علقت صحيفة "إلبايس" الإسبانية يوم الأربعاء الماضي، على نتائج الانتخابات
الإسرائيلية بالقول: "فاز الخوف في الانتخابات". وجاء في افتتاحيتها: "في إسرائيل الخوف هو الملك، والذي يتربع على العرش هو
نتنياهو".
وعلقت بقية الصحف في القارة الأوروبية بالطريقة ذاتها، وشعرت بالخيبة لفوز نتنياهو في الانتخابات الأخيرة، حيث كتبت صحيفة "لوموند" الفرنسية: "إن فوز نتنياهو يدفع باحتمال تحقيق تسوية مشرفة للنزاع الفلسطيني إلى قلب المجهول". وكتبت صحيفة "تاغشبيغل" الألمانية: "في نهاية النفق لا يُرى إلا نفق واحد".
وبعيدا عن الخيبة التي أصابت الحكومات، وتعليقات الصحف، رحب قطاع واحد بفوز نتنياهو، واعتبره انتصارا لحليف له في الحرب على الأسلمة. ونعني به
اليمين المتطرف في
أوروبا. وكتب تشارلز هاولي في مجلة "نيوزويك"، معلقا على هذا الوضع الجديد، قائلا إن شعورا بالفرح ساد اليمين المحافظ والهامشي، والجماعات المعادية للأجانب والجماعات المحلية والأحزاب الشعبوية، لفوز نتنياهو في الانتخابات.
ويقول الكاتب إنه بالنسبة لهؤلاء فإن أوروبا تعيش معركة ضد الإسلام الزاحف، ويعتقدون أن زعماء متشددين مثل نتنياهو يقومون بالعمل اللازم على خطوط الجبهة، فقد كتب اليميني الهولندي المتطرف غيرت ويلدرز أن "فوز نتنياهو جيد لعدة أسباب، فنحن نشاركه مواقفه ضد إيران، ومعارضته لإقامة الدولة الفلسطينية في يهودا والسامرة". ووافق عضو الجماعة المتطرفة في بلجيكا "فالامز بيلانج" فليب دوينتر، وقال: "نحن فرحون". وقال منسق الشؤون الخارجية في حزب الحرية النمساوي ديفيد لازار إن فوز نتنياهو "أمر جيد لإسرائيل، وهو أيضا جيد للأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا؛ لأنه يعرف أن أول ما يهدد أوروبا هو الأسلمة". ويضيف لازار، الذي عمل جاهدا خلال السنوات الماضية لبناء علاقات مع الأحزاب المحافظة خارج أوروبا: "بالتأكيد، أنا سعيد جدا"، مبينا أنها "كانت خطوة مهمة أن فاز نتنياهو بالانتخابات".
ويضيف هاولي أنه من وجهة نظر الجماعات الشوفينية الهامشية في أوروبا، التي تحاول الدخول في تيار السياسة الرئيس في القارة، فإن فرحها بفوز نتنياهو مفهوم، فجماعات مثل حزب الحرية النمساوي، والجبهة الوطنية الفرنسية، والديمقراطيين السويديين، لديها تاريخ طويل في معاداة اليهود أو السامية، ولكنها تقوم في السنوات الأخيرة بحرف تركيزها عن اليهود، وتركيز عدائها ضد الإسلام والإسلاميين.
ويشير التقرير إلى أنه مع هذا التحول جاء الاعتراف بأن المحافظين الإسرائيليين الرافضين للدولة الفلسطينية وموقفهم المتشدد من الإسلاميين يعدون حلفاء طبيعيين لهم.
ويبين الكاتب أن حزب الليكود يقوم بمبادلة هذه الأحزاب الثناء، وإن كان ذلك بطريقة حذرة وخفية، فهناك شعور لدى المحافظين الإسرائيليين أن السياسة الرسمية الأوروبية باتت معادية لإسرائيل. ويشيرون إلى اعتراف الحكومة السويدية بالدولة الفلسطينية، ومناقشة دول أوروبية أخرى فكرة الاعتراف بها أيضا، كما جاء رد فعل الدول الأوروبية للهجوم الإسرائيلي الأخير على غزة منتقدا لإسرائيل.
وتنقل المجلة عن المسؤول البارز في حزب الليكود مايكل كلينر، قوله إنه بخلاف يسار الوسط هناك تعاطف معنا. وأضاف: "لكن الجيل الجديد أصبح ينقاد وراء أصوات المسلمين، فيما تتنازل الأحزاب اليسارية بشكل متزايد عن القيم الأخلاقية، من أجل أن تكون جيدة مع المسلمين".
ويجد هاولي أن مشاعر كهذه تعد مثل الموسيقى في آذان اليمين المتطرف الأوروبي. ويعلق ممثل الجبهة الوطنية الفرنسية في البرلمان الأوروبي أيمريك شوبرد قائلا: "بالنسبة لي يعد نتنياهو اختيارا إيجابيا"، ويضيف أن "موقفه متشدد ضد الإرهاب وضد الإسلاميين". ويوافقه كينت إكروث من حزب الديمقراطيين السويديين، حيث قال: "فوز الليكود جيد"، مضيفا أن "اليسار لا يتعامل مع قضايا الأمن بجدية؛ ولهذا السبب فمن المحتمل أن يميل لإرضاء العرب". وكان إكروث حذرا في التأكيد على أنه يتحدث بصفته الشخصية، وليس نيابة عن حزبه، ولكن كلماته تتوافق مع مواقف اليمين في أوروبا، الذي يتسابق وبأعداد كبيرة للتوجه إلى إسرائيل، وعقد محادثات مع مستوطني الضفة الغربية، ونواب الليكود والقادة المحافظين الآخرين.
ويلفت الكاتب إلى أن كلا من إكروث ودوينتر ولازار قاموا بزيارة إسرائيل، وكذلك زعيم حزب الحرية هينز كريستيان ستراخ وويلدرز. وحتى أن زعيمة الجبهة الوطنية مارين لوبان، التي يعد والدها جون ماري لوبان من المعادين الكبار للسامية، عبرت عن رغبتها بزيارة إسرائيل.
ويرى هاولي أن رغبة قادة اليمين المتطرف بزيارة إسرائيل تهدف إلى إبعاد أنفسهم عن جماعات النازيين الجدد. فالتميز عن هذه الجماعات مهم للأحزاب اليمينية في تحقيق انتصارات في صناديق الاقتراع.
ويوضح التقرير أنه في استطلاعات الرأي حل حزب الحرية النمساوي في المرتبة الأولى بنسبة 28% من الدعم الشعبي. وفي السويد حقق الديمقراطيون نسبة 18% من الأصوات في انتخابات كانون الأول/ ديسمبر.
ويفيد الكاتب بأن زيارات الوفود اليمينية إلى إسرائيل لا تحظى باستقبال رسمي، وتقتصر اجتماعاتها مع برلمانيين وقادة في اليمين، ولا يلتقي قادة اليمين الأوروبي مسؤولين في الحكومة الإسرائيلية، وبانتخاب نتنياهو من جديد هناك أمل بحدوث تغير. ويقول دوينتر من حزب "فالامز بيلانج" النمساوي إن "التفاهم بين الأحزاب اليمينية وإسرائيل سيتحسن في ظل وجود نتنياهو". وهناك توقعات بتوجيه دعوة رسمية إلى زعيم اليمين لزيارة إسرائيل.
ويعتقد هاولي أن تفاؤل اليمين ليس مبالغا فيه؛ لأن الكثير من أعضاء اليمين الإسرائيلي يرون في جماعات اليمين المتطرف الشريك الوحيد الذي يوثق به في القارة، حيث أصبحت معاداة السامية، كما يقولون، متجذرة في خطاب الأحزاب الرئيسة. ويقول كلينر من حزب الليكود إن أحزاب اليمين هي الأقدر على معرفة الخطر الحقيقي الذي يمثله المسلمون على أوروبا "وهم أقل سذاجة من اليسار".
ويستدرك الكاتب بأنه بالرغم من أن نتنياهو لم يعبر عن مواقف واضحة تجاه اليمين المتطرف الأوروبي، إلا أنه كان واضحا في نقده لأوروبا، وتصاعد العداء للسامية فيها، خاصة بعد الهجمات في باريس وكوبنهاغن. وبعد هذه الهجمات دعا نتنياهو يهود أوروبا للهجرة إلى إسرائيل. وقال إن أوروبا لم تعد شريكا تجاريا يوثق به، وأضاف أن "أوروبا الغربية تعيش مرحلة من الأسلمة والمعاداة للسامية والصهيونية، ونريد التأكد من وجود أسواق متعددة لإسرائيل في أماكن أخرى من العالم".
وتخلص "نيوزويك" إلى أن تعليقات كهذه تقرب اليمين الأوروبي من إسرائيل، ويقول فيوريلو بروفيرا من حزب رابطة الشمال، والعضو السابق في البرلمان الأوروبي: "أنا سعيد، وأعتقد أن نتنياهو هو الرجل المناسب للحظة الصعبة". وناشد بروفيرا رئيس الوزراء الإسرائيلي ألا يدير ظهره لأوروبا، حيث أكد أن الأحزاب اليمينية هي ما تبقى لإسرائيل في أوروبا بعد تخلي اليسار عنها.