نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لباتريك كينغزلي ومانو عبدو في القاهرة، حول احتمال
إعدام شاب
مصري خلال أيام بسبب جرائم، يقول محاموه إنه لا يمكن أن يكون قد ارتكبها؛ لأنها حدثت بعد أشهر من اختفائه في موقع عسكري سري.
ويشير التقرير إلى أن هاني عامر هو مبرمج للكمبيوتر يبلغ من العمر 35 عاماً، وتم الحكم عليه بالإعدام مع ثمانية آخرين في محكمة عسكرية؛ لمشاركتهم في مهاجمة سيارة شرطة وحاجز للجيش في آذار/ مارس 2014، ولكونه قيادياً في جماعة أنصار بيت المقدس، وهي جماعة متطرفة بايعت تنظيم الدولة.
وتقول الصحيفة إن من بين التهم الأخرى الموجهة لعامر وزملائه، أنهم "اتفقوا معاً للقيام بهجوم على إحدى ناقلات الجنود خلال نقلها للجنود"، وتم اعتقالهم بعد ذلك بأيام في 19 آذار/ مارس.
ويستدرك التقرير بأن محامي عامر وعائلته يقولون إنه اعتقل في 16 كانون الأول/ ديسمبر 2013، أي قبل وقوع الهجمات بفترة، وفي الغالب أنه سجن في سجن
العزولي الحربي، الذي قامت "الغارديان" بعمل تحقيق عنه في حزيران/ يونيو 2014.
وتورد الصحيفة أنه في رسالة مهربة من السجن كتب عامر أن إدانته تشكل "قمة الخيانة والاستبداد، لاتهامهم لنا بالمشاركة بحدث وقع بينما كنا في
الاعتقال".
ويلفت التقرير إلى أنه في أكثر من مرة قالت سلطة
القضاء العسكري المصري، إنه لا يوجد شخص يرد على هذا الادعاء، ورفض المتحدث باسم وزارة الدفاع التعليق، أما الدائرة الإعلامية للدولة فقالت إنها غير مخولة للرد نيابة عن الجيش.
وتذكر الصحيفة أنه في رسالتين اطلعت عليهما "الغارديان"، أرسلت عائلة عامر برقية إلى الادعاء في 17 كانون الأول/ ديسمبر، تطالب بمعرفة مكان ابنها، بينما قام محاميه الرئيسي أحمد حلمي بإرسال طلب مشابه في كانون الثاني/ يناير 2014، ولم يتم الرد على أي من الرسالتين.
ويبين الكاتبان أنه في شهر شباط/ فبراير، أخبر سجناء من سجن العزولي، كانوا يحضرون محكمة مختلفة، محامين أصدقاء لحلمي أن عامر كان واحداً من حوالي 400 شخص مسجونين هناك، ويقع السجن داخل مقر الجيش الثاني على بعد حوالي مئة كم شمال شرق القاهرة.
وتنقل الصحيفة عن المحامي حلمي قوله: "إن سبعة جاؤوا من سجن العزولي، وكنا نسألهم من رأوا هناك، وعملنا قائمة بالأسماء، وكان اسم عامر من بين تلك الأسماء".
ويعتقد حلمي أن "عامر" والآخرين أكرهوا على الاعتراف، وقد قابلت "الغارديان" ناجين من سجن العزولي، ادعوا أنهم عذبوا بالكهرباء وضربوا وعلقوا وهم عراة من معاصمهم لساعات لأجل إعطاء معلومات. ويقول حلمي إن بعض السجناء وبينهم عامر عذبوا بشكل متكرر حتى أدلوا باعترافات محددة.
وأضاف حلمي للصحيفة العام الماضي: "لا تستطيع معرفة ما إذا كان هؤلاء الأشخاص ارتكبوا تلك الجرائم أم لا، لكن تحت ضغط التعذيب يمكن الاعتراف بأي شيء، وواضح أن البعض يعترف بسبب التعذيب".
ويفيد التقرير بأن مصر عانت من سلسلة من الهجمات الجهادية منذ الإطاحة بالرئيس الإسلامي محمد مرسي في شهر حزيران/ يونيو 2013، ولكن شقيق عامر يقول إن أخاه لم يكن متورطاً، وإن الشرطة فشلت في اعتقال الفاعلين الحقيقيين، وأرادت كبش فداء. كما أنه يعتقد أن أخاه جذب الانتباه؛ لأنه كان مؤيداً لحازم أبو إسماعيل، الداعية السلفي الذي سجن بعد الإطاحة بمرسي بأيام قليلة.
وتنقل الصحيفة عن شقيق عامر قوله: "إن الحكومة تستخدم السجناء مثل أخي كاحتياطي استراتيجي، حتى إذا كان هناك هجوم إرهابي كبير ولم يستطيعوا القبض على الفاعلين الحقيقيين، يأتون بأشخاص مثل هاني من السجن ويوجهون إليهم التهم، حتى لا يظهروا بأنهم فشلوا".
ويضيف: "التهم الموجهة لأخي، والمتعلقة بالجيش، تعود إلى شهر آذار/ مارس، ولكن أخي يقبع في سجن العزولي منذ كانون الأول/ ديسمبر، والبعض الآخر كان في السجن منذ تشرين الثاني/ نوفمبر. ولكن المشكلة هي أنه ليس هناك ما يثبت أنهم كانوا في سجن العزولي، فقد أنكرت الحكومة وجودهم هناك، والدليل الوحيد لدينا هو البرقيات التي أرسلنا بها، ولا أعرف بالتأكيد إن كان أي من المتهمين متورطاً، ولكني متأكد من أن "هاني" وعدداً من المتهمين الآخرين كانوا في سجن العزولي، ولم يكن يمكنهم الفرار فقط للقيام بهذه الجرائم".
ويشير التقرير إلى أن الحكومة المصرية قامت تحت إشراف وزير الحربية السابق بإطلاق حملة ضد أشكال المعارضة السياسية والمتطرفة كلها، وقد وصفتها منظمة أمنستي إنترناشيونال بأنها "على نطاق غير مسبوق في تاريخ مصر المعاصر". وقد قتل ما لا يقل عن ألف معارض منذ الإطاحة بمرسي، بينما قال مسؤولون أمنيون للأسوشييتد برس بأن ما لا يقل عن 22 ألف شخص تم اعتقالهم، وبحسب المنظمات
الحقوقية، فقد واجه كثير منهم إساءة في تطبيق العدالة.
وتلفت الصحيفة إلى أنه قد تم إعدام شخص واحد إلى الآن، ولكن المئات استأنفوا ضد أحكام الإعدام الصادرة بحقهم بالجملة، بعد محاكمات لم تستمر أكثر من ساعة.
وتختم "الغارديان" بالإشارة إلى أن المتحدثين باسم الحكومة المصرية أنكروا وجود أي إهمال قضائي، وكثيراً ما كالوا المديح للقضاء "المستقل والنزيه والشفاف". ويقولون إن الحملة ضد الهجمات الجهادية التي حصدت أرواح المئات من عناصر الشرطة والجنود مبررة.