تعيش العلاقات الفرنسية مع الفاتيكان أزمة صامتة، بسبب استمرار الخلاف بين البلدين، عقب رفض الفاتيكان استقبال سفير فرنسي "شاذ جنسيا".
وأعلن المتحدث باسم الحكومة الفرنسية، ستيفان لو فول، الأربعاء، أن بلاده "مازالت متمسكة باقتراحها" المتعلق باختيار سفيرها لدى "الفاتيكان"، فيما بدأ خلاف بين باريس و"الكرسي الرسولي" حول تعيين هذا الدبلوماسي المثلي.
وقال ستيفان لو فول، ردا على سؤال خلال قراءة محضر لجلسة مجلس الوزراء، إن "فرنسا قامت بخيار تعيين سفير لدى الفاتيكان، وقد رسا هذا الخيار على لوران ستيفانيني، وهذا يبقى خيارا فرنسا".
وجددت الحكومة الفرنسية اعتماد "لوران ستيفانيني" سفيرا لها بالفاتيكان، على الرغم من أن قصر "الإليزيه" مازال في انتظار رد الفاتيكان على تعيين "الشاذ الجنسي" منذ ثلاثة أشهر في منصب سفير جديد لدى "الكرسي الرسولي".
ويشهد تعيين السفير الجديد الذي اختارته باريس ليمثلها لدى الكرسي الرسولي "اختبار قوة خافتا" بين الفاتيكان وفرنسا التي اختارت لهذا المنصب" لوران ستيفانيني" الرجل المشهود له بكفاءاته لكنه "شاذ جنسيا".
وكان "ستيفانيني" (55 عاما) يحظى بتقدير كبير لدى الإدارة البابوية عندما كان المسؤول الثاني في السفارة الفرنسية في الفاتيكان بين 2001 و2005، وهو "كاثوليكي ورع، مثقف جدا ودمث الخلق للغاية"، بحسب صحيفة "ميساجيرو" الإيطالية.
وشغل "ستيفانيني" منذ ذلك الحين منصب مستشار للمسائل الدينية في وزارة الخارجية الفرنسية، قبل أن يصبح في 2010 مسؤول البروتوكول في قصر الإليزيه في عهد الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، ثم الرئيس الحالي فرانسوا هولاند.
وتعيينه مطلع كانون الثاني/ يناير سفيرا في الفاتيكان بدا أمرا طبيعيا، لكن منذ أكثر من ثلاثة أشهر على تعيينه، لم يتلق الدبلوماسي الفرنسي بعد موافقة الفاتيكان، علما بأن لا أحد في باريس ولا الفاتيكان يرغب في التحدث علنا عن هذا الموضوع.
وقال مصدر مطلع في روما: "إن الجواب لا يتطلب مبدئيا أكثر من شهر، أو شهر ونصف"، وأضاف: "الفاتيكان لا يبدي أي رفض. كما أنه لا يرد (...) وعلى البلد المعني أن يفسر هذا الغياب لأي جواب".
وأشارت وسائل إعلام فرنسية عدة إلى أن مكتب رئيس الوزراء مانويل فالس، طرح أسماء دبلوماسيين آخرين لكن الإليزيه رفض التراجع.
وقال الإليزيه: "إن لوران ستيفانيني هو من خيرة دبلوماسيينا، لهذا السبب تم تعيينه. وننتظر الرد على طلب القبول".
واختيار ستيفانيني لهذا المنصب ناجم "عن رغبة رئيس الجمهورية وقرار مجلس الوزراء في آن" كما تؤكد أوساط الرئيس فرانسوا هولاند.
وبحسب المدونة المتخصصة "الفاتيكان إنسايدر" لصحيفة "لاستامبا"، فإن مصادر من داخل الكنيسة تعتبر أن المشكلة لا تأتي من الميل الجنسي لـ"ستيفانيني" بقدر ما تأتي من دعمه العلني للزواج بين المثليين الذي أقر في فرنسا في 2013 بالرغم من المعارضة الشديدة للكنيسة الكاثوليكية.
وبحسب هذه المدونة أيضا، فإن "أمانة سر" دولة الفاتيكان تؤكد أن القرار لم يتخذ بعد لاسيما أن وزير الخارجية الجديد المونسنيور "بول ريشار غالاغر" تسلم مهامه قبل شهرين ولم يتمكن بعد من الإطلاع بعمق على كل الملفات.
وكتب "جاكومو غالياتسي" على المدونة: "إن الكلمة الأخيرة ستعود للبابا (...) لكن الدبلوماسية البابوية تأمل أيضا أن يصل اسم آخر من باريس".
هذه الحادثة تشبه كثيرا حادثة أخرى سبقتها، في 2007، حيث عينت فرنسا سفيرا "شاذا جنسيا" في الفاتيكان، لكن طلب الموافقة لم يلق آنذاك أي جواب، واقترحت باريس في نهاية المطاف اسما آخر. لكن الدبلوماسي الأول كان يعيش في مع "شريكه الجنسي" بينما "ستيفانيني" عازب ومتكتم جدا بشأن حياته الخاصة.
وبحسب مصادر دبلوماسية، فإن الهرمية الكنسية تكن التقدير "لستيفانيني" منذ مروره بـ"روما"، وأبدت تأييدها لتعيينه وكذلك مؤتمر "أساقفة فرنسا"، لكن البابا فرنسيس يعارض هذا التعيين لدوافع متعلقة بالعقيدة، كما تؤكد هذه المصادر.
وقد تميز الحبر الأعظم الأرجنتيني منذ انتخابه قبل سنتين بتصريحاته التي تتسم بالصراحة تجاه الشواذ جنسيا.