جولة من جولات العمل السياسي، فهو يملك قواعد متماسكة ومترابطة؛ لا يملكها أي حزب في مصر".
خارج التأثير السياسي
بدوره؛ قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية ببرلمان الثورة، عبدالموجود الدرديري، إن "حزب النور هو حزب انتهازي متحول، وبلا أخلاق، يلعب على تغييب وعي الشعب، وليست لديه قيم سياسية واضحة".
ودلل على ذلك بأن الحزب كان "يكفر بالديمقراطية عندما كانت المنظومة الأمنية تطلب منه ذلك، ثم ركب موجة الديمقراطية بعد ثورة يناير، ثم تحول لدعم الدكتاتورية العسكرية في انتهازية منقطعة النظير، فلفظه الشعب بعد أن أدرك حقيقته".
وبشأن مستقبله السياسي؛ رأى "الدرديري" أن حزب النور "أصبح خارج التأثير السياسي إلا من بعض الأدوار التي تطلب منه، حتى يظل مرتبطا بسراب لا قيمة له من الناحية السياسية، وهو أن تبقى الصورة النمطية للتعددية الحزبية موجودة شكليا".
شعبية خادعة
أما المتحدث باسم حزب الأصالة السلفي، حاتم أبو زيد؛ فذهب إلى القول بأن "شعبية حزب النور في انتخابات 2012 كانت خادعة؛ لأنها كانت مستمدة من تحالف ضم حزبي الأصالة، والبناء والتنمية، بثقليهما الانتخابي".
وأضاف لـ"
عربي21": "مما يكشف مدى شعبية حزب النور؛ استحضار أنه دعم الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح في انتخابات الرئاسة، وحل رابعا، في حين دعم حزبا الأصالة والبناء التنمية، الدكتور محمد مرسي، وحل أولا".
وأكد أن حزب النور "لا يمثل التيار الإسلامي، ولا المشروع الإسلامي، باعترافه هو عندما قال -في إطار مزايداته- إنه ليس حزبا إسلاميا، وكما حدث في واقعة مادة 219 بالدستور، التي تراجع عنها، وقال إنها ليست قرآنا".
وذهب أبو زيد إلى أن "حزب النور سيظل موجودا؛ لاستخدامه كمحلل في العملية السياسية، وهو فصيل تم تشكيله أمنيا لمواجهة جماعة الإخوان المسلمين، وكان يقوم بدور ما لصالح أجهزة الأمن".
من جهته؛ قال رئيس حزب الحرية، صلاح حسب الله، إن "دلالات خسارة حزب النور كبيرة"، مضيفا أنه "إذا كان الشعب المصري نبذ التيار السلفي، فقواعد التيار السلفي نفسه لا تريد حزب النور" على حد قوله.
ووصف حسب الله في حديثه لـ"
عربي21" قيادات حزب النور بـ"قادة الشيزوفرينيا السلفية" بسبب "تضارب مواقفهم"، وقال: "إنهم قادة انتهازيون، فقد تخلوا عن قواعدهم وثوابتهم في إطار (الغاية تبرر الوسيلة)، وهم لا يصلحون للمشاركة في الدولة المدنية".