تقول صحيفة "فايننشال تايمز" إن المتهمة نعمة سيد صرخت أمام القاضي المعروف بقاضي
الإعدام محمد ناجي
شحاتة قائلة: "لو أردت الحكم علي بالإعدام أحكم، أفضل من قضاء يوم واحد في السجن"، وأضافت أن قضيتها مفبركة، وأنه لا يوجد أي شاهد على مشاركتها في تظاهرات عام 2011، فطلب منها القاضي السكوت قائلا: "بلاش أفلام عربي، ومش عاوز أسمع كلام تاني"، وذلك بحسب ما يقول محامي الدفاع عنها، وفيديو المحكمة المنتشر على الإنترنت.
وتضيف الصحيفة أنه في قضية ثانية يشكو المتهم صلاح سلطان الموضوع في قفص، بأنه لا يمكنه سماع القاضي، فيرد الأخير قائلا له: "إخرس لا تتكلم، أحذرك" ليحكم عليه بالإعدام.
ويشير التقرير، الذي اطلعت عليه "عربي21"، إلى أن قاضي الإعدام شحاتة، الذي عادة ما يرتدي نظارات رياضية سوداء في قاعة المحكمة، أشرف على عدد من المحاكمات في الجرائم السياسية، بما فيها قضايا بتهم غير قانونية، وعادة ما يصدر أحكاما قاسية. فقد أصدر حكما على صحفيي الجزيرة الثلاثة بمدد تتراوح ما بين سبعة إلى عشرة أعوام، في قضية استهزأ بها خبراء القانون الدولي، ورفضها قاض بعد الاستئناف ضد الحكم الصادر.
وتذكر الصحيفة أن الكثيرين يرون أن وجه
القضاء في
مصر قد أصبح مسيسا، ففي جلسات المحكمة غالبا ما يتهجم القاضي شحاتة على ثورة عام 2011، التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك، ودافع عن تصرفات الشرطة وممارسات العنف ضد المتظاهرين. ويصفه دبلوماسي غربي بأنه "خرج عن السيطرة"، وقلة من القضايا التي حكم فيها تم إثباتها بعد الاستئناف عليها، أو طلب القاضي فيها إعادة المحاكمة.
وينقل التقرير عن المحامي محمد بلال، الذي مثل متهمين في قضايا حكم فيها القاضي شحاتة، قوله: "من الناحية المهنية فهو يعرف القانون، لكنه ليس نزيها؛ نظرا لولائه للنظام".
وتلفت الصحيفة إلى أن شحاتة كان قد حكم في بداية الشهر الحالي على الأمريكي المصري محمد سلطان بالسجن المؤبد، بتهمة "نشر الأخبار الكاذبة"، ودعم جماعة الإخوان المسلمين المحظورة، وهو الحكم الذي أثار انتباه الإدارة الأمريكية.
ويورد التقرير أن سلطان كان مع 35 شخصا، حكم عليهم كلهم بأحكام مشددة. ودعا البيت الأبيض في بيان له إلى الإفراج عن سلطان، وجاء فيه: "نشعر بقلق عميق حول صحة سلطان، التي تدهورت خلال 20 شهرا من الاعتقال".
وتبين الصحيفة أن القاضي رفض من خلال أحد مساعديه الرد أو التعليق على الانتقادات الموجهة إليه،ولكنه نفى في مقابلة مع صحيفة محلية أن يكون متحيزا، واعترف بدعمه للرئيس عبد الفتاح السيسي. وقال إن دوره كونه قاضيا مقيد بأحكام الله، وأضاف أن "
القضاة هم ظل الله على الأرض، ونحن مكلفون من الله بتحقيق العدل".
وقال في المقابلة، التي أجرتها معه صحيفة الوطن، إن"القاضي لا يخاف أحدا سوى الله"، بحسب الصحيفة.
ويستدرك التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، بأن أحكام القاضي شحاتة الغريبة أصبحت حديث الناس كلهم، وكذلك تصرفاته، ففي أكثر من مرة منع المتهمين وعائلاتهم، وحتى المحامين المدافعين عنهم، من حضور جلسات المحاكمة، قبل أن يصدر أحكاما بالإعدام عليهم وبالجملة.
وتنوه الصحيفة إلى أنه معروف عن شحاتة مقاطعته للمحامين الذين يحاولون تقديم مرافعة للدفاع عن المتهمين. ويقول محامي الدفاع عن أب وابنه، إسماعيل أبو بركة:"يبدو أنه مقتنع أن المتهمين في القفص مجرمون، وأننا نقوم بدعمهم من خلال الدفاع عنهم".
ويفيد التقرير بأن المحللين يشعرون بالدهشة للطريقة التي يتسامح فيها النظام المصري مع القاضي شحاتة وتصرفاته الغريبة، التي أدت إلى تشويه مهنة القضاء واستقلاليته في مصر. وفي الوقت ذاته قامت السلطات بحملة تطهير للقضاة المؤيدين للإسلاميين، وأظهرت التسريبات، التي نشرت على الإنترنت والفضائيات، كيف يقوم المسؤولون في حكومة السيسي بالتواصل مع القضاة، والتأثير على قراراتهم في القضايا الحساسة.
وتعرض الصحيفة لرأي عدد من الخبراء القانونيون، الذين يقولون إن القاضي شحاتة يمثل الكثير من مظاهر القصور في النظام القضائي المصري، الذي لا يقدم الكثير من المحاسبة حول الطريقة التي يتصرف فيها القضاة.
وينقل التقرير عن المحامين قولهم إن شحاتة عادة ما حكم في قضايا ضعيفة تفتقد الدليل. وقد عين ضمن مجموعة من قضاة الاستئناف الذين شكلوا محكمة الإرهاب بعد انقلاب عام 2013، الذي أطاح بحكومة محمد مرسي.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى وصف محام لهذه المجموعة من قضاة الاستئناف بأنها "مسيسة"، وعملها سري، ويقول: "لا نعرف المعيار الذي تستخدمه وكيفية تعيين قاض بعينه". وتجد المحامية في حقوق الإنسان مها يوسف، أن شحاتة يؤدي دورا مهما في خدمة النظام ، وتقول إنه "عبارة عن أداة، ويعتمدون عليه لإرهاب الناس ومنعهم من الخروج إلى الشوارع".