دعت صحيفة "فايننشال تايمز" في افتتاحيتها الدول الراعية للمحادثات السلمية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، إلى التفكير جديا بإعفاء المبعوث الحالي للرباعية رئيس الوزراء البريطاني السابق توني
بلير. وقالت الصحيفة إن دور بلير في الشرق الأوسط قد استنفد، ولا بد من وجه جديد.
وعلقت الصحيفة قائلة: "عندما استقال توني بلير من منصبه رئيسا لوزراء بريطانيا عام 2007، أعلن أن أهم طموحاته هي المساعدة في تحقيق سلام دائم بين
إسرائيل والفلسطينيين. وكان منبره الذي اختاره لتحقيق هذا الطموح أن يكون مبعوث
الرباعية للشرق الأوسط. وقد منحه هذا المنصب، الذي لم يتلق عليه أجرا، موطئ قدم له في المنطقة التي يهتم بها كثيرا، وكان مصيريا في تعليم سجله السياسي الممتاز".
وترى الافتتاحية أنه لم يحقق الكثير خلال عمله في المنطقة، وتقول: "إنه بعد ثمانية أعوام تقريبا، يجب على بلير أن يفكر جليا بدوره المتنقل، فلم يحقق في عمله إلا القليل، فيما برزت الشكوك حول العلاقة بين دوره مبعوثا وعمله الخاص، وأثارت قلقا مشروعا".
وتقول الصحيفة: "كان تعيين بلير محلا للجدل منذ البداية، فالمبعوث يمثل الرباعية المكونة من الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا، في
المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وبعيدا عن الاستشارات حول شروط المهمة، فقد كُلف بلير بالمهمة بعد إلحاح شديد من الرئيس الأمريكي جورج بوش، حليفه في الحرب على العراق. وكان هناك الكثير من الغموض حول طبيعة عمله، فقد ظن بلير أنه سينخرط في دبلوماسية رفيعة المستوى لإحياء العملية السلمية الجامدة، وعوضا عن ذلك فقد قيد دوره بعمل روتيني، ينحصر في الترويج للنمو الاقتصادي في المناطق الفلسطينية".
وتشير الافتتاحية إلى أنه في هذا الاتجاه "يمكن لبلير الإشارة إلى بعض الإنجازات، مثل إقناع الحكومة الإسرائيلية المترددة بإنشاء شبكة للهواتف النقالة في الضفة الغربية، ولكن نجاحا كهذا كان نادرا؛ لأن الاقتصاد الفلسطيني يعيش حالة ركود".
وتبين الصحيفة أن "سمعته كونه مبعوثا للرباعية تلوثت بطريقتين؛ الأولى التي اعترف بها نفسه، وهي أن هناك حدودا لحجم النشاط الاقتصادي الذي يمكن توليده في الضفة الغربية، دون التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع مع إسرائيل. فالمستثمرون الأجانب ربما عبروا عن رغبة بالاستثمار في المناطق الفلسطينية، لكن النمو المستمر للمستوطنات، والقيود التي تضعها على حركة الفلسطينيين في مناطق الضفة الغربية، عملا على خنق نمو الاقتصاد الفلسطيني، وهو ما ترك بلير في وضع لا يحسد عليه، حيث أصبحت مهمته العمل على حل قضايا اقتصادية ثانوية، في الوقت الذي لم يتم فيه حل أساسيات النزاع".
وتضيف الافتتاحية أن "الطريقة الثانية مرتبطة بمصالحه الخاصة، فلدى بلير خدمات استشارية واسعة في الشرق الأوسط، واستمرت تحت مظلة (توني بلير وشركاه)، وتشمل قائمة زبائنه الحكومة الكويتية، ومؤسسة أبو ظبي السيادية، وشركة السعودية للبتروكيماويات، المرتبطة بالعائلة المالكة. ويؤكد حلفاء بلير أن مهمته كونه مبعوثا للرباعية ونشاطه التجاري منفصلان، إلا أن المزج بين العمل العام والنشاط الخاص في المنطقة يظل محلا للقلق المشروع".
وتلفت الصحيفة إلى أن "نزاع إسرائيل مع الفلسطينيين وصل منعطفا مهما، وستحدد الانتخابات الإسرائيلية يوم الثلاثاء ما إذا كانت إسرائيل ستختار حكومة تدعم حل الدولتين، أو تلك التي ترفض التعاون في المفاوضات مع
السلطة الفلسطينية".
وتجد الافتتاحية أنه "مهما كانت النتيجة، فعلى المجتمع الدولي أن يبدأ بزيادة الطرق الدبلوماسية المتعلقة بالمنطقة. وستظل الولايات المتحدة لاعبا مهما، ومن هنا فيجب على الرباعية تعيين مبعوث جديد لديه خبرة في السلك الدبلوماسي، ويحظى بثقة واشنطن، ويمكنه الحديث مع الإسرائيليين والفلسطينيين".
وتختم "فايننشال تايمز" افتتاحيتها بالقول: "مضى عقدان على انتخاب توني بلير زعيما لحزب العمال، ويعد من أذكى السياسيين البريطانيين من بين أبناء جيله، فقد فاز في ثلاثة انتخابات برلمانية متتالية، وقدم نفسه على أنه حداثي يقف في الوسط. ولا يزال يتمتع بعلاقات على مستوى عال، وعمله مبعوثا كان بمثابة بطاقة اتصال مفيدة، إلا أن المزج بين أدواره لم يخدمه كثيرا، وحان الوقت كي يمضي إلى طريق آخر".