يعبّر كثير من العلويين بطرق مختلفة عن رفضهم أن يكونوا كبش فداء للنظام - أرشيفية
حاول "ج.ر" على مدى يومين التواصل مع أخيه الجندي في قوات للنظام كانت محاصرة في مدينة حلب دون أن يعرف عنه أي شيء، فأخوه أخبره أن هاتفه المحمول سيغلق جراء نفاد طاقته وأنّه سيعاود الاتصال به لإعلامه بأمر مهم، لكنه لم يكن يعلم حينها أنه سيطلب هو الآخر للاحتياط في قوات النظام السوري.
يقول "ج.ر" في حديث لـ"عربي21": "وقفت أمام منزلنا سيارةٌ مدنيّةٌ شارتها مطليّةٌ باللون الأسود، وقد امتلأت بصور بشار الأسد، في إشارةٍ واضحةٍ إلى أنّ راكبي هذه السيارة هم أناسٌ فوق القانون"، وتكثر مثل هذه السيارات في المناطق التي يسيطر عليها النظام، وتعود معظمها للشبيحة وقوى الأمن.
يتابع: "طرق بابنا ثلاثة شبان وطلبوني بالاسم، وعندما استعلمت عن هوياتهم أخبروني بأنّهم من قوى الشرطة الجنائيّة، وأنّهم يريدون اصطحابي لعشر دقائق فقط، والحجة كانت كذبةً كبيرة، بأنهم يريدون شهادتي أمام القاضي".
رفض "ج.ر" في البداية الذهاب معهم، لكنّ إصرارهم وترهيبهم جعلانه يوافق، ولم يكن ليتخيّل أنّهم لن يعطوه خمس دقائق ليبدل ملابسه، و"بحضور والديّ تم جري بالقوة إلى السيارة المجهولة وبثياب النوم"، على حد قوله.
بدوره، يقول "ك.ر" والد "ج.ر": "لم نستطع حينها فهم الأمر، فولدنا مسالم للغاية، فحتّى احتمال اصطدامه مع أي "شبيح" هو أمر مستبعد، لذا ركبنا سيارتنا ولحقنا بهم على الفور، أنا ووالدته، إلى مخفرٍ للشرطة في مدينة بانياس، حيث كانت مفاجأة أكبر تنتظرنا، فقد كان هناك حوالي عشرين شاباً، بعضهم بثياب العمل، وبعضهم بثياب النوم، وعلى الأغلب فقد تم إحضارهم بالطريقة ذاتا التي اقتيد بها ولدي".
يتابع الأب: عند سؤالنا عن سبب أخذ ابننا بهذه الطريقة، أجابونا أنّ ولدنا مطلوب للاحتياط، فجنّ جنوني، فلم يبلغنا أحداً مسبقاً بأنّ ولدنا مطلوب للاحتياط، ولم يتصل أحد بنا، وولدي الذي قضى خدمته الإلزامية شرطيا لم يكن ليبقى في البيت وهو يعلم أنه سيطلب للاحتياط".
يقول: "شكونا هذا لرئيس المخفر، وطلبنا منه الإذن بأربع وعشرين ساعةً فقط ليجهّز ابني نفسه، لكّنه رفض، ولم ينكر أن "ج.ر" لم يطلب للاحتياط، وقال: إن ولدكم سيهرب فيما لو بلغناه بأنه مطلوب، وهذه أسلم الطرق لنؤمّن التحاقه".
بقي والدا "ج.ر" للحظات في المخفر معه قبل أن يغادرا، وهما يشعران بالحزن والأسى، كما حاولت والدته أن تواسيه قليلا إلّا أنّ رجال الشرطة طلبوا منهم المغادرة. وهنا أخبرهم "ج.ر" بأنّ أخاه محاصر في حلب، وأنّه أخفى هذا الأمر عنهم بناءً على رغبة أخيه، فانهارت الأم، ودخلت في حالة غيبوبة في المشفى، على حد قول الوالد.
وحول عن موقفه تجاه ما حصل بالضبط، يجيب "ك.ر": "هذا يسمى اختطافا، ليست دولةً تلك التي تتصرف بهذه الطريقة، بل ميليشيا تختطفنا كلنا كمجتمع، وتهددنا بأموالنا، بأعراضنا، بأبنائنا، بكل شيء، نحن مجرد رهائن عند بشار الأسد.. مجرد رهائن، صدقني يا عمّاه".