نشرت صحيفة سلايت الفرنسية تقريرا حول السلسلة المصورة الهزلية "مسلم شو" قالت فيه إن الفرنسيين ما زالوا يتجنبون قراءة ومناقشة هذه
الكوميديا التي تخلط بين الطرافة والدين، رغم أنها تلاقي رواجا كبيرا في باقي أنحاء العالم.
وقالت الصحيفة إن مؤلف هذه السلسلة، الفرنسي من أصل جزائري نور الدين علام، يناقش موضوعات ومناسبات دينية، مثل شهر رمضان واختلاف تفسيرات الأئمة للدين ومبالغة بعض الفرنسيين في خوفهم من الإسلام، بطريقة طريفة تجذب
المسلمين الفرنسيين وتسخر من ظاهرة
الإسلاموفوبيا. وبعد نشره لثلاثة أجزاء من هذه السلسلة على شبكات التواصل الاجتماعي، ينوي مؤلف السلسلة خوض غمار تجربة جديدة هي تعليم اللغة العربية للفرنسيين.
ولاحظت الصحيفة أنه رغم أن هذه السلسلة تعرف رواجا كبيرا في الشرق الأوسط وآسيا، فإن الفرنسيين يتجنبون هذا النوع من الإنتاجات الأدبية التي تتمحور حول الأديان.
وأضافت أن "مسلم شو" ليست قصة بالمعنى التقليدي، بل هي مجموعة كبيرة من الرسوم الكاريكاتورية التي تصف الواقع اليومي وعادات المسلمين بكل طرافة واحترام، وتعتمد لغة يفهمها شباب
فرنسا، وشخصيات وألوانا مستوحاة من البيئة المحلية، بهدف نقد الذات بأسلوب لا يتضمن مشاهد العنف والإباحية والكلمات الجارحة.
وقالت الصحيفة إن الصفحة الفرنسية لـ"مسلم شو" على "فيسبوك" تضم أكثر من 437 ألف متابع، فيما تضم الصفحة الإنجليزية أكثر من 656 ألف متابع، ويقرؤها الكثيرون من المغرب العربي حتى إندونيسيا، وتتم ترجمتها لخمسة عشر لغة على الإنترنت.
وبعد ست سنوات من انطلاقها، ما زالت هذه السلسة المصورة تضحك العالم، حيث يقوم المؤلف كل يوم بنشر مجموعة من الرسوم المصحوبة بحوارات لها علاقة بالمستجدات، ويستلهم أفكاره من الواقع اليومي للمسلمين في فرنسا، ويعمل على تصوير الظواهر بطريقة كاريكاتورية فيها مبالغة، بهدف إبراز العبرة المستخلصة وإدخال مسحة من الطرافة على الرسومات.
وأضافت الصحيفة أن الجزء الأول من هذه السلسلة المصورة صدر في فرنسا بعنوان "رمضان الشهر الفضيل"، وحقق نجاحا جزئيا، حيث بيعت منه 13 ألف نسخة فقط، ثم لاقى الجزء الثاني "الزواج" فشلا في أروقة بيع الكتب، ما دفع بدار النشر للتخلي عن المؤلف نور الدين علام الذي قرر تأسيس دار نشر خاصة به، وأصرّ على مواصلة المغامرة بمفرده.
وقالت الصحيفة إن ضعف تفاعل القراء الفرنسيين تجاه هذه السلسلة سببه كون الإسلام يعد موضوعا حساسا بالنسبة للمجتمع الفرنسي، كما أنهم لم يتعودوا على رؤية أعمال أدبية بهذا الشكل في فرنسا.
وأضافت الصحيفة أن هذه السلسلة الهزلية تتعرض للانتقاد من عدة أطراف، لأنها تقدم ثقافة مغايرة لتلك السائدة في فرنسا، رغم أن نور الدين علام يؤكد أنها موجهة أساسا للقراء المسلمين، بما أنها تحتوي على رسائل هادفة حول المرأة المحجبة وأوقات الصلاة وتذكّر باستمرار بالقيم الإسلامية.
وفي هذا السياق، ذكرت الصحيفة الانتقادات التي وجهها الناقد في صحيفة لوموند، سبستيان نايكو، لـ"مسلم شو"، حيث اتهمها بالترويج للدين الإسلامي، على اعتبار أن العديد من الأعداد التي صدرت تحض على أداء الصلاة في المساجد وتوضح المنافع الروحية للصلاة.
ويؤكد المؤلف نور الدين علام أن الكثير من التلاميذ تعرضوا لمضايقات وعقوبات في المدارس الفرنسية، لأنهم عثر بحوزتهم على النسخة الخاصة بالتلاميذ من مجلة "مسلم شو"، وهي تحتوي على قصص مصورة موجهة للأطفال المسلمين.
وأشارت الصحيفة أيضا إلى أن شركة أبل رفضت الموافقة على نشر ثلاثة أعداد من مجلة "مسلم شو" في برمجية جديدة مخصصة لعرض الرسوم المتحركة على الهواتف الذكية، وذلك عندما قام لوران روسال بإطلاق برمجية IGoMatik سنة 2009، واقترح أن يتم اعتمادها لعرض سلسلة "مسلم شو"، ولكن الشركة رفضت السماح بذلك بدعوى أنها مسيئة للدين الإسلامي، رغم أن المؤلف والقراء يؤكدون عكس ذلك.
ونقلت الصحيفة عن كريستوف مونو، المختص في علم الاجتماع والأديان والمتابع للمجلات المصورة، أن "مسلم شو" لا تحاول القيام بدعاية للدين الإسلامي، وأنه لا يوجد داع لشيطنتها، فهي تقدم وجهة نظر المسلمين حول ديانتهم، ومن الطبيعي أن تحتوي على طرائف، وتعرف في الوقت ذاته بالإسلام.
ورأى كريستوف مونو أن "سلسلة مسلم شو" لا تختلف كثيرا عن المجلات المصورة المسيحية الكاثوليكية والبروتستانتية، فهي تقتبس الأساليب الكوميدية ذاتها، وتسلطها على عالم المسلمين الذين يعيشون في الغرب. وهي تعتمد أفكارا ذكية لمكافحة الإسلاموفوبيا، من خلال كسر الصورة النمطية التي تقدّم الإسلام كديانة متشددة، وتعرض بدلا عنها صورة المسلم مواطنا عاديا لا يختلف كثيرا عن أي مواطن فرنسي آخر.
وقالت الصحيفة إن المجلات المصورة تثير دائما مشاعر متباينة في فرنسا، حيث إن القارئ غير المسلم يفهم النكات التي تحتويها القصة، ولكنه لا يضحك؛ لأنه يشعر أنها تحتوي على مبالغة أو تزمّت ديني.
ورغم أن نور الدين علام، مؤلف "مسلم شو"، يحافظ على الأسلوب التقليدي لمجلات الرسوم الهزلية، فإنه يحاول دائما مواكبة المستجدات من خلال التطرق لموضوعات جديدة متعلقة بالإسلام، خاصة مع تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا وردود الفعل التي تلت الهجوم الإرهابي على صحيفة شارلي إيبدو.