كشفت صحيفة المصري اليوم النقاب عن أن القضية المعروفة إعلاميا باسم القضية "250 أمن دولة"، عبارة عن 13 بلاغا للنائب العام، تم تحريرها في أوقات مختلفة من محامين وشخصيات عامة وسياسيين، وتطول عددا كبيرا من الإعلاميين والناشطين السياسيين الليبراليين والعلمانيين، دعاة ثورة 25 يناير 2011، بتهم
التخابر، وتلقي أموال من الخارج.
ورجح مراقبون أن عدم إثارة القضية حتى الآن، يعود إلى رغبة نظام رئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي، انتظار الوقت المناسب لها، واستخدامها عصا يردع بها الناشطين العلمانيين والليبراليين، تحسبا لانقلابهم عليه، برغم أن معظمهم كانوا نجوم الثورة المضادة في 30 يونيو 2013، وأن غالبيتهم وقفوا معه في 3 يوليو.
واستدلوا على ذلك بأن النيابة لم تواجه أي متهم في القضية حتى الآن بأي اتهامات، كما لم تستدع أحدا من المذكورة أسماؤهم بتلك البلاغات، بل اكتفت بمنع عدد منهم من السفر للخارج، ووضعت آخرين ضمن قوائم ترقب الوصول، في انتظار الوقت المناسب لتفجيرها.
وذكرت تقارير الأمن الوطني والمخابرات العامة في القضية أن المتهمين تلقوا قبل ثورة 25 يناير مليون دولار، وحصلوا بعد الثورة على مبالغ وصلت إلى 18 مليون دولار.
وقالت "المصري اليوم"، السبت، إن القضية بدأت بتحرير محضر يوم 28 آذار/ مارس عام 2011، وإن البلاغات تمت إحالتها إلى نيابة أمن الدولة العليا، التي طلبت تحريات الجهات الأمنية المختصة، التي لم تصل حتى الآن إليها، برغم انتهائها منذ عام.
وأضافت أنه بعد مرور شهرين تقريبا على ثورة 25 يناير، وتحديدا عقب اقتحام مقار جهاز أمن الدولة المنحل، ظهرت تسجيلات وملفات وأوراق وصور فوتوغرافية من داخل الجهاز، تتهم عددا من الناشطين السياسيين والشخصيات العامة، بتلقي أموال من جهات أجنبية بمبالغ بلغت قبل الثورة مليون دولار في عام 2010 فقط، واستمروا في تلقي الأموال بعد الثورة.
ورصدت الأجهزة الأمنية والمخابراتية تلقيهم بعد الثورة 18 مليون دولار حتى نيسان/ أبريل 2014، وتضمنت التسجيلات والمراسلات اعترافات بين الناشطين بحصولهم على الأموال من أمريكا وألمانيا وكندا وماليزيا، لتنفيذ مخطط أجنبي غربي تقوده أمريكا.
وبناء على تلك المعلومات تقدمت شخصيات عامة ومحامون ومواطنون عاديون من تلقاء أنفسهم، أو بدافع من جهات لم تكشف عن نفسها، ببلاغات تتهم هؤلاء الناشطين والشخصيات، وعددهم 41 بتلقي أموال من جهات أجنبية، والتخابر مع دول وحركات أجنبية، ونقل معلومات عن الشأن الداخلي للبلاد لجهات أجنبية.
وتم تحرير تلك البلاغات وقت تولى عبد المجيد محمود منصب النائب العام فأحالها إلى المكتب الفني لبدء التحقيق فيها، وقبل أن يبدأ أعضاء النيابة فحصها تمهيدا لطلب التحريات، واستدعاء المبلغين والمتهمين، تولى الدكتور محمد مرسي رئاسة البلاد، وأطاح بعبد المجيد.
وتوقفت التحقيقات في تلك البلاغات بسبب رحيل عدد من المحققين، وإنهاء انتدابهم بعد أن جاء الرئيس مرسي بالمستشار طلعت عبد الله، نائبا عاما، وبعد رحيل طلعت تم تعيين هشام بركات نائبا عاما، فقرر إحالة تلك البلاغات إلى نيابة أمن الدولة العليا للتحقيق فيها.
وضمت قائمة البلاغات كلا من: أحمد ماهر وأسماء محفوظ، ووائل غنيم، ووائل عباس، وعمرو حمزاوي، وإسراء عبدالفتاح، ووائل قنديل، وأيمن نور، وشادي الغزالي حرب، ومصطفي النجار، أحمد دومة، وعلاء عبدالفتاح، ونوارة نجم، وعبدالرحمن عز، وعصام سلطان، والمعتز بالله عبدالفتاح، وعبدالرحمن يوسف، ومحمد عادل، ومحمد سوكة، وجهاد الحداد.
كما ضمت كلا من: هشام البسطويسي، وغادة شهبندر، وحافظ أبو سعدة، وناصر أمين، وعمرو الشوبكي، وأحمد سميح، ومازن حسن، وحمدى قناوي، ودعاء قاسم، ومروة مختار، وجميلة إسماعيل، ومايكل منير، وهشام قاسم، وباربرة إبراهيم، وسها عبدالعاطى، وحسام بهجت، ومعتز فجيرى، وإنجى الحداد، وبهى الدين حسن، ومحمد شلبي، ومحمد البرادعي، وطارق الخولي، ومحمد صلاح، وجوليا ميلاد.
وبلغ حجم البلاغات والتحريات في القضية قرابة 10 آلاف ورقة و6 "فلاشات" عليها فيديوهات وتسجيلات صوتية، وبعضها حوارات على "الشات"، تم تسريبها بين عدد من المتهمين.
وجاء في التحريات أنه في أثناء جمع المعلومات والتحريات اللازمة في قضية
التمويل الأجنبي المتهم فيها عدد من العاملين والمسؤولين في المنظمات الأجنبية بإنشاء وإدارة فروع لمنظمات أجنبية في البلاد دون ترخيص، التي انتهت التحقيقات فيها إلى إحالة المتهمين إلى المحاكمة الجنائية، ادعت التحريات أن 39 من الواردة أسماؤهم بتلك البلاغات تلقوا أموالا نقدية وتدريبات بالفروع أو بمنظمات أجنبية مقابل تدريبهم على كيفية التظاهر، والخروج على الحاكم، تحت مسمى الديمقراطية الرشيدة.
وتضمنت التحريات أيضا لقاءات عدة تم عقدها بين عدد من هؤلاء الشباب بالسفيرة الأمريكية السابقة آن باترسون داخل منزلها وقت أن كانت في القاهرة، وأشرفت على عملية تمويل النشطاء السياسيين بشكل رئيس، حيث عقدت لقاءات سرية عدة غير معلن عنها مع هؤلاء النشطاء بغرض الاطلاع على الأوضاع الداخلية في مصر.
وذكرت التحريات -التي أجراها ضباط التحريات في مباحث الأمن الوطني والأموال العامة- أن السفيرة الأمريكية كانت تحافظ على سرية اللقاءات وأسماء النشطاء الذين أطلعوها على الوضع بمصر، وأنهم طالبوا بعقد تلك اللقاءات خارج مقر السفارة تجنبا لعدم رصدهم من قبل أجهزة الأمن، ووافقوا على عقدها في منزلها.
وتضمنت التحريات، التي تم جمعها على فترات استمرت عامين، شهادة أحد أعضاء حركة 6 إبريل، حصلت عليها أجهزه الأمن في مايو 2014، وقال فيها إن السفيرة أبلغتهم بأن الإدارة الأمريكية منحت المعارضة المصرية وقت حكم المجلس العسكري ومرسي 43 مليون دولار.
ورصدت أجهزة الأمن تلك اللقاءات بالصور، وحصلت على تسجيلات لاثنين من الذين حضروها، وهما يتحدثان معا، ويعترفان بأنهما سيحصلان على مبالغ كبيرة من السفارة الأمريكية إذا ما استمروا في تقديم الدعم لهم، وتوفير المعلومات المطلوبة لهم من داخل مصر.
وأضافت المصادر أنه "لابد من وجود التحريات حتى تتم مواجهة المتهمين بها، وأنه صدر قرار من النيابة بمنع 5 من هؤلاء المتهمين من السفر، وصدر إذن من النيابة بالكشف عن أرصدة 9 منهم في البنوك، وتم التحفظ عليها، وأن الأرصدة كشفت احتفاظ أسماء محفوظ بستة ملايين جنيه، أما باقي الأشخاص فأرصدتهم تتراوح بين 400 ألف جنيه ومليوني جنيه".