كتب عبدالقادر سلفي: تعلمت هذا الأسلوب من مدير بحوث الرأي العام، جمّعت جميع نتائج بحوث الاستفتاءات من مراكز "جينار"، و"بولمار"، و"أندي-آر"، و"دينجي"، ثم قمت بحساب المعدل.. لكي يستطيع حزب
العدالة والتنمية الوصول إلى سدة الحكم وحيدا يحتاج إلى 1- 1.5 نقطة. حزب الشعوب الديمقراطي يُظهر تراجعا بسيطا، أما حزب الشعب الجمهوري فيظهر تقدما بفارق نقطتين. أكثر الأحزاب تراجعا كان حزب
الحركة القومية.
لم أكن راضيا عن هذه النتيجة، فقمت بالحديث شخصيا مع مدير مركز "أندي-آر" فاروق أجار، ومدير مركز "جينار" إحسان أكطاش.
كنا قد تحدثنا في انتخابات السابع من حزيران الماضي عن إمكانية تعدي حزب الشعوب الديمقراطي الكردي لنسبة الـ10% ما سيمكنه من دخول البرلمان حسب النظام الانتخابي التركي. كنا نبحث عن جواب بخصوص ما إذا كان حزب العدالة والتنمية سيستطيع الحكم وحيدا. في تلك
الانتخابات كان النجمان هما حزبا الحركة القومية والشعوب الديمقراطية. في المقابل كان حزبا العدالة والتنمية والشعب الجمهوري يخسران الأصوات. في الانتخابات القادمة انعكست المعادلة. يحاول حزب الشعوب الديمقراطي بصعوبة المحافظة على موقفه، أما الحركة القومية فسوف يظهر تراجعا بنسبة ما. العدالة والتنمية والشعب الجمهوري من المتوقع أن يظهرا تقدما واضحا.
السؤال الذي نبحث عن إجابته أثناء الذهاب إلى الأول من تشرين الثاني القادم هو التالي: هل سيخرج حزب العدالة والتنمية بنتيجة يحافظ بها على السلطة وحده، أم إنه سيضطر للذهاب إلى تحالف؟
حزب العدالة والتنمية، في انتخابات حزيران الماضية في وضع أفضل. أثناء الذهاب لانتخابات حزيران الماضية كان حزب العدالة والتنمية في حالة ذوبان. أما هذه الانتخابات فيذهب إليها الحزب قويا ومتصاعدا. تحسن وضع العدالة والتنمية أمر جيد لكنه غير كاف لتحقيق هدف الوصول للسلطة منفردا.
لقد ضربت رياحٌ أشرعةَ سفينة العدالة والتنمية، لكن هل هي قوية بما يكفي لتوصلها إلى ميناء السلطة المنفردة؟
كنت مرة قد قرأت عن قانون في معادلات السرعة: ناتج ضرب السرعة بالزمن يعطي المسافة التي سيتم قطعها. الرياح التي استطاع حزب العدالة والتنمية أن يستثمرها لدفعه، هل ستكفي لتوصله للسلطة وحده في هذه الأيام العشر الباقية؟ لو أنها كانت رياحا قوية لما كانت هناك مشكلة. لذلك فنحن لسنا قادرين على رؤية جواب هذا السؤال بشكل واضح. سنرى ما إذا كان نَفَس حزب العدالة والتنمية كافيا. حزب العدالة والتنمية الآن في سباق مع الزمن.
وبحسب مدير مركز "جينار" للأبحاث إحسان أكطاش، فإن "حزب العدالة والتنمية يحتاج لنقطة واحدة فقط".. ووضح أكطاش آخر الأوضاع قائلا: "بقي القليل جدا لتحقيق هدف السلطة الواحدة". عدد النواب في البرلمان مهم أيضا بقدر معدل الأصوات. كما تعلمون في الانتخابات الماضية، فإنه مع أن فارق النقاط بين حزبي الشعوب الديمقراطي والحركة القومية كان ثلاثة نقاط، فإن عدد نواب كل من الحزبين في البرلمان كان 80 نائبا.
هناك مناطق خسر فيها حزب العدالة والتنمية بفارق قليل، لكن في المقابل هناك مناطق أخرى فاز بها بفارق قليل. هناك مناطق ثالثة لوحظ فيها تقدم لحزب العدالة والتنمية، لكنّ قسما منها لا يكفي لمقاعد في البرلمان. ويوجد مناطق أخرى كانت كافية. وبرأي إحسان أكطاش، فإن ما سيحسم نتيجة الانتخابات القادمة هي البلدات الصغيرة. أي إنه بآلاف قليلة من الأصوات ستتغير نتيجة المدينة الكبيرة.
مدير مركز "أندي-آر" فاروق أجار، أثار الانتباه إلى أنهم هم من نشروا أوائل المعلومات بحصول حزب العدالة والتنمية على نسبة 42%.
برأي أجار، فإن الموضوع ليس بسبب قيام العدالة والتنمية بالمحاسبة بما يخص السابع من حزيران أو التغييرات التي أجراها في قوائم المرشحين أو حتى بالبيان الانتخابي الجديد الذي أعلنه.
