نشر موقع "ميدل إيست آي" في لندن تقريرا للصحافية بيثان ستاتون، حول
الاعتقالات التي يعاني منها
طلاب الجامعات الفلسطينيون في الضفة الغربية على أيدي الاحتلال
الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية.
وتتحدث ستاتون في التقرير عن ستة طلاب من جامعة بيرزيت اضطروا للاعتصام في الجامعة لمدة ثلاثة أشهر خشية الاعتقال؛ لأنهم يعلمون أن بقاءهم في الجامعة هو الضمانة الوحيدة ضد اعتقالهم، بعد أن وصلتهم استدعاءات من أمن السلطة.
ويشير التقرير إلى أنه بعد مفاوضات طويلة وتدخل مؤسسات حقوق إنسان دولية استطاع الستة أن يحصلوا على ضمانات بعدم التعرض لهم، واستطاعوا مغادرة الجامعة إلى بيوتهم الأسبوع الماضي. ولكن هذه ليست المرة الأولى، ويعتقد الطلاب أنها لن تكون الأخيرة، التي يتعرض فيها الناشطون للاعتقال والمساءلة، كما أنهم يعتقدون أن استهدافهم غرضه سياسي.
وينقل الموقع عن عبد الرحمن حمدان، طالب الهندسة، الذي كان من بين المعتصمين في الجامعة، قوله: "
السلطة الفلسطينية تريد البقاء في الحكم، ومنافسها الأكبر هو حركة
حماس، وشعبية حركة حماس في تزايد.. وهم يخشون إن فسحوا المجال للحركة لتعمل، وأن تسمح للكتلة الإسلامية بالعمل في الجامعات، فإن ثقة الناس بها ستزداد أكثر، وهذا قد يجعل الناس ينقلبون ضد السلطة".
ويبين التقرير أن حمدان اعتصم مثل زملائه في الجامعة عندما وصلت استدعاءات إلى طلاب الكتلة الإسلامية، قبل احتفالات ذكرى انطلاقة حركة حماس في شهر كانون الأول/ ديسمبر، التي كانوا يأملون القيام بها.
ويذكر الموقع أنه تم اعتقال حمدان قبيل الاحتفالات المزمعة، وتم إطلاق سراحه دون توجيه تهمة له بعد 24 ساعة من التحقيق، الذي قال إنه ركز على أنشطة الكتلة الإسلامية وتضمن التعذيب.
ويردف حمدان قائلا: "سألوني عن الأنشطة داخل الجامعة، وقالوا لي إن علينا أن نلغي الاحتفال، ولم يوجهوا لي أي تهمة، ولكن ذلك كان قبل الاحتفال في الجامعة، كانت رسالة موجهة لنا بأنه يجب عليكم أن تتوقفوا، ونحن لن نسمح لكم بالاحتفال".
وتفيد الكاتبة بأن تجربة طلاب جامعة بيرزيت ليست فريدة، فعلى مدى الأربعة شهور الماضية كانت هناك زيادة مفاجئة في اعتقالات الطلاب في الضفة الغربية، استهدفت الفروع الطلابية للأحزاب الإسلامية واليسارية. فبين شهر تشرين الثاني/ نوفمبر وشهر كانون الثاني/ يناير، تم اعتقال 41 طالبا من جامعات الضفة الغربية. وفي كانون الأول/ ديسمبر تظاهرت كتلة حماس الطلابية وكتلة الجبهة الشعبية الطلابية في جامعتي بيرزيت والقدس للاحتجاج على اعتقال أعضائهما.
ويورد التقرير أن حمدان وناشطين يساريين رفضوا ذكر أسمائهم لأسباب أمنية، قالوا للموقع إن الاعتقالات طالت الإسلاميين بشكل أكبر، ولكن اليسار المعارض ناله نصيب منها أيضا. ويعلق حمدان على تعاون الإسلاميين واليساريين بالقول: "عندما تحصل الاعتقالات السياسية يقف الطرفان معا لأنهما يرفضانها.. ويعملان معا ضد تلك الاعتقالات".
ويلفت الموقع إلى رفض المتحدث باسم السلطة الإدلاء بأي تعليق حول الموضوع لـ"ميدل إيست آي". بينما شدد مسؤولون أمنيون على أهمية القضاء على الخلايا المسلحة في الضفة الغربية، ولكن المعتقلين يشددون على أنه من النادر ما يتم التطرق للقضايا الأمنية خلال التحقيق، ولكن التركيز يكون على أنشطة الجامعة.
وقال حمدان إن الكتل الطلابية تسعى إلى تمثيل الطلاب في اتحاد الطلبة، وتهتم بالدرجة الأولى برعاية الطلاب وتحصيل المساعدات المالية لهم، بالإضافة إلى الرياضة والأنشطة السياسية داخل الجامعة.
وتذكر ستاتون أن الكتلة الإسلامية في جامعة بيرزيت خسرت الانتخابات في عام 2014، بفارق ضئيل، حيث حصلت على 20 مقعدا، بينما حصلت كتلة
فتح على 23 مقعدا. ولكن خلال الصيف كانت هناك مؤشرات على أن شعبية حركة حماس تتنامى. وهذا يثير مخاوف السلطة التي تسيطر عليها حركة فتح، من أن هذا التهديد قد يظهر على مستوى طلاب الجامعات، وهو ما يعد صورة مصغرة لشعور بقية المجتمع، كما أوضح البروفيسور في جامعة بيرزيت سميح حمودة.
ويقول حمودة للموقع: "إنهم يريدون التقليل من قوة حركة حماس إلى أدنى المستويات؛ لأنها تشكل تهديدا للسلطة الفلسطينية، ولذلك عليها التفكير بطريقة لاحتوائها.. أعتقد أن معظم الاعتقالات دوافعها سياسية، فلا أظن أن هناك أسبابا أمنية مهمة، خاصة أن حركة حماس ليست لها أنشطة عنيفة ضد إسرائيل في الضفة الغربية، ولكن ربما تريد السلطة أن تعرف إن كان هناك شيء يجري أم لا".
وترى الكاتبة أن شهادات المعتقلين تشير إلى أن التحقيق وجمع المعلومات مهم بالنسبة للأجهزة الأمنية التابعة للسلطة. ويشير الطلاب إلى أن اعتقال السلطة غالبا ما يكون قصيرا، ولكن التحقيق يكون وحشيا، بينما الاعتقال الإسرائيلي يحتمل حكما طويلا بالسجن. كما أن اعتقالات السلطة عادة ما تتبع باعتقال من الأمن الإسرائيلي.
ويقول الموقع إن الطالب سيد حشيش، وهو عضو في الكتلة الإسلامية ويعتصم في جامعة بيرزيت مثل حمدان، كان قد اعتقل في السنة الثانية من دراسته في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2013، من قبل السلطة، وبعد ذلك بشهر ونصف اعتقلته سلطات الاحتلال الإسرائيلية، وقضى حشيش عشرة أشهر في السجون الإسرائيلية، بعد التوصل إلى صفقة اعتراف، ولكن وبعد خروجه من السجن اعتقله أمن وقائي السلطة مرة أخرى.
ويقول حشيش للموقع: "لم يتحدثوا معي طيلة اليوم، وأبقوني بلا أكل ولا ماء، وبعدها أوقفوني أمام الجدار، وطلبوا مني رفع يدي، وبعد ساعة شعرت بالتعب فاستدرت وأنزلت يدي، وعندما فعلت هذا بدأوا بضربي وركلي".
وأضاف حشيش، البالغ من العمر 21 عاما، ويدرس العلوم السياسية، أنه فقد الوعي وكان ينزف من رأسه، بسبب الضرب الذي تعرض له، وعندما أطلقوا سراحه احتجزوا هويته، ومنذ ذلك الوقت تم استدعاؤه أكثر من مرة من إسرائيل ومن السلطة، فاعتصم في الجامعة لتجنب اعتقال آخر. وقال: "هددني الإسرائيليون بأنهم والسلطة لن يسمحوا لي بإتمام دراستي، وأنهم سيعتقلونني. وقالوا لي إن السلطة ستعتقلك أولا ثم الإسرائيليون.. الأمر دائما كذلك إن اعتقلتك السلطة الفلسطينية تعتقلك إسرائيل"، بحسب الموقع.
ويورد التقرير أن حشيش يعتقد أن سبب اعتقاله هو نشاطه في الكتلة الإسلامية، ويقول: "تقوم السلطة بالتعذيب، ويستخدم الإسرائيليون أسلوبا آخر للتحقيق، ولكنها الأسئلة ذاتها للوصول إلى النتيجة ذاتها، وكأنه سباق أيهما يصل إلى الأجوبة أولا".
وتذكر الكاتبة أن اتفاقيات أوسلو تنص على تبادل المعلومات والتنسيق الأمني، وما يعنيه هذا بالضبط ليس واضحا، لكن حشيش يؤكد أن تجربته لا تشير إلى مشاركة معلومات، ولكن الواضح هو استهداف الكتلة الإسلامية وجبهة عمل الطلاب التقدمية من السلطة وإسرائيل، ما يشير في نظره إلى أن الطرفين يعملان للغاية ذاتها، وهي وقف نشاط حركة حماس السياسي في الضفة الغربية.
ويعرض التقرير لوجهة نظر مدير الجمعية العربية لحقوق الإنسان في المملكة المتحدة، محمد جميل، الذي يرى أن اعتقالات الطلاب هي ثمرة التعاون الأمني وسياسة المصلحة الذاتية. وكشف تقرير للمنظمة عن أن السلطة اعتقلت 1206 أشخاص خلال عام 2014، بينهم 353 طالبا.
ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى تعليق جميل خلال مقابلة مع الموقع عبر "سكايب" على اعتقالات الطلاب قائلا: "إنها جزئيا لإرضاء الإسرائيليين؛ لأنهم يمدونهم بمعلومات عن الطلاب، وهي أيضا لمساعدة حركة فتح في كسب الانتخابات الداخلية". وأضاف إنه مهما كان السبب فإن الآثار مدمرة على الطلاب "عندما تأخذ طالبا وتحتجزه تقوم بتدميره.. إنه تدمير ممنهج".