ملفات وتقارير

الطفل الغزي زكي.