بحسب أجار، فإن السبب الرئيس لعودة ارتفاع العدالة والتنمية يعود إلى أن المقترع يرى أنه وفي خلال حكم الحزب وحده في 13 عاما لم تشهد البلاد هذه الأحداث الإرهابية التي حصلت في الأشهر القليلة الأخيرة، أي إنه- أي المقترع- لديه توقعات طبيعية بأن قيادة حزب العدالة والتنمية منفردا للدولة ستعود بالبلاد لحقبة الاستقرار التي كانت قد خرجت منها بعد انتخابات حزيران.
وقام أجار أيضا بربط تراجع حزب الحركة القومية مع هذا السبب. فهو يؤمن بأن بداية تراجع حزب الحركة القومية كان من الليلة الأولى بعد انتخابات السابع من حزيران عندما أعلن زعيم الحركة القومية "دولت باهتشيلي" عن أنه لن يدخل في أي تحالف، وإطلاقه اقتراح الانتخابات المبكرة. وإن عدم القدرة على تشكيل الحكومة وحالة عدم الاستقرار التي كان لـ"دولت باهتشيلي" دور فيها بشكل غير مباشر، سيغير رأي الناخب صاحب النزعة القومية الذي كان من قبل يعطي صوته لحزب العدالة والتنمية وتغير ليعطيه لحزب الحركة القومية في الانتخابات الأخيرة.
لهذا السبب، قال فاروق أجار: "كما قلنا لحزب العدالة والتنمية في ليلة انتخابات حزيران الماضية إنه يجب عليه أن نقوم بعمل محاسبة، فسنقول لحزب الحركة القومية الشيء نفسه في ليلة انتخابات الأول من تشرين الثاني القادمة".
وبحسب أجار فإن "صوت الأمانة" سيذهب للعدالة والتنمية في الانتخابات القادمة كمرة أولى وأخيرة.
تفجير أنقرة الأخير أيضا أحدث تأثيرا كبيرا على الانتخابات القادمة. فتفجير أنقرة أعاد للأذهان أفكار الشرق الأوسط، وسوريا، والإرهاب، ولعبة القوى الأجنبية في
تركيا.
إذا استمرت هذه الأحداث في تركيا بعد الانتخابات القادمة، فسيسأل المقترع: "من ينبغي له أن يحكم تركيا؟". في الوقت الحالي، هذا الوضع يعتبر في صالح العدالة والتنمية. وعلى ضوء كل هذا أوضح أجار أن "أصوات الأمانة" ونسبة 8- 9% من النقاط من الأصوات المترددة ستُحسم تبعا للأسباب السابقة.
ويفضل أجار التحدث بشكل حذر. فبرأيه، "أن سياسة حزب العدالة والتنمية السابقة كانت سببا لابتعاده عن السلطة.. إذا استمرت السياسة ذاتها فسيبتعد أكثر وأكثر". يقوم العدالة والتنمية في هذه الأيام ومع بقاء سبعة أيام للانتخابات بلعب آخر أوراقه. وعند الاقتراب من النهاية، فإنه سوف يركز على استراتيجيتين:
1- سيوجه الحزب طاقاته إلى قطاع بنسبة 4- 4.5% ممن اعتادوا أن يصوتوا للعدالة والتنمية في الانتخابات السابقة، لكنهم فضلوا أن لايصوتوا لأي حزب في انتخابات حزيران الأخيرة. أي إن حزب العدالة والتنمية يسعى لكسب الأصوات التي فقدها قبل 7 حزيران.
2- لن يتم استهداف حزب الحركة القومية وزعيمه "دوبت باهتشالي".. سابقا، كانت الاستراتيجية تقضي بعدم اتخاذ الحركة القومية كهدف، لكن في الوقت نفسه عدم السماح لـ"دولت باهتشالي" باتخاذ موقف متشدد مؤثر. ثم حصل تغير على هذا، إذ إن اتخاذ "باهتشيلي" كهدف أثر سلبا على ناخبي حزب الحركة القومية. لهذا السبب، فقد تَقَرَّر أخيرا عدم استهداف أي من الحزب وزعيمه.
ليت العدالة والتنمية اتخذ القرار نفسه بما يخص حزب الشعوب الديمقراطي الكردي وزعيمه "صلاح الدين دميرطاش".. فإن الكتلة الانتخابية التي أعطت أصواتها لحزب الشعوب الديمقراطي في محاولة لإغلاق الباب أمام الإرهاب ولبناء مفهوم "المواطنة التركية للجميع"، ليست راضية عما آلت إليه الأمور من الأحداث الإرهابية. لكن إذا قرر حزب العدالة والتنمية استهداف حزب الشعوب الديمقراطي و"صلاح الدين دمرطاش"، فإن هذا سيولد شعورا لدى الناخب الكردي بوجوب حماية حزبه والانتماء إليه عرقيا.
مرة أخرى، أتمنى لو أنه كان خطابا يشكل حاضنة لكسب الناخب الكردي في ما تبقى من أيام (سبعة).. لأنه إن لم يتم ذلك فإن مهمة العدالة والتنمية ستكون صعبة للغاية.
لقد دخلنا في فترة تعتبر الـ24 ساعة فترة طويلة في العرف السياسي.
(عن صحيفة "يني شفق" التركية- ترجمة خاصة لـ"عربي21")