ارتبط اسم "الحارس الأمين" لمدينة
عدن، بشخصية
نائف البكري المحافظ الجديد للمدينة، منذ بدء اجتياح
الحوثيين وقوات المخلوع علي عبد الله صالح للمدينة في آذار/ مارس الماضي، بالتزامن مع الاختفاء المفاجئ لمحافظ المدينة السابق عبد العزيز بن حبتور، الذي دفعه هذا الأمر إلى أن يكون الرجل الأول في عدن (جنوبي
اليمن).
وجاءت أهمية تعيين البكري محافظا لعدن في 20 من تموز/ يوليو الجاري، ليس لكونه أحد رموز حزب الإصلاح اليمني (إخوان اليمن) بل لأنه المسؤول الحكومي الوحيد الذي لم يفكر في الهرب، عندما اقتربت آلة الموت التابع للحوثيين وحليفهم صالح من المدينة، وقرر البقاء ليعيش كل لحظات الحرب، في وقت غادرها كثيرون من منافذ الهروب إلى الخارج.
وعمل نائف البكري، قبل صدور قرار الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي بتعيينه محافظا، وكيلا لمحافظة عدن لشؤون المديريات منذ تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2013، ومن قبل ذلك مديرا عاما لمديرية المنصورة، المنطقة الوحيدة التي لم يستطع الحوثيون والقوات الموالية لهم دخولها.
البكري، الذي ترأس مجلس قيادة المقاومة الشعبية، كان مرشح الإجماع لمنصب محافظ مدينة عدن، حيث حظي بموافقة المقاومة الشعبية والممثلين عن الحكومة الشرعية في اليمن، فضلا عن أنه وكيل المحافظة أصلا، والأقدر على القيام بالمهمة في هذا الظرف الصعب الذي تمر به المدينة.
وتباينت ردود الأفعال، حيال قرار الرئيس هادي بتعيين الشخصية الأكثر تأثيرا بين العدنيين، نائف البكري، محافظا لمدينة عدن، بعد أنباء عن رفض إماراتي لهذا القرار، بذريعة أن البكري، أحد رموز "الإخوان المسلمين"، وفقا لمصادر "
عربي21".
فهناك وصف تعيين البكري، الذي يرأس مجلس قيادة المقاومة في عدن، "استحقاقا طبيعيا لقائد مقاوم، صمد بين أهله في مدينة عاشت ويلات حرب لم تشهدها من قبل"، وذهب آخرون إلى طرح أسماء قيادات بارزة في المقاومة الشعبية، ومطالبة الرئيس هادي بتمكينهم من إدارة المدن المنتفضة ضد قوات الحوثي وصالح.
وكتب القيادي السابق في الحزب الاشتراكي اليمني شفيع العبد عن محافظ عدن الجديد، بقوله: " نائف البكري، لم يهرب بل التحم بالمقاومة منذ انطلاقتها، فقد عرفته ثائرا في صفوف الحراك الجنوبي عند انطلاقاته الأولى، ثم في ثورة 2011، حين جمعتنا ساحة المنصورة".
وأضاف العبد في تعليق له على حسابه بموقع "فيسبوك" : رغم أن البكري عضو في التجمع اليمني للإصلاح، لكن الإيديولوجيا لم تكن منهجه ولا مقصده". مشيرا إلى أن قرار تعيينه محافظا لعدن، ما هو إلا استحقاق طبيعي، أنتجه صموده و وقوفه إلى جانب أهله".
وتابع حديثه : "لقد ظل الرجل محتفظا بحيويته ونشاطه وعلاقاته وهو وكيلا لمحافظة عدن، واقترب أكثر من أنشطة شبابها ومجتمعها المدني، ولم تصدر منه إساءة للحراك الذي يحسب نفسه أحد نشطائه".
من جهته علق الكاتب الصحافي السعودي جمال خاشقجي على القرار على صفحته بـ"تويتر" قائلا: "نايف البكري لم يعين محافظا لعدن بعد تحريرها لأنه إخوان، وإنما لكونه يحظى بشعبية كبيرة فيها وخدمها ومن قادة مقاومتها".
وجاء تعليق الكاتب السعودي المقرب من النظام هناك، بعد معلومات تشير إلى أن دولة الإمارات كانت ترفض تعيينه في هذا المنصب، وحاولت الضغط من أجل عرقلة وصوله إلى منصب محافظ عدن.
وبحسب مصدر يمني لــ"
عربي21" فإن "الرفض الإماراتي مرده إلى أن الرجل (البكري) هو أحد رموز حركة الإصلاح اليمنية، أي أنه أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين في البلاد".
ورأى عضو المنتدى السياسي للتنمية الديمقراطية فهد سلطان أن "تعيين نائف البكري محافظا لعدن في هذا التوقيت بالذات، الأكيد أنه يأتي في سياق إحراق البكري الإصلاحي المستقيل، وإفشاله كمقدمة لتشويه ما تبقى من صورة الإصلاح في الجنوب اليمني".
وقال في منشور له بـ"فيسبوك" إن "البكري سيكون في الواجهة أمام الشارع العدني والجنوبي خصوصا، والشارع اليمني بوجه عام، وفي المقابل سيكون أمام قيادة لها سوابق في التعامل مع وزراء وقيادات عسكرية سابقة ترفعها إلى الأعلى تمهيدا للإحراق".
شخصية البكري كانت عادية، جسّدها من خلال ارتباطه وقربه من أبناء مدينته، غير أن خطابه السياسي المتزن، جعله الشخصية الأوفر حظا في نيل ثقة المواطنين في عدن، قبل ثقة الرئاسة اليمنية.