أفاد ناشطون من ريف
اللاذقية عن قيام عناصر الأمن العسكري بتنظيم دور السيارات ووسائل النقل للحصول على
الوقود داخل المناطق الموالية للنظام، مما جعل من صورة النظام السوري لدى مؤيديه "هشة"، حيث يطلق المدنيون الشتائم عليه وعلى عناصر الأمن عند وقوفهم لساعات وهم ينتظرون دورهم.
وقال سعيد، وهو ناشط من ريف اللاذقية، في حديث خاص لـ"عربي 21"، إن "الناس يشتمون عناصر الأمن على محطات الوقود دون وجل أو خوف، ودون أن يحدث هذا تأثيراً كبيراً في أمزجة الناس، فالجميع يعرف أنّهم محكومون بالقوّة، وأنّ هذه البندقية التي يحملها عنصر الأمن العسكري لا تعمل لمحاربة "الإرهاب" بل لإرضاخ الجميع وبالقوّة".
وبيّن سعيد أن المناطق التي تسكنها "الطائفة العلوية" لم تشهد منعطفاً جذريّاً في دور السلطة في حياتهم، حيث "تبقى هذه السلطة حتى الآن كراعٍ كريم يقدّم لرعيّته ما لا يستحقون، لكن هذه الصورة أصيبت بالهشاشة، وربما أصبح الوقت مواتياً لينقلب الجميع على هذه الأفكار، والبدء بحياةٍ جديدة يكون لكل شخص موقع تأثير في كل ما يجري حوله".
وتساءل: "أليست هذه الثورة التي تحمل التغيير في كل شيء، والتي ستخلق حتماً عالماً أفضل حتّى ولو تعثرت في بدايتها؟ أليست هذه المرحلة الحالكة جزءاً من حصّة السلطة الغاشمة لتفرّغ ما تبقى عندها من ظلم وقهر؟
وأشار سعيد إلى أن النظام تجنّب ومنذ انطلاق الثورة السورية إرغام أحد على القتال في صفوفه، بل استخدم وسائل أكثر دهاءً مكّنته هيبته آن ذاك من العمل عليها بنجاح، وكان إطلاق ميليشيا الدفاع الوطني وإطلاق مشايخ الطائفة العلوية الضعفاء للدعوة للانضمام إليها، وحلقة الترهيب والترويع الشديدة التي شنتها أجهزته الأمنية والإعلامية ضد أي تحفّظ ضد النظام.
كما قدم النظام، بحسب سعيد، الرواتب المغرية آنذاك للمنتسبين إلى هذه
الميليشيات "كوصفة سحريّة لجرّ الشبّان للقتال معه وبكامل إرادتهم، وعندما توقف الضخ العلوي لهذه الميليشيات راح ينفذ مخطط الطلب الاحتياطي الانتقائي، الذي يعتمد على طلب عدد قليل من كل قرية أو حارة، ليبقى موقفهم ضعيفاً إلا أن يلتحقوا ومن ثم يعاود طلب غيرهم".
وأضاف سعيد: "هكذا استطاع جرّ الكثير إلى الاحتياط للقتال في صفوفه، ومن ثم عمد إلى طلب أي مقاتل من ميليشيا الدفاع الوطني يقوم بترك الميليشيا، مما أسهم في شدّ عناصر الميليشيا أكثر للبقاء فيها".
إلا أن الغلاء المتزايد ساهم يوماً بعد يوم، بحسب سعيد، في إنقاص هيبة النظام، "كما أنّ وعوده الساذجة التي أطلقتها أبواقه وشدد عليها رأس النظام في خطاباته باءت جميعها بالفشل الذريع، وزاد الطين بلّة انقطاع موارد الطاقة التي أصبحت سيفاً يهدد كل بيت بالبرد والفقر والجوع".
ويضيف الناشط: "ومع اشتداد القتال وموت الكثير من الشبّان
العلويين دون هدف يذكر سوى الإبقاء على بشّار الأسد على كرسيّه، بدأ تسرّب العسكريين والاحتياطيين وبدأت ميليشيا الدفاع الوطني بالانهيار، مما ساهم في إذكاء روح الرفض عند العلويين، وأصبح النظام مرغماً على جرّ هؤلاء بالقوة، وراحت حملاته تنتشر على كل الحواجز فيما يشبه "السفر برلك". لكنّ هذا لم يكسبه الكثير من المقاتلين، وأفقده الكثير من هيبته التي لم يبق منها سوى القليل" حسب تقديره.
وبيّن سعيد أن أزمة المحروقات جاءت لتقضي على ما تبقى من النظام السوري في أذهان العلويين، "الذين أصبحوا جاهزين لأي تغيير قد يعطيهم القليل من الأمان، الذي قد ينقذ ما تبقى من أبنائهم"، وفق تعبيره.