رأى متابعون لخطاب رئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي، الذي ألقاه في الاحتفال بالذكرى الثانية والأربعين لنصر أكتوبر، الاثنين، أنه "فتح الباب مجددا للتعايش مع جماعة "
الإخوان المسلمين" شرط "السلام"، في حين لاحظ آخرون أن الأمور كانت تجري بشكل مخالف على أرض الواقع في
مصر، وخارجها؛ إذ يستخدم السيسي سلطات الدولة وأجهزتها كافة في حربه على الإخوان.
في بداية خطابه، تحدث السيسي عن عدم العودة إلى الوراء، وتناول تعديل الدستور بشكل غامض، حيث قال إنه يشارك "المتحسبين لهذا الطرح"، بينما ثبّت حكومة شريف إسماعيل في موضعها، فاتحا الباب أمام استمرارها بعد انتخاب البرلمان.
وغازل السيسي السعودية في موضوع حادثة منى، مدافعا عن دورها في خدمة الحجيج.
وجدد دعوته المجتمع الدولي إلى "انتهاج استراتيجية شاملة لمواجهة الإرهاب".
وكانت أكثر كلمة تكررت على لسانه في خطابه كلمة "الإرهاب"، حيث كررها في فقرة واحدة من خطابه نحو خمس مرات.. ومثالا على ذلك قال: "تحدثنا مع دول العالم عن الإرهاب والتطرف.. قلنا إذا لم يتم القضاء على منابع الإرهاب والتمويل الذي يقدم للإرهابيين، وأن توقف الدول التي تقوم بهذا التمويل، سيستمر الإرهاب لفترة.. وإضافة إلى الإجراءات الأمنية لمواجهة الإرهاب يجب تصويب وتطوير الخطاب الديني"، وفق قوله.
وأثنى السيسي على
الجيش المصري ثناء شديدا، لكن ناشطين تساءلوا: "هل كان يقصد جيشا يحارب عدو الخارج، كما حدث في أكتوبر، أم جيشا يخوض حربا مصنوعة على عينه في الداخل، ضد مصريين عدّوا إرهابيين، وهم تحديدا عناصر جماعة الإخوان المسلمين، والمتعاطفون معها، الذين يعدّهم القضاء المصري جماعة إرهابية؟".
وقال السيسي إن أحد أهم دروس انتصار أكتوبر "كانت وما زالت علاقة خاصة جدا بين الجيش والشعب المصري، حيث وقف كل المصريين إلى جانب الجيش لاستعادة الكرامة؛ لذلك يجب أن يكون الجيش والمصريون دائما كتلة واحدة".
لكن السيسي لم يأت هنا على ذكر أن هذه "الوحدة بين الجيش والمصريين" تتحقق بالفعل عندما تكون هناك مواجهة مع عدو خارجي، مثل العدو الإسرائيلي، حيث تركز عمل الجيش على محاربة "عدو داخلي".
وبدا هذا الخلط لدى السيسي فيما قاله تاليا عن الجيش، حيث قال: "إن الجيش المصري سيظل دائما نصيرا للمصريين، ولن يقف أبدا أمام إرادتكم، هذه روح الجيش المصري الوطني والشريف والمحب لبلاده وشعبه، وسيظل يقدم هذا العطاء لبلاده".
وأضاف: "نحن في ظروف صعبة تمر بمصر والمنطقة، وما دام الجيش والشعب على قلب واحد فلن يستطيع أحد أن يهزم إرادتنا.. إرادة الحياة، والبناء، والتعمير".
وتابع بأن من الدروس المستفادة أيضا "أن القرار المناسب، والإجراءات المناسبة، هي التي تحكم دائما صانع القرار، لأن القرار دائما تكون له تداعيات كبيرة جدا".
وقال: "لدينا هدف كبير، هو الحفاظ على تماسك بلدنا.. وإلى جوار هذا الهدف لا قيمة لأي شيء آخر، وهذا أمر يسقط من أجله الشهداء، والمصابون... الأوطان دائما تعيش بالعطاء والتضحيات".
ولم يبدُ السيسي مهتما بعدو الخارج، ولم يذكر الاحتلال الإسرائيلي بصفة عدو، بل قصد ما يجري حاليا داخل مصر.
في المقابل، لم ينس السيسي كعادته أن يكرر اتهاماته للإخوان، فقال: "أنتم فاكرين أنكم قادرين على هدمها؟".
وأضاف: "مصر تكفينا كلنا بأمان وسلام، ولن تستطيعوا أبدا المساس بها، ولن تستطيعوا أبدا هدم البلد".
وقدّم السيسي نفسه "داعية سلام"، على الرغم من المطالبات وفق منظمات دولية باعتباره "مجرم حرب" إثر قيادته انقلابا عسكريا في تموز/ يوليو 2013، أودى بحياة آلاف المعارضين له، واعتقال الكثيرين من المصريين، والحكم عليهم بأحكام جماعية بالمؤبد والإعدام، وملاحقة الناشطين المؤيدين للشرعية ومعارضي الانقلاب.