ملفات وتقارير

نظام الأسد يشترط حل المؤسسات الثورية بالمعضمية لرفع الحصار

الأطفال ضحايا الحصار في المعضمية

قد لا يخطر على البال أثناء المرور على أوتوستراد الأربعين قادما من بلدات الغوطة الغربية باتجاه دمشق، أنه يوجد مدينة خارجة عن سيطرة النظام في هذا المكان، فمنظر الثكنات العسكرية وجبال الفرقة الرابعة يجعل من هذا الطريق أشبه ما يكون بطريق عسكري، أو حتى جزءا من ثكنة عسكرية تتمركز فيها أشد فرق النظام وحشية وإرهابا.

قدمت معضمية الشام في ريف دمشق الغربي منذ بداية الثورة السورية 1500 قتيل، وآلاف المعتقلين، رغم أن عدد سكانها كان لا يتجاوز أربعين ألف نسمة، حيث خرجت منذ بدايات الثورة تنادي ضد النظام، ولتسبق غيرها من مدن الريف الدمشقي بأشواط كثيرة.

عانت معضمية الشام، وشهدت أقسى أشكال الحصار والتضييق منذ بداية حملة النظام عليها وعلى أختها التوأم داريا، لتكون معضمية الشام أولى المدن السورية التي يموت أهلها بسبب الجوع، ومع ذلك استمروا في المقاومة، فما كان للنظام إلا أن استسلم أمام صمود ثوارها الجوعى والجرحى وعرض عليهم هدنة ليكفوا عنه ويكف عنهم.

وقعت الهدنة في بداية عام 2014، وبدأ أهالي المدينة بالعودة إليها تدريجيا، ولعلّ هذا كان هدف النظام الفعلي من الهدنة، فالمدنيون أشد وسائل الضغط على الثوار وأكثرها تأثيرا.

يسكن معضمية الشام اليوم أكثر من35 ألف نسمة، في حين يغلق النظام المعبر الوحيد إليها منذ شهر، ويمنع دخول المواد الإغاثية والتموينية إلى المدينة، وذلك بعد رفض الأهالي التعاون مع تلفزيون النظام الذي دخل المدينة، لتبدأ حالات الوفاة بين الأطفال بسبب سوء التغذية، كالطفل عبد العليم الخطيب الذي توفي في الأيام الأخيرة، فسوء التغذية قد أصاب الكثيرين، وهناك تخوف من وفاتهم إن لم يتم تأمين المواد والأدوية اللازمة لهم.

وقال الدكتور عمر حكيم في حديث خاص مع "عربي21" من المعضمية، إنه تم تسجيل ثلاث حالات وفاة بين أطفال المعضمية خلال الأربعين يوما الأخيرة، وذلك بسبب عدم توفر المواد اللازمة لهم.

وأضاف: "هناك 17 حالة مهددة بالوفاة حاليا، فالشريحة الأكثر استهدافا بالجوع والمهددة بالوفاة أكثر من غيرها من باقي الشرائح تقع بين أعمار ستة شهور وخمس سنوات"، موضحا أنه "يوجد داخل المعضمية حوالي 2000 رضيع أعمارهم تحت السنتين، ومع استمرار الحصار يزداد أعداد المصابين بسوء التغذية، ما ينذر بالمزيد من حالات الوفاة".

وكان النظام السوري قد اشترط مؤخرا، لإعادة فتح المعبر والسماح بدخول المواد الغذائية والطبية، حل المؤسسات الثورية في المدينة.

وقال أبو محمود، قائد لواء الفتح التابع للاتحاد الإسلامي لأجناد الشام في المعضمية، في حديث خاص مع "عربي21"، إن الشروط التي طلبها النظام من أجل فك الحصار عن المدينة هي حلّ كل الفصائل العسكرية في المدينة، وحلّ المؤسسات التابعة للائتلاف، والمكاتب الإعلامية الثورية، وعودة مراكز الحكومة ومكاتبها إلى المدينة.
 
وأضاف أبو محمود: "رفضنا في بداية الهدنة عودة المدنيين إلى المدينة خوفا من تكرار الحصار، ولكن الحاجة عند الناس وشوق المحاصرين إلى أهليهم الذين غابوا عنهم ما يزيد عن عام، كانت أشد من رغبتنا".

وبيّن أبو محمود موقفه من شروط النظام فقال: "شروط النظام مرفوضة، وستكون المقاومة في حال عودة الحرب أشد من قبل، بعد أن عاد النشاط للثوار، وأصبحت هممهم عالية والحمد لله، وننتظر من إخوتنا في باقي بلدات الغوطة الغربية المزيد من العمل والمؤازرة"، وفق تأكيده.