يرى فلسطينيون في
غزة أن زيارة رئيس الوزراء الفلسطيني رامي
الحمد الله، في نسختها الثانية، لم تختلف كثيرا عن الأولى في البروتوكولات والموائد المستديرة، فجميعها - وفق تقديراتهم - تخرج بوعود شفهية دون أن تتحقق فعليا على الأرض.
ولم يبد المواطن خالد لبد تفاؤلا بأن تحقق زيارة رئيس الوزراء الفلسطيني اختراقا في الأزمات التي يعايشها قطاع غزة منذ سنوات طوال، ويقول لـ"عربي21": "الزيارة متأخرة، وغزة باتت على فوهة بركان يُخشى انفجاره".
تفاؤل حذر
وعلى الرغم من مأساة عائلتها جراء الحرب، حيث هُدمت مجموعة من بيوت أقاربها في حي الشجاعية، إلا أن فاطمة العجلة ترى أن وصول الحمد لله إلى قطاع غزة يدلل على "وجود أرضية صلبة للحوار، والزيارة ستثمر قرارات جوهرية"، بحسب توقعها.
وأضافت لـ"عربي21": "ننتظر أن نلمس النتائج على الأرض، في ما يتعلق بإنهاء الملفات العالقة وفقا للرؤية التي جاء بها الوفد السويسري قبل أيام". وتقول العجلة: "الآمال كبيرة، والأيام ستكشف حقيقة ما يجري خلف الكواليس".
وعملت سويسرا على طرح ورقة لحل مشكلة الموظفين بغزة، أعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قبولها، فيما تحفظت حركة
حماس على بعض بنودها، لا سيما الفحص الأمني للموظفين.
أما الكاتب في الشأن الاقتصادي فريد المحاريق، فيرى أن الزيارة لن تثمر في "تحقيق انفراجه حقيقية في ملفات الإعمار والمعابر"، معللا ذلك بأن "الملفات تحتاج لقرار سياسي أولا". وقال لـ"عربي21": "سيستمر التعطيل إذا لم يتم إيجاد حلول سياسية حقيقية لرفع الحصار عن قطاع غزة".
أخطار نتنياهو
أحمد أبو عقلين، وهو موظف حكومي من غزة، قال لـ"عربي21"، إن الزيارة الثانية لرئيس الوزراء الحمد الله لغزة "لن تتعدى رقما في سجل أعماله الوزاري"، متسائلا بسخرية: "من قال إن الزيارة ستساهم في حل أزمات قطاع غزة وتفعيل الحكومة؟!".
وبحسب أبو عقلين، فإن دافع الزيارة لا يعدو لملمة أخطار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، القادم لولاية رابعة مع حكومة يمينية يشكلها الليكود المتطرف والأحزاب الدينية اليهودية.
وعبّر أبو عقلين عن اعتقاده بأن الرئيس الفلسطيني دفع برئيس الوزراء لمحاولة تطويق فشل مشروعه السياسي الذي أصبح صفرا كبيرا، وبشكل علني، بعد نجاح نتنياهو، بحسب تقديره.
وقلل أبو عقلين من النتائج التي تصدرت تصريحات الحمد الله خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد فور وصوله إلى القطاع، وأشار إلى الانفراجات التي "لن تطبق على أرض الواقع سريعا"، وبخاصة أن كل الملفات العالقة أُحيلت للجنة متابعة أُعلن عنها عقب انتهاء اجتماعه مع وزراء الحكومة بغزة ووفد حركة حماس.
وأعلن القيادي في حركة حماس، خليل الحية، عن تشكيل لجنة لمتابعة الملفات العالقة في قطاع غزة، والبدء بوضع حلول ومقترحات جذرية عاجلة لها. وبيّن الحية للصحفيين أن الوفدين ناقشا كافة المشاكل التي يعاني منها القطاع، حيث وعد رئيس الوزراء بالعمل على تنفيذ الحلول سريعا للتخفيف من معاناة المواطنين.
وكشف وزير العمل مأمون أبو شهلا في حوار خاص لـ"عربي21"، تفاصيل ما جرى خلال لقاء الحمد الله بوفدي حماس وفتح.
وأبدت فئة من موظفي القطاع عدم رضاها عن الزيارة، وما حملته من مقترحات "لا تنصفهم"، بحسب تقديراتهم.
وبيّن هيثم عبد الرحمن، وهو موظف في جهاز الشرطة الفلسطيني في خان يونس، أن تصريحات رئيس الوزراء حول الموظفين "ما زالت بعيدة عن الحلول، ولم تختلف عن النداءات التي أصدرتها السلطة مرارا بإخضاع عملية التسكين والتوظيف للجنة قانونية إدارية".
وأضاف لـ"عربي21": "القرارات التوظيفية لـ40 ألف موظف سيتم النظر فيها إداريا وقانونيا قبل تسكينها ماليا على سلم رواتب موظفي السلطة الفلسطينية، وهذا يتطلب دعما ماليا ضخما من أجل الالتزام بدفع رواتب الموظفين".
تحديد موعد
ومن جانبه، تساءل أحد الموظفين القانونيين في وزارة الشباب والرياضة، فضل عدم ذكر اسمه، عن حقوق الموظفين في قطاع غزة، وكيف ستعطى لهم، وما هي حدود تعويضاتهم، خاصة لمن سيحالون إلى التقاعد ومضى على تعيينهم أكثر من سبع سنوات (عمر الانقسام الفلسطيني – الفلسطيني).
من جانبه، أبدى نقيب الموظفين الفلسطينيين في محافظات غزة، محمد صيام، امتعاضه من تصريحات الحمد الله في ما يخص ملف دمج الموظفين، ودعا، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، الموظفين في غزة إلى الاعتصام أمام مجلس الوزراء بغزة، تنديدا بالتصريحات "غير المقبولة" لرئيس الوزراء حول ملف الموظفين.
وأكد أن نجاح الزيارة مرتبط بإحداث اختراقات حقيقية، وإيجاد حلول عملية ومتسارعة لكل الملفات العالقة، وعلى رأسها ملف الموظفين في قطاع غزة، مطالبا بالإيفاء بالتزاماته عبر خطوات عملية وجريئة تنصف الموظفين، وتحديد موعد لدمج الموظفين المدنيين والعسكريين وصرف رواتب بشكل دائم.