لم يكتف النظام السوري بحصار الغوطة الشرقية منذ ما يزيد عن عامين، بل كثف غاراته الجوية، وقذائفه المدفعية نحوها استهدفت بلدات الغوطة عموما، ودوما خصوصا، أهلكت الأهالي المحاصرين فيها، وأردت الكثير منهم بين قتيل وجريح منذ بدايتها بهذا الشكل غير المسبوق.
ويرى نشطاء وسكان في المنطقة أن النظام أخذ قراره بالتخلص من الأهالي المحاصرين، وتهديم ما بقي في بلداتهم. ومن ذلك، مفاوضات الزبداني الأخيرة بين إيران وحركة أحرار الشام التي تدل على أن النية الكامنة وراء هذه الحملة هي إخلاء المنطقة من سكانها، وتغيير ديمغرافية المنطقة.
وفي هذا السياق، وليس بعيدا عن غوطة
دمشق والزبداني، وضمن مناطق سيطرته، يمارس النظام على سكان منطقة بساتين
المزة التهجير تحت مسمى إعادة تنظيم المنطقة وإعمارها، حيث أن محافظة دمشق ومنذ ثلاث سنوات أعلنت مخططا تنظيميا جديدا للمنطقة، وأعربت عن نيتها لتطبيقه.
وفي حديث خاص مع محمد، أحد سكان منطقة بساتين المزة، أوضح لـ"
عربي21" أن المنطقة المستهدفة هي المنطقة التي يحدها اتوستراد المزة شمالا، والمتحلق الجنوبي جنوبا، وتبلغ مساحتها حوالي 214 هكتارا، وتشمل كفرسوسة والمزة.
وتسمى المنطقة حاليا "جنوب شرق المزة" للتعريف بها ولسهولة التعامل الفني، ولكن لاحقا سيتم اختيار أسماء جديدة لكل من المنطقتين بعد الانتهاء من تنفيذهما، وذلك بحسب محافظة دمشق.
وتسكن المنطقة المستهدفة آلاف العائلات من سكانها الأصليين، والكثير من النازحين إليها من مناطق المعارك والاشتباكات، كحي القدم ومدينة داريا، علما بأن هؤلاء السكان يعانون من مختلف أشكال التضييق من خلال نشر الحواجز وإغلاق مداخل المنطقة، وحد حركة الأهالي داخلها بقطع الطرق، وذلك بعد ظهور خلايا مسلحة فيها ومقاومة عنيفة في عام 2012.
وبحسب محمد، فإن الأهالي لم يعيروا الأمر اهتماما في البداية، حيث أن وسائل إعلام النظام تحدثت عن بداية تنفيذ المشروع مطلع عام 2013، ولم تبدأ به، أما اليوم فقد تم توزيع إنذارات الإخلاء على جميع سكان الحي، ويجب على الجميع إخلاء بيوتهم خلال شهرين.
وبين محمد أن "المنطقة فيها كثافة سكانية عالية، ومعظم سكانها من الطبقة الفقيرة والمتوسطة، ولا يوجد لهم سكن بديل في حال بدأ النظام بتنفيذ المشروع، حيث أن المناطق الآمنة في دمشق مكتظة جدا بالسكان. ففيها أهالي دمشق، والكثير من أهالي الغوطة الشرقية والمنطقة الجنوبية، علاوة على أن أجرة البيوت مرتفعة فيها، ومن الصعب أن يدفعها سكان هذا الحي".
وأضاف: "بذلك لا يوجد مكان آمن للذهاب إليه، فالنظام يدفعهم دفعا نحو الهجرة الى خارج البلاد".
ومن الجدير بالذكر أن المنطقة المستهدفة بالمشروع لا تبعد إلا بضعة كيلومترات عن مدينة داريا المحاصرة، والتي يتقاسمها اليوم النظام مع الثوار كمدينة مهدمة تحتاج لإعادة إعمار من جديد.