بعد أن بدأ النظام حملات متفرقة في الساحل السوري لزجّ الشبّان في القتال ضمن صفوفه، بدأت تظهر ردّات فعل جرّاء هذه الممارسات، أولها اصطدام مسلّح في ضاحيّة بسنادا في اللاذقيّة، وثانيهما بدء تحرك مناهض للنظام وفاضح له في إحدى قرى بانياس.
وقال أحد النشطاء من قرية في بانياس، رفض الكشف عن اسمه: "قمنا كمعارضين بعد أن جمعنا أنفسنا، بكتابة لافتات مناهضة للنظام، كتبنا على إحداها "يسقط نظام
الأسد.. نظام داعش" وعلى أخرى "النظام وداعش وجهان لعملة واحدة" وقمنا بتعليقهما على جدار المدرسة.
وأضاف الناشط "غ.ف" وهو معارض من "الطائفة العلوية" يسكن قرية دير البشل القريبة جدّاً من بانياس في الساحل السوري، لكنّه لم يكن ليستطيع منذ انطلاق الثورة وحتّى الآن أن يفصح لأحد بأنّ رأيه مختلف عن محيطه المؤيد للنظام السوري، ولم ينشط في أي مجال معارض، "لم أستجب لطلب الاحتياط منذ عامين تقريباً وأبقيت أمر الطلب للاحتياط طي الكتمان إلى فترة وجيزة".
وبيبن "غ.ف" أنه "منذ عام كان هناك القليل من شبّان القرية ممن لم يلتحقوا بالجيش، لكنّهم كانوا يخفون سبب ذلك؛ خوفاً من الأمن ومن غضب الأهالي عليهم، والآن هناك الكثير ممن يصرحون بذلك علناً، كما انّه لدينا عدة حالات للتخلي عن الخدمة في الجيش من مجنّدين واحتياطيين، والغريب " أنّ الناس باتت حياديّة تجاه مسائل من هذا النوع، وأصبح موضوع عدم الالتحاق بالاحتياط أمراً عاديّاً جدّاً".
وبحسب "غ.ف" لا يتوقف الأمر على ذلك، بل إنّ الناس بدأوا يناهضون النظام علانيّة دون ريب من أحد، وهذا ما جعلنا هنا كمعارضين، بعد أن جمعنا أنفسنا، البدء بخطوتنا الأولى لنرى رد فعل الأهالي والنظام، لذا قمنا بكتابة لافتات مناهضة للنظام مشابهة لتلك التي كانت تحملها المظاهرات عند انطلاق ثورة الحرية والكرامة، وأضفنا لها معلوماتنا "الخاصة" التي قد يتفاجأ البعض أنّها من المسلمات في البيئات العلوية، وهي تعاون النظام مع داعش، "داعش" التي يهددنا بها النظام نفسه الآن.
كتبنا على إحدى اللافتات "يسقط نظام الأسد.. نظام داعش" وعلى أخرى "النظام وداعش وجهان لعملة واحدة" وقمنا بتعليقهما على جدار المدرسة، متابعا "كنّا قرابة خمسة شبّان، قمنا بكتابة اللافتات في وضح النهار وفي مكان شبه عام، ولم يكن هذا بالعمل الخطير، إذ إن جميع أهل القرية متشائمون من نظام الأسد ويريدون رحيله".
بعد نشر اللافتات على جدار المدرسة، استنفرت في الحال جميع الأجهزة الأمنية في بانياس واتجهت نحو القرية، وبدأت تهدد وتستجوب الأهالي يريدون معرفة الفاعل، لكن رد الأهالي جاء مفاجئاً، فالجميع أجاب: "هذه اللافتات كتبت وربما سيكتب غيرها الكثير، ولا نعرف من يكتبها، فقد يكتبها أيّ شخص منّا"، على حد قول "غ.ف".
دير البشل قرية عرفت في الحقبة الماضية بحراكها السياسي النشط، فقد كانت أعلام الأحزاب الشيوعيّة تغطّي أسطح القرية في مطلع الثمانينات، لكن قمع النظام الشديد آن ذاك حدّ من حراكها، وبقيت النفوس كظيمة لهذه الآونة، هذه القرية حسب تعبير "غ.ف" قد تكون القاطرة التي ستتقدم بالموقف "العلوي" نحو مكانٍ أكثر إشراقاً وأكثر انتماءً للوطن
سوريا.
تزامنت هذه الحوادث مع أحداث مشابهة في ضاحيّة بسنادا لم يتسنّ لنا الوصول لأحد المشاركين فيها، لكنّ المعلومات الأولية تشير إلى مقاومة الأهالي لدوريات النظام التي تريد أن تقحم الشباب عنوةً في القتال إلى صفوفها، وأشارت أنباء إلى حدوث إطلاق نار في الهواء.