عادت أزمة المازوت والبنزين والغاز التي تشهدها
سوريا بأرباح خيالية على الموزعين في مناطق سيطرة النظام، وخاصة بالنسبة لتوزيع
الغاز الذي يسعى المقربون من النظام لإحكام سيطرتهم عليه.
يقول "ص.إ"، موزّع الغاز المعتمد في إحدى ضواحي
طرطوس على الساحل السوري، إن "نسبة الربح في كل أسطوانة غاز ارتفع من 25 ليرة إلى 150 ليرة، ما جعل العمل كموزع معتمد للغاز عملاً مربحاً للغاية، بعد أن كان عملاً ثانويًّا للغاية تحترفه قلّة قليلة من الناس".
ويضيف "ص.إ" في حديث خاص لـ"عربي21" إن "الدخل أصبح خياليًّا خلال الفترة الماضية، فبدل توزيع مئتي أسطوانة في الشهر، أصبحنا نوزع هذه الكميّة في الأسبوع وأحياناً أكثر بقليل".
وأوضح أنّه في الأزمات قد يصل ربحه في الأسطوانة الواحدة إلى 500 ليرة، حيث يصبح تبديل الأسطوانة الجديدة بأخرى قديمة امتيازاً بحدّ ذاته، مضيفا أن هذا الوضع استمر لأشهر، لكنّ النظام تدخل بطريقته الخاصة عندما أعطى مهمة توزيع الغاز لحزب
البعث ولأعضائه الذين باتوا يفرضون سلطة مطلقة على حركة موزعي الغاز، ويمتلكون الصلاحيّة بسحب الرخص إذا اقتضى الأمر، بدلا أن يسلم هذه المهمة لشركة التعبئة في بانياس.
يقول "ص.إ": "لم يكن أمناء الفرق الحزبيّة ذوي أهميّة تذكر في المجتمع"، مشيرا إلى أن أمين الفرقة الحزبيّة كان يستجير لتبديل أسطوانة الغاز لمنزله، ولم يكن أحد يحبّ أن يقدّم له خدمةً ومنهم أنا، إذ إنّ أمناء الفرق يعيشون في عالم آخر غير هذا الذي نحيا، فحتى الآن يرددون الشعارات الفارغة التي بات صغيرنا قبل كبيرنا يعرف جيّداً أنّها محض كذب، لكنّهم الآن يتمتعون بسلطةٍ كبيرة نسبةً لحاجة الناس الملحّة والدائمة لهذه السلعة".
وأضاف: "يحددون حصّة كلّ منطقة، ومن يحقّ له تبديل أسطوانة الغاز بالاسم، ولا يحق لنا أن نتصرّف بأيّ عبوة دون الرجوع إليهم. كما أنّهم عملوا على إشراك فعاليات أخرى في المجتمع مثل المختار أو رئيس البلديّة، لكنّ الكلمة الأخيرة لهم".
ويستشهد "ص.إ" بآخر دفعة من العبوات، حيث أصرّ المختار على توزيع 95 عبوة، بينما أصرّ أمين الفرقة على توزيع 90 عبوة وترك الباقي له يتصرّف به كيفما يشاء، وانتهى النزاع بصفعةٍ من أمين الفرقة على وجه المختار، وتهديده بالسجن إذا لم يتعاون معه بشكل كامل.
ويرى "ص.إ" أنّ "هذا النظام يحارب الجميع بلقمة العيش ويحاول إعادة فرض صورته كسلطة على الجميع باستخدام هؤلاء الأميين، وهكذا يصبح أمين الفرقة الحزبيّة مزاراً لمن يريدون استبدال عبوات الغاز، كما تعود كلمته البعثيّة العفنة لتصل لآذان الجميع رغماً عنهم، ويتحكّم هذا المسؤول الحزبي الذي لا تتعدى صلاحياته الدستورية غرفته في الفرقة الحزبيّة ليتحكّم في أهمّ مفاصل الحياة اليوميّة عند الناس، لكنّ هذا لن يدوم طويلاً".
يختتم "ص.إ" بقوله: "النّاس بدأت تتذمر وتتساءل: ما هي علاقة المسؤول الحزبي بتوزيع أسطوانات الغاز؟ إذ إنّه يوزع الأسطوانات بناءً على محسوبياته الشخصيّة التي تنسجم مع طبيعة عمله وثقافته التي باتت من تاريخ أسود متعفّن، ولن يطول الأمر حتّى يخسر البعث آخر معاركه في بقايا مناطق نفوذه" حسب تعبيره.