قال مسؤولون أمريكيون إن
السعودية أخفت عن واشنطن بعض التفاصيل الرئيسية لعمليتها العسكرية في
اليمن حتى اللحظة الأخيرة، في الوقت الذي تتخذ فيه المملكة دوراً إقليمياً أكثر حزماً لتعويض ما تعتبره تراجعاً في الدور الأمريكي.
وأضاف المسؤولون أن السعودية أبلغت الولايات المتحدة قبل أسابيع بأنها تدرس تحركاً في اليمن، لكنها لم تبلغ واشنطن بالتفاصيل المحددة إلا قبل بدء الضربات الجوية غير المسبوقة، التي انطلقت الخميس ضد المتمردين الحوثيين المتحالفين مع إيران.
وتعتمد سياسة الرئيس الأمريكي باراك أوباما في الشرق الأوسط على البدائل بدلاً من التدخل العسكري الأمريكي المباشر، إذ تقوم واشنطن بتدريب معارضين سوريين لمواجهة حكومة رئيس النظام السوري بشار الأسد، بينما شنت هذا الأسبوع ضربات جوية لدعم القوات العراقية التي تحاول استعادة مدينة تكريت.
وبالنسبة لمنتقدي أوباما من الجمهوريين، فإنه يتخلى عن دور الزعامة التقليدي للولايات المتحدة، في حين ينفي البيت الأبيض أنه فك ارتباطه عن المنطقة، ويقول إنه كان على اتصال وثيق بالسعوديين فيما يتعلق بخططهم في الأيام الماضية.
ورغم أن السعوديين تحدثوا مع كبار المسؤولين الأمريكيين في أثناء التشاور بشأن هجوم جوي لدعم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، فإن المسؤولين الأمريكيين أقروا بوجود فجوات في معرفتهم بخطط المملكة للمعركة وأهدافها.
وعندما سئل الجنرال ليود أوستين قائد القيادة المركزية للجيش الأمريكي عن التوقيت الذي أبلغته فيه السعودية عزمها القيام بعمل عسكري في اليمن، قال أمام جلسة لمجلس الشيوخ الخميس إنه تحدث مع وزير الدفاع السعودي "قبل تحركهم مباشرة"، مضيفاً أنه لا يستطيع تقييم احتمالات نجاح الحملة لأنه لا يعرف "أهدافها المحددة".
وقال عادل الجبير، سفير السعودية لدى الولايات المتحدة، إن الرياض تشاورت عن كثب مع واشنطن بشأن اليمن، لكنها قررت في نهاية المطاف أن عليها التحرك سريعاً، بعد أن تقدم المتمردون الحوثيون صوب آخر معقل لهادي في مدينة عدن الجنوبية.
وقال الجبير لمجموعة صغيرة من الصحفيين الخميس "كانت المخاوف في أنه إذا سقطت عدن فما الذي يمكن فعله؟..تمثلت المخاوف في أن الموقف خطير للدرجة التي يتعين معها التحرك".
وتشير الضربات الجوية للسعودية إلى طموح للدفاع عن مصالحها الإقليمية، مع عدم الاعتماد بشكل كبير على المظلة الأمنية الأمريكية، التي ظلت لفترة طويلة الاتجاه الرئيسي لعلاقات واشنطن مع المملكة.
أكثر حزماً
أصبحت الرياض أكثر حزماً منذ أوائل عام 2011 عندما أدى إحجام واشنطن عن دعم الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك في مواجهة احتجاجات حاشدة، إلى تشكك السعوديين في التزامها تجاه حلفائها العرب التقليديين.
وكان لقرار أوباما في صيف 2013 بعدم التدخل عسكرياً في سوريا بعد استخدام الغاز السام هناك، إضافة إلى اعلان واشنطن المفاجئ عن إجراء محادثات سرية مع إيران، أثره في زيادة قلق السعوديين.
وقال مصطفى العاني، وهو محلل أمني عراقي تربطه علاقات بوزارة الداخلية السعودية، إنه يعتقد أنه في حال نجاح العملية في اليمن، فسوف يحدث تحول كبير في السياسة الخارجية السعودية، وأنها ستكون قاطعة وأكثر حزماً في التعامل مع التوسع الإيراني.
وتحجم إدارة أوباما عن المشاركة في عمل عسكري مباشر في صراع عربي آخر، في الوقت الذي تواجه فيه بالفعل تحديات جسيمة في سوريا والعراق.
وأرغم الصراع المتفاقم في اليمن واشنطن إلى إجلاء القوات الخاصة الأمريكية كلها من البلاد، مما يقوض بشكل أكبر الهجمات التي تشنها أمريكا بطائرات بلا طيار على جناح تنظيم القاعدة هناك.
والتدخل السعودي في اليمن يمثل أحدث جبهة في صراع إقليمي متنام على السلطة مع إيران، التي تؤدي أيضاً دوراً في سوريا، حيث تدعم حكومة الأسد وفي العراق حيث تدعم قوات الحشد الشعبي التي تؤدي دوراً كبيراً في القتال.
وفي حين هوّن المسؤولون الأمريكيون من نطاق العلاقة بين إيران والحوثيين في اليمن، قال الجبير إن اعضاء من الحرس الثوري الإيراني ومن حزب الله اللبناني المدعوم من إيران، يقدمون النصح للحوثيين على الأرض.
ووصف مسؤول أمريكي كبير عملية الرياض بأنها "استجابة مذعورة" للوضع الذي يتدهور سريعاً في اليمن؛ إذ يخشى السعوديون ان تمتد الاضطرابات عبر حدودها.
وأشار المسؤول، الذي طلب عدم نشر اسمه، إلى أن الائتلاف الذي تقوده السعودية ويضم عشر دول تم تشكيله سريعاً مما يجعل فعاليته محل شكوك.
ويقول البيت الأبيض إنه لن يشارك بشكل مباشر في العمليات العسكرية في اليمن، لكنه شكل خلية لتنسيق الدعم العسكري والمخابراتي للعملية، بينما يقول المسؤولون الأمريكيون إنهم يشاركون في تبادل المعلومات المخابراتية على أساس محدود حتى الان.
وقال المسؤولون الأمريكيون إنهم بحثوا الوضع المتدهور في اليمن مع السعودية على مدار الأسابيع الماضية.
وناقش وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الوضع في اليمن بشكل مطول خلال زيارة للرياض في الخامس من آذار/ مارس، ولكن مسؤولاً أمريكياً كبيراً تحدث شريطة عدم الكشف عن اسمه، قال إنه "لم يتضح ما إذا كان السعوديون اتخذوا أي قرارات بشأن عمل محتمل في ذلك الوقت".
وقالت بيرناديت ميهان المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي: "أجرينا محادثات مع السعوديين على مدى الأيام الماضية بشأن ما كانوا يفكرون فيه، ونوع الدعم الذي يمكن أن نقدمه بخصوص تحركاتهم في اليمن".