تناولت صحيفة "الأخبار" اللبنانية التابعة لحزب الله، المحادثات
اليمنية الجارية في مسقط عاصمة سلطنة عمان، حيث قالت إنها تمثّل اختبارا سياسيا هو الأبرز منذ بدء الأزمة اليمنية.
وبحسب الصحيفة، فإن ذلك ظهر جليا في آخر جولة غير معلنة من المفاوضات الجارية في مسقط، التي شهدت، للمرة الأولى، "جلوس ممثلين عن
السعودية وعن جماعة أنصار الله (
الحوثيين) إلى طاولة واحدة، إلى جانب أطراف دولية متابعة للملف"، وفق مصادرها.
وأفادت الصحيفة بأن الاجتماع عقد على يومين نهاية الأسبوع الماضي، وشارك فيه ضابطان برتبة عقيد وعميد من الجيش السعودي، والسفيران الأمريكي والبريطاني، وممثل جماعة الحوثي محمد عبد السلام، إضافة إلى اجتماعات مع المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ، ومندوبين عن الاتحاد الأوربي.
وبحسب الصحيفة، فإن مصدرا دبلوماسيا عربيا في مسقط كشف أن "الوسطاء" الأمريكيين والأوروبيين واجهوا معضلة مزدوجة:
الأولى، تقول إن خطر تمدد "القاعدة" جنوبا بات حقيقة، وأنه يصعب توقع احتوائه.
أما الثاني، مباشرة الحوثيين هجمات نوعية تقود إلى السيطرة الكاملة على مناطق عدة من جنوب السعودية، وصولا إلى الطريق المؤدي إلى الرياض.
وبناء عليه، "سارع الأمريكيون إلى إبلاغ المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد شيخ أن هناك أفقا، وتم على هذا الأساس عقد سلسلة من الاجتماعات الثنائية والثلاثية في مسقط والرياض، قبل الاتفاق على عقد اجتماع موسع، يشارك فيه جميع الأطراف، ويحضر فيه، وللمرة الأولى، مندوبون عن أنصار الله، وعن الجيش السعودي في الغرفة ذاتها"، وفق الصحيفة.
ووصفت مصادر الصحيفة اللقاءات بأنها "كانت إيجابية"، وقالت إنه "تمت مناقشة الكثير من المقترحات، حيث يجمع الكل على ضرورة الحل السياسي، وأن أي استمرار في الحرب معناه كارثة".
وقالت الصحيفة إن المصادر لاحظت بأنه كان هناك تجاوب واضح من الجانب الغربي، "لكن الجميع فهم بأن الجانب السعودي لم يحسم موقفه. وقد وصل الأمر تولّي دبلوماسي غربي إبلاغ الحاضرين بأن الأمر يحتاج إلى تفاهم سعودي داخلي، قبل ظهور الموقف النهائي".
وأضافت أنه في وقت لاحق، ظهر أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أبلغ مساعديه أنه يعدّ مقترحا لإبلاغه إلى الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، وأساسه "قلق واشنطن العميق من تدهور الوضع الإنساني في اليمن". وهي عبارة شرحها أحد الدبلوماسيين الغربيين، بأنها "دعوة صريحة إلى وقف إطلاق النار"، كما جاء في الصحيفة.
وقالت إن المحادثات أجريت في أجواء تفيد بأن الجانب الغربي يريد من السعودية عدم ربط موقفها من التسوية بنتائج المعارك الميدانية، خصوصا أن الغربيين يستشعرون الخطر من تطورات ليست في مصلحة السعوديين، وفق الصحيفة.
وما زاد في قلق الوسطاء، وفق ما أوردته "لأخبار" أن الحوثيين أبلغوا كلّ من يعنيه الأمر بأن ما وافقوا عليه الآن، لن يكون متوافرا بعد معركة مأرب، سواء ربحها التحالف أو خسرها.
دوافع المحادثات المباشرة
وقالت صحيفة "الأخبار" إنها علمت من مصادر "مواكبة للحراك الإقليمي المرتبط في اليمن" -لم تسمها- بأن هذه التطورات جاءت بعدما شهدت مفاوضات مسقط الرامية إلى إيجاد حل سياسي لهذا الملف جمودا واضحا، جرّاء "تصرف السعودية ومعها قوى أخرى، بينها
الإمارات، على أنه لا حاجة إلى المفاوضات، وأن الحملة العسكرية ستستمر وصولا إلى استعادة السيطرة على صنعاء، وإخراج الحوثيين"، وفق الصحيفة.
وأوضحت الصحيفة أن وفد الحوثيين وحزب المؤتمر الذي يترأسه الرئيس السابق علي عبدالله صالح، قرروا حينها الاستعداد للعودة إلى اليمن من سلطنة عمان، وقد أبلغوا ولد شيخ قرارهم، ما دفع الأخير إلى التعبير عن إحباطه من الموقف السعودي.
وبحسب مزاعم الصحيفة، فإن ذلك دفع بالأمريكيين إلى المسارعة إلى التواصل مع عواصم معنية مباشرة بالأزمة اليمنية، "بينها طهران وموسكو، إلى جانب أبوظبي ولندن وبرلين".
وتقرر في ضوء الاتصالات أن يجري الأمريكيون الاتصالات السريعة بالقيادة السعودية؛ بغية عدم إقفال الباب أمام الحل السياسي.
في هذه الأثناء، طلبت سلطنة عمان من وفد صنعاء عدم المغادرة، بينما أدى السفيران الأمريكي والبريطاني دورا مباشرا في إطلاق محادثات، بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، أفضت إلى طلب عودة ولد شيخ إلى المنطقة، بعد أن كان قد غادرها إثر الموقف السعودي، بحسب الصحيفة.
وأوردت الصحيفة في تقريرها أن الأمريكيين استفادوا من "مناخات متقلبة داخل القيادة السعودية"، أبرزها ظهور الخلافات بين ولي العهد محمد بن نايف وولي ولي العهد محمد بن سلمان، حول طريقة التعامل في المرحلة المقبلة، "حيث يصرّ بن سلمان على مواصلة الحرب، بينما أعرب بن نايف عن خشيته من تدهور يتجاوز الساحة اليمنية".
وبحسب مصادر الصحيفة، فإن وفد الحوثي وصالح، كان مع قرار البقاء في مسقط، وقد أبلغ من قيادته في اليمن أن مرحلة المواجهات العسكرية سوف تشهد تطورات مختلفة عن السابق.
وحصل أن باشرت جماعة الحوثي والقوات الموالية لعلي صالح هجمات نوعية وواسعة النطاق داخل الأراضي السعودية، مع حصول مواجهات قاسية في مناطق قريبة جدا من مدن مأهولة بالسكان، أبرزها نجران وجيزان.
وترافق ذلك مع لجوء الحوثيين إلى استخدام صواريخ بعيدة المدى، استهدفت مواقع ومطارات ومحطة للكهرباء، وفق الصحيفة.
وأشارت الصحيفة إلى إن مقتل عدد من الضباط الإماراتيين في عمليات نوعية لأنصار الله تسبّب في اتخاذ أبو ظبي قرارا بسحب القسم الأكبر من قواتها إلى خارج اليمن، وإبقاء مجموعات صغيرة في مواقع محصنة، "بينما تنافست المجموعات المسلحة على تسلّم الأسلحة والدبابات، إضافة إلى كميات كبيرة من الأموال"، وفق ما نقلته الصحيفة عن مصادرها.
وبناء على ما سبق، تمت الدعوة إلى محادثات جديدة، قالت الصحيفة إنها أنتجت جولة غير معلنة من المفاوضات الجارية في مسقط، التي شهدت، للمرة الأولى، "جلوس ممثلين عن السعودية وعن جماعة أنصار الله (الحوثيين) إلى طاولة واحدة، إلى جانب أطراف دولية متابعة للملف".