نشرت صحيفة "ديلي تلغراف" تقريرا للكاتب ديفيد بلير، حول
الانتخابات الإسرائيلية، ومن سيربحها.
ويبدأ الكاتب بالتساؤل: "هل سيكون بوغي أم بيبي؟"، وبوغي هو اللقب الذي يطلقه الإسرائيليون على زعيم حزب العمال إسحق
هرتزوغ، وبيبي هو اللقب الذي يطلق على بنيامين
نتنياهو، الذي أصبح "رئيس الوزراء لأطول مدة منذ بن غوريون".
ويشير التقرير إلى أنه لم ير أحد إسحق هرتزوغ زعيما محتملا لإسرائيل إلا قبل عدة أشهر. وفي حملة نتنياهو الدعائية للانتخابات يحاول إظهار نفسه بصورة من يرعى الأطفال، فيظهر في الإعلان المتلفز أنه يعرض على عائلة أن يرعى أطفالها لتخرج للتنزه، ويقول لهم إنهم لا يستطيعون الوثوق بغيره لحماية أطفالهم، وبالذات "بوغي"، فيتفق معه الأبوان على أن بوغي لا يصلح؛ لأنه ربما يهدم البيت، وربما يتنازل عن السجادة، وفي آخر الإعلان يقول نتنياهو بسرور وهدوء: "في هذه الانتخابات اختر من سيرعى أطفالنا".
ويبين الكاتب أن هرتزوغ حرم نتنياهو من السرور أو الهدوء العام الماضي، عندما دخل مع تسيبي
ليفني في تحالف يساري أسمياه "الاتحاد الصهيوني"؛ بهدف إخراج نتنياهو من رئاسة الوزراء. ويبدو أن هذا التحرك كان له أثر، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى أن الاتحاد الصهيوني يحظى بتأييد كبير، ويتوقع حصوله على 25 مقعدا، مقابل 21 مقعدا لحزب الليكود.
ويفيد التقرير بأنه في حال فوز هرتزوغ فإنه سيواجه المهمة الصعبة في تشكيل إئتلاف حكومي لديه أكثرية في الكنيست بمئة وعشرين مقعدا.
ويستدرك بلير بأنه إن صدقت الاستطلاعات فسيكون هرتزوغ رئيس الوزراء القادم، ثم تسيبي ليفنى بعد سنتين، بحسب الاتفاقية التي عقدتها مع هرتزوغ.
ويلفت التقرير إلى أنه في ظل مثل هذه الدولة المتصدعة والمتفرقة، ومع أن هؤلاء السياسيين متنافسون، إلا أنهم يشتركون في كثير من القضايا، فتاريخ كل منهم مرتبط بقصة إسرائيل، ولو كان الأمر في بلد آخر لكانت هذه العلاقة وسيلة للمرشح للتفاعل مع الناخبين، ولكن في إسرائيل تعني كيفية التعامل مع مسألة "حياة أو موت إسرائيل"، كما وصفها المؤلف الإسرائيلي عاموس عوز.
ويذكر الكاتب أن قصة كل منهم تشبه الأخرى إلى حد ما، فكلهم منحدرون من "الأرستقراطية السياسية" الإسرائيلية، وعلى عكس الاثنين الآخرين، فيعرف عن هرتزوغ أنه متواضع، ومع ذلك فإن نسبه متميز جدا، فهو حفيد أول حاخام أكبر لدولة إسرائيل، وأبوه حاييم مولود في بلفاست، وحارب مع الجيش البريطاني في الحرب العالمية الثانية، وكان الرئيس السادس لإسرائيل، حيث بقي في المنصب من عام 1983 وحتى عام 1993، كما أن أبا إيبان، وزير خارجية إسرائيل من عام 1966 وحتى 1974، هو زوج خالته.
ويورد التقرير أن نتنياهو أرستقراطي أيضا، حيث يعد والده مفكرا ومؤرخا صهيونيا مهما، مات عام 2012 عن عمر يناهز مئة وعامين، وفي بلد فيه اعتبار للبطولات، فإن أخاه الأكبر، الذي كان يعمل في قوات النخبة، قتل في عملية إنقاذ الرهائن في مطار عنتيبي عام 1976.
وتبين الصحيفة أن تسيبي ليفني كان أبوها رئيس العمليات في منظمة الأرغون، وهي المنظمة السرية التي حاربت الإنجليز حتى أخرجتهم من
فلسطين، تمهيدا لقيام دولة إسرائيل، ثم كان عضوا للكنيست عن حزب الليكود لمدة عشر سنوات.
ويجد الكاتب أن الثلاثة لهم نسب متميز، ومن الصعوبة التمييز بينهم بناء على وظائفهم، فنتنياهو عمل مع القوات الخاصة، وليفني عملت مع المخابرات، وهرتزوغ عمل في مركز تحليل الاتصالات.
وتذهب الصحيفة إلى أنه إن كان في بريطانيا ينظر إلى خلفية المرشح السياسية، وفي بلدان أخرى قد ينظر إلى خلفيته التجارية، فإن الأمر مختلف في إسرائيل، فخلفية المرشح في الجيش أو المخابرات أمر لا غنى عنه تقريبا للسياسي.
ويشير الكاتب إلى أن ما يختلف فيه الثلاثة هو كيف شاركت خلفياتهم وقصص علائلاتهم في تشكيل عقيدة كل منهم. وهذه الرؤى المتباينة هي التي كيف تواجه كل من السؤالين اللذين لم يجب عليهما حول إسرائيل، وهما: أين ستكون الحدود النهائية لإسرائيل؟ ومن يحق له العيش داخل هذه الحدود؟.
ويوضح التقرير أن نتنياهو على خط "الصهيونية التصحيحية" ذاته، وقد عمل أبوه سكرتيرا لزئيف جابوتونسكي، صاحب هذه المدرسة، ويرى أصحاب هذه المدرسة أن لإسرائيل الحق في حكم كل ذرة من تراب إسرائيل بين النهر والبحر، ويعتقدون أن التنازلات للفلسطينيين غير مجدية، وأن التعايش معهم غير ممكن إلا من وراء "ستار حديدي".
وتذكر الصحيفة أن هرتزوغ يحمل الفكر الصهيوني التقليدي، ولديه استعداد لحكم ما هو أقل من فلسطين في فترة الانتداب البريطاني مقابل القبول الدولي.
ويشير التقرير إلى أن ليفني تتوسط الاثنين، فهي تحلم في السيطرة على كل بوصة في فلسطين وحكمها، ولكنها في الوقت ذاته تسمح للواقع أن يفرض رؤية مغايرة.
ويلخص الكاتب الوضع بأن هناك 6 ملايين يهودي، و5.6 فلسطيني يعيشون بين النهر والبحر، وبمعدل ولادات أكبر بين الفلسطينيين فسيشكلون الأكثرية في وقت قصير، وإن بقيت دولة واحدة فلا يمكن لها أن تبقى يهودية، والحل الوحيد أمام إسرائيل هو التنازل عن شيء من الأرض لإقامة دولة فلسطينية، وهذا موقف هرتزوغ وليفني من باب الحفاظ على يهودية إسرائيل.
أما نتنياهو فألمح في انتخابات عام 2009، عن قبوله لوجود دولة فلسطينية لحماية مصلحة إسرائيل، إلا أنه خلال حملته الانتخابية الحالية تراجع عن هذا الموقف.
ويختم بلير تقريره بالإشارة إلى أنه لم يتحدث أي من المتنافسين الرئيسيين الثلاثة عن سلام مع الفلسطينيين. ويتساءل: هل سيستمر الفائز في الانتخابات بتجاهل المسألة المصيرية لإسرائيل؟ وهي عدم إمكانية إبقاء إسرائيل للأراضي كلها، والبقاء في الوقت ذاته "دولة ديمقراطية يهودية".