نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للكاتب ديفيد إغناتيوس يقول فيه إنه بينما يجتمع الزعماء العرب في
كامب ديفيد هذا الأسبوع، فإن إدارة
أوباما تناقش بهدوء مراجعة لسياساتها تجاه
تنظيم الدولة، ليعكس تقديرها بأن التنظيم يشكل خطرا على المستوى الدولي.
ويقول الكاتب في مقاله، الذي اطلعت عليه "
عربي21"، إنه على اعتبار العدد الكبير من التحديات والمخاطر في الشرق الأوسط، فإن مسؤولي الولايات المتحدة يأملون بتشكيل جبهة موحدة ضد
التطرف في المنطقة، سواء كان شيعيا أم سنيا. ولكن أحد المسؤولين الأمريكيين الكبار ذوي العلاقة بالتحالف ضد تنظيم الدولة أبدى قلقه لقلة الإمكانيات، وقال: "يمكن مقاتلة تنظيم الدولة في العراق وسوريا أو في اليمن، ولكن ليس على الجبهتين".
ويرى إغناتيوس أنه بتركيز السعودية ودول خليجية أخرى على الثوار المدعومين إيرانيا في اليمن، فإن الحرب ضد تنظيم الدولة لم تظهر واضحة خلال الشهر الماضي. ولكن الدعم "للخلافة" السنية في العراق وسوريا يتزايد. وبحسب المصادر الحكومية الأمريكية، فإن هناك حوالي ستة تنظيمات مرتبطة بتنظيم الدولة، وعلمها المتميز الأبيض والأسود شوهد في أكثر من 70 بلدا، ما يجعل تنظيم الدولة منافسا لتنظيم القاعدة، من حيث مجال العمل والتهديد.
ويستدرك التقرير بالتساؤل كيف يمكن لتحالف تقوده أمريكا أن يحارب تنظيم الدولة، دون أن يتسبب بزيادة شعبية التنظيم، في وجهة نظر الشباب المتطوعين؟ ويقول إغناطيوس: "قد يكون لدي بعض الأفكار المستفزة بعد الحديث مع عدد من خبراء استراتيجية مكافحة الإرهاب".
ويرى الكاتب أن إشكالية قتال تنظيم الدولة هي إشكالية "سيكولوجية وليست دينية"، بحسب رأي آري كرنغلاىسكي، وهو سيكيولوجي يستشهد خبراء التواصل الاستراتيجي المسلمين في الإمارات بأعماله. وهم يتفقون أيضا مع العالم الفرنسي أوليفر روي بأن رسائل الشيوخ المسلمين والأئمة ضد الجهاديين لن تنجح، فبينما قد يبرر مجندو تنظيم الدولة أفعالهم بالدين، فإنه ليس هو "الدين" المحرك، بل إن ما يدفعهم هو تهور رومانسي جارف يحصل بين المراهقين في كل مكان.
ويجد التقرير أن ما يحرك الشباب الجهاديين هو "مسائل الحياة" الجوهرية ذات العلاقة بمعاني الانتماء وتحركاتهم العدوانية تجاه الأشخاص الذين يمثلون السلطة، عن طريق محاولة جذب الانتباه والاستعراض أكثر مما تدفعهم العقيدة، بحسب رأي المحلل الذي يعمل في الإمارات، الذي أمضى أكثر من عشر سنوات في تحليل ظاهرة التطرف.
ويرى كرنغلاىسكي أن السياسة الصحية لمحاربة الإرهاب بحكمة يجب أن تعتمد على منع "المستقبلات" التي تؤدي إلى العدوانية عن طريق تشجيع التسامح والشعور بإنهاء الأزمات، فمحاولة إقناع الجهاديين بالنزول عن الحافة التي يقفون عليها قد يكون مضيعة للوقت، إن سمحنا لهم بالوصول إلى تلك الحال.
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، ما كتبه المحلل في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، وقال إن تنظيم الدولة "يمثل إحدى أقوى الماركات العالمية عن طريق اللعب على المظالم والمشاعر، وباستخدام روايات ترتبط بمعاناة المسلمين والإذلال الذي يعانون منه، ويضع الشباب الأبطال في مواجهة الحكومات الظالمة والفاسدة".
ويذكر الكاتب أن ذلك الاستراتيجي يرى أن الضغط على المسلمين لمواجهة الجهاديين قد يؤدي إلى نتائج عكسية "فوضع العبء على كاهل المجتمعات المسلمة قد يكون كأسا مسموما"، فهو يجعل القضية مع مسلمي التيار العام، وليس المتطرفين.
وتنقل الصحيفة عن نادية عويدات، وهي محللة أردنية الأصل تعمل مع "نيو أميركان فاونديشن"، قولها إن أفضل سلاح ضد رواية الجهاديين سريعة الانتشار على مواقع التواصل الاجتماعي هو بديل يمجد الحرية. وببحثها في مواقع التواصل العربية وجدت كما كبيرا من صفحات فيسبوك ويوتيوب تتحدث عن الحرية الشخصية، وتلك الأفكار نشأت مع الربيع العربي في 2011.
ويقول إغناتيوس: "أرتني عويدات عشرات المواقع الإعلامية التي تحمل هذه الرسائل الداعية إلى الحرية. هناك برنامج حواري على يوتيوب يسمى (البطات السود)، سجل فيه الملحد المصري إسماعيل محمد عشرات الحلقات التي تعرض معتقدات مختلفة، ومنتدى حواريا يسمى (الحوار المتمدن) يشارك فيه مليونا شخص، والروائية الجزائرية أحلام مستغانمي لديها سبعة ملايين معجب على صفحتها على فيسبوك، بما يفوق جماعة الإخوان المسلمين، التي جمعت 76 ألف معجب".
ويضيف الكاتب أن هناك إشارة أخرى لوجود الأفكار الليبرالية في الشرق الأوسط، "بالرغم من ارتفاع أصوات الجهاديين لتغطيها"، ومن آخر استطلاع لرأي الشباب العرب، قامت به شركة العلاقات العامة أصداء "برسون ماستلر"، وقامت على مقابلات مع 3500 شاب في سن 18 إلى 24 عاما في 16 بلدا عربيا. قال 73% منهم إنهم قلقون من صعود تنظيم الدولة، وتوافق نسبة 67% على أن الأيام القادمة هي الأفضل، ولكن هناك تشككا حول الديمقراطية الغربية، ولم يعد "غياب الديمقراطية" أكبر العوائق سوى بنسبة مقدارها 15%، من المستطلعة آراؤهم.
ويختم إغناتيوس تقريره بالقول إن "النقاش في كامب ديفيد سيركز على الجبهات العسكرية ضد التطرف في الشرق الأوسط. لكن آمل أن يفكر الزعماء في إطار لمجتمعات منفتحة، مثل ما تنادي به الإمارات، فهذا هو علاج العنف".