كتب كمال أوزتورك: شرعت
تركيا بتنفيذ مخطط جاد لمكافحة منظمتي "داعش" و"
بي كا كا" الإرهابيتين بشكل خاص، وغيرهما من المنظمات الإرهابية بشكل عام، ما ستترتب عليه آثار سياسية مهمة، على صعيد سياساتها تجاه سوريا، والعراق، وإيران والشرق الأوسط.. فما الذي تعتزم تركيا القيام به في المستقبل؟
الولايات المتحدة وبريطانيا تتخليان عن منظمتي "بي كا كا" و"الاتحاد الديمقراطي".
أولا وقبل كل شيء، أجرت تركيا مناورة دبلوماسية مهمة، إذا يتضح أنها توصلت إلى تفاهم مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، فيما يتعلق بمنظمة "بي كا كا" الإرهابية، والوضع في شمال سوريا، حيث وافقت الولايات المتحدة الأمريكية، على اتخاذ موقف واضح من منظمة "بي كا كا" الإرهابية، وامتدادها في سوريا، (منظمة حزب الاتحاد الديمقراطي)، مقابل السماح لها باستخدام قاعدة "إنجرليك" الجوية جنوبي تركيا.
وفي 6 أغسطس الجاري، استدعى سفير إحدى الدول الغربية الكبرى لدى أنقرة، حشدا من الصحفيين الأتراك، مشددا على أن بلاده لم تكن يوما حليفة لامتدادات منظمة "بي كا كا" في سوريا، وأنها كانت ولا تزال حليفة لتركيا "في السراء والضراء".
كتبت معظم الصحف التي صدرت في تركيا يوم 7 أغسطس ذلك التصريح بالخط العريض، على صدر صفحاتها، دون أن تذكر اسم السفير وبالطبع البلد الذي يمثله.. ورغم ذلك، فقد كان الجميع على علم بأن تلك التصريحات كانت صادرة عن سفير الولايات المتحدة في أنقرة.
وفي اليوم ذاته، أعرب السفير البريطاني في تركيا علنًا – دون أن يطلب عدم نشر اسمه – عن اتخاذ بلاده موقفا معلنا ضد الأعمال الإرهابية التي ترتكبها منظمة "بي كا كا"، وعن وقوفها إلى جانب تركيا.
لقد كان لتلك التصريحات الصادرة عن السفيرين وقع وتأثير مهم على الشارع التركي.
ستبدأ الولايات المتحدة والدول الحليفة الأخرى من الآن فصاعدا، شن عملياتها الجوية ضد أهداف تنظيم "داعش"، انطلاقا من قاعدة "إنجرليك" الجوية، فيما سيقدم الحلفاء كامل الدعم للعمليات التركية ضد معاقل منظمة "بي كا كا" وتنظيم "داعش"، في سوريا والعراق.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الدعم السياسي الإعلامي الذي كان يقدَّم لمنظمة "بي كا كا" الإرهابية، وامتداداتها في سوريا المتمثلة بمنظمة "حزب الاتحاد الديمقراطي"، لن يكون كما كان عليه الحال في الماضي.
"العملية الكبرى" باتت قاب قوسين أو أدنى
ستصل قريبا طائرات الحلفاء الحربية إلى قاعدة "
إنغرليك"، خاصة أنه من غير المرجح أن تكون هنالك عملية برية تجري في داخل سوريا، إنما سيتم تشكيل قوة بمشاركة تركيا، حيث ستستهدف تلك القوة معاقل تنظيم "داعش"، فيما ستقوم وحدات من قوات المعارضة السورية المعتدلة وعناصر من مسلحي منظمة "حزب الاتحاد الديمقراطي"، بتأمين السيطرة على الأرض، دون أن يسمح لمسلحي منظمة "حزب الاتحاد الديمقراطي"، بالعبور نحو الضفة الغربية لنهر الفرات، خاصة أن تركيا سبق وأعلنت أن أي عبور من هذا القبيل، سيكون بمثابة "إعلان للحرب".
سيتم تسليم مناطق الشمال السوري، التي تم إخلاؤها من مسلحي "داعش"، لقوات المعارضة المعتدلة، وسيتم توطين العرب والأكراد السوريين، الذين أجبرتهم ظروف الحرب على اللجوء نحو تركيا، وهكذا، تكون تركيا قطعت الطريق أمام منظمتي "بي كا كا" و"الاتحاد الديمقراطي"، في بناء منطقة تخضع لسيطرتهما في شمالي سوريا، والتي عرفت باسم مشروع "روجافا".
هل من الممكن تشكيل منطقة كردية؟
لا أعتقد أن يتم التخلي بسهولة عن مشروع "روجافا"، الذي يهدف لتشكيل منطقة حكم ذاتي كردية متجانسة عرقيا شمالي سوريا، فرغم وقوف الولايات المتحدة الأمريكية إلى جانب تركيا، إلا أن دولا أوروبية عديدة على رأسها ألمانيا، تنفق بسخاء وتدعم بحماسة، تشكيل مثل تلك المنطقة، التي تعارض تركيا وجودها بشدّة.
ومن المثير للاهتمام، أن بعض الصحفيين والأحزاب السياسية الموجودة في تركيا مثل حزب "الشعوب الديمقراطي"، يدعمون تحقيق مثل هذا المشروع، بكل ما أوتوا من قوة.
في الواقع، إن تركيا تمتلك خطّة طويلة الأمد، تستند إلى عدم التسامح قيد أنملة مع المنظمات الإرهابية وعلى رأسها منظمة "بي كا كا" و"داعش".. ستقاوم تركيا مشروع "روجافا"، وستتجه نحو الانتخابات الجديدة وفق هذه المعطيات.
إلى ذلك، أود الإشارة إلى أن التوقعات بملف المحادثات الجارية بين الأحزاب السياسية التركية لتشكيل حكومة ائتلافية، لا تشير إلى توصل فرقاء العمل السياسي لنتائج إيجابية، وهذا يعني أن تركيا قد تتجه نحو انتخابات مبكرة، خلال نوفمبر المقبل.
(عن صحيفة بوابة الشرق القطرية، 12 آب/ أغسطس 2015)