تزايدت مخاوف سكان أحياء سنية في العاصمة
العراقية بغداد؛ مع انتشار حالات الاعتقال والقتل العشوائي والابتزاز على يد مجموعات مرتبطة بمليشيات الحشد الشعبي وأجهزة الحكومة الحساسة.
وتتوارد الأنباء عن انتشار مكثف ووجود نقاط تفتيش داخل هذه الأحياء بشكل يثير الريبة والشك، فيما يرتدي غالبية عناصر هذه الحواجز زي القوات الأمنية العراقية، ويستقلون عربات دفع رباعي حديثة تابعة لأجهزة الدولة العراقية، مهمتها إقامة السيطرات الوهمية، وتنفيذ اعتقالات على الهوية بحجة أنهم مطلوبون أمنيا؛ خصوصا في منطقتي الحسين والأطباء التابعتين لمدينة الجهاد، وكذلك مدينة العامرية غرب العاصمة، وفق ما رواه سكان وشهود عيان.
وقال شهود لـ"
عربي21" إن عددا من حملات الاعتقال تستهدف شبانا سُنة وقعت خلال الأسبوع الماضي، وأن بعضا من المعتقلين تمت مساومة ذويهم على مبالغ مالية كبيرة، مع التهديد بقتل الضحية في حال تأخر دفع الفدية، مع اعتقاد سائد بأن الدافع وراء هذه الجرائم هو طائفي.
واتهم سكان عناصر ملثمة ترتدي لباسا أسود مشابها لزي قوات "الفرقة الذهبية" سيئة الصيت، وهي قوة أمنية يُطلق عليها العراقيون "فرقة سوات"، بالوقوف وراء هذه الجرائم.
وقال أحد سكان حي الأطباء، رافضا الكشف عن هويته، في حديث مع "
عربي21"، إنّ تلك
المليشيات تجوب الحي ليلا نهارا بسلاح وسيارات الدولة، وأحيانا تعتدي على الأهالي، وتستفزهم وتعتقلهم بطريقة غير قانونية تحت تهديد السلاح.
وروى الشاهد أنه شاهد حادثة
اختطاف لأحد جيرانه، حيث تم ذلك أمام باب منزله، مشيرا إلى أن الشاب لا يتعدى 16 عاما من العمر.
ويقول الشاهد: "توقفت سيارة دفع رباعي مظللة بيضاء اللون فجأة، وترجل منها أربعة أشخاص يحملون مسدسات كاتمة للصوت، وأجبروه على الركوب معهم هو يصرخ بصوت عال ويتوسل إليهم أن يتركوه"، بحسب قوله.
وأضاف: "بعد دقائق ذهبت إلى أحد السيطرات الأمنية المرابطة في مدخل الحي، وأخبرتهم بأن حادثة اختطاف حصلت منذ وقت قصير لأحد شباب المنطقة، فقال لي أحد الضباط متبسما: إخبارك غير دسم، ومعلومة اعتدنا على سماعها يوميا عشرات المرات في جميع الأحياء والمناطق البغدادية. ماذا تريد أن أفعل لهم؟ هذه جهة تابعة لجهاز أمني ولا تتدخل في عملهم، أرجوك عد إلى بيتك، ولا تقحم نفسك بمواضيع أمنية"، وفق ما ينقله الشاهد لـ"
عربي21".
ومن جهته، قال ضابط رفيع بوزارة الداخلية العراقية لـ"
عربي21"، مفضلا عدم ذكر اسمه، أنه استلم بلاغات بالعشرات من سكان هذه الأحياء؛ بوجود سيارات حديثة تتجول وتقيم حواجز أمنية وهمية، تمارس دور القوات الأمنية، وتفتش المنازل والمحلات التجارية، هدفها السرقة، وتمارس أيضا دور جهاز الاستخبارات العراقي، وتستفسر عن أشخاص نازحين، وتأخذ سندات البيوت لابتزاز الموطنين
السنة بشكل أساس".
وأضاف المصدر: "من خلال مفارزنا الأمنية المنتشرة، وبتوجيه من وزير الدخلية، تمكنا من إلقاء القبض على مجموعات من هؤلاء بعد صدامات ومواجهات مسلحة؛ أدت إلى اعتقال أعداد كبير منهم، وتبين أنها مليشيات خارجة عن القانون استغلت اسم الدولة، ويحمل معظمهم هويات رسمية تابعة لرئاسة الوزراء وجهاز الأمن الوطني والحشد الشعبي".
وتابع الضابط: "من المؤسف أن الهويات التي يحملونها غير مزورة، وصادرة بكتب رسمية. أما السيارات التي يستقلونها فهي تابعة لبعض الأحزاب الدينية، وقادة في الحشد الشعبي، وأعضاء في البرلمان العراقي الحالي، وهم أنفسهم من ساهم في إذكاء الفتنة
الطائفية قبل سنوات من خلال تفجير المساجد، والقتل على الهوية الطائفية والخطف".
لكن المصدر رفض الإفصاح عن أسماء الأشخاص الذين يقصدهم أو مناصبهم السياسية والحزبية، مكتفيا بالقول، لـ"
عربي21"، إنهم معرفون لدى العراقيين والجهات الأمنية، وستكشف أسماؤهم قريبا للرأي العام والإعلام، بحسب قوله.
أما في مدينة العامرية غربي بغداد، المثقلة بانتهاكات هذه المليشيات، فقد عبر الأهالي عن استيائهم من تكرار سيناريو الخطف والابتزاز.
ويقول لطيف السامرائي لـ"
عربي21": تدخل العامرية عجلات عسكرية تحمل مسلحين، تشل حركة المدينة، ويقدمون أنفسهم على أنهم قوة أمنية مخولة بالاعتقال والتفتيش، لكن السكان على علم أنها عصابات مليشياوية شيعية هدفها السرقة واعتقال الشباب".
وأشار السامرائي إلى أن المنطقة سجلت على مدى الأيام الماضية حوادث سطو مسلح طالت المنازل، بعد عزل النساء على الرجال بحجة التنفيش والبحث عن مطلوبين، "وكالعادة لا تعرف شرطة العامرية والجيش من هؤلاء، وتسجل هذه الحوادث ضد مجهول"، وفق تعبيره.