يخلد
الجزائريون، الأحد، الذكرى الـ27 لانتفاضة الخامس من أكتوبر 1988، المطالبة بالديمقراطية، وسط تساؤلات حول ما حققته هذه الانتفاضة الشعبية، التي اندلعت شرارتها انطلاقا من العاصمة الجزائر، والتي قتل فيها أزيد من 500 شخصا، بعد أكثر من ربع قرن.
أصل انتفاضة الجزائريين، يوم 5 من تشرين الأول/ أكتوبر، المطالبة بالديمقراطية، فقد كان لهم ذلك، عندما أعلن الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد دستورا جديدا يقر بالتعددية السياسية و الإعلامية، عام 1989 فتأسس أكثر من 60 حزبا سياسيا ونشأت أكثر من 40 صحيفة خاصة.
لكن، تسارع الأحداث، وفوز " الجبهة الإسلامية للإنقاذ" بانتخابات مجلس البرلمان، بأغلبية ساحقة عام 1990، دفع المؤسسة العسكرية إلى وقف المسار الإنتخابي، معلنة رفضها وصول الإسلاميين إلى الحكم.
وقد أدى هذا القرار بالآلاف من منتسبي جبهة الإنقاذ إلى حمل السلاح، فتأسست تنظيمات مسلحة، فدخلت الجزائر في حرب أهلية قتل فيها أكثر من 200 ألف شخص وخسائر بـ 30 مليار دولار.
اليوم، يقف الجزائريون مع أنفسهم: ماذا تحقق من انتفاضة تشرين الأول 1988؟ وهل تحقق الحلم الديمقراطي المنشود؟.
ويعتبر فاروق قسنطيني، رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لحماية حقوق الإنسان، التي تتبع رئاسة الجمهورية بالجزائر، أن انتفاضة "تشرين الأول/ أكتوبر 1988، حدث أليم لكنه مفيد"، متابعا في تصريح لـ "
عربي21"، الأحد، " لقد فهم الجزائريون أن العنف لا يجلب لهم النفع، وأن الاستقرار هو العلاج الذي يضمن استقرارنا"، كما تابع قائلا " إن
الديمقراطية تتحقق بالتدرج".
موقف قسنطيني، يؤيده العديد من الأطراف الموالية للسلطة بالجزائر، من حيث ترى أن " الجزائريين يستعجلون الديمقراطية و الانفتاح"، لكن، هناك من يتساءل" ألم تكفي27 سنة كاملة على تبني نموذج ديمقراطي يضمن تطلعات الجزائريين؟، هذا التساؤل غالبا ما يجد له إجابة من الموالين للسلطة، تحذر مما وصلت إليه بعض البلدان كسوريا و العراق.
وأكد عضو المكتب التنفيذي لشبكة الديمقراطيين العرب بوجمعة غشير، أن الجزائر "تقهقرت منذ الانفتاح الظرفي بعد أحداث تشرين الأول/ أكتوبر، تحت حالة الطوارئ التي نجم عنها الكثير من المشاكل، وعراقيل أخرى شكلت في المحصلة ضررا بحُرية الصحافة وغلق المجال السياسي، وعودة مكشوفة للفكر الأحادي والحزب الواحد".
وتابع غشير في حديث لـ "
عربي21" أن
السلطة تتحمل القسط الأوفر من المسؤولية، وليس النخب أو المجتمع، اللذين دفعوا ثمن المواقف في شكل اغتيالات (من جانب الجماعات المسلحة) واعتقالات من طرف أجهزة الأمن، والتعرض للتعذيب الذي راح ضحيته جامعيون ونشطاء حقوقيون وسياسيون".
وما كان الجزائريون يتوقون إليه من حرية وانعتاق، هناك من يرى أنهم لم يجنوا إلا العكس، فقد اعتقلت، الأحد، قوات الشرطة، الناشط الحقوقي الجزائري حسان بوراس، بتهمة "إهانة هيئة نظامية"، من خلال بثه فيديو يشير إلى تجاوزات قديمة لقوات الجيش.
وطالبت حركة"بركات" وتعني "
كفاية"، في بيان لها، الأحد، وصل "
عربي21" نسخة منه، (طالبت) السلطة بالجزائر بتحمل مسؤوليتها مما وصفته "أي مكروه قد يلحق بالناشط بوراس"، ودعت " المنظمات المحلية و الدولية إلى الضغط على السلطات الجزائرية لدفعها للإفراج عن بوراس".
ودعت "بركات" الإعلاميين و النشطاء إلى
الاحتجاج السلمي لتحقيق هذا الغرض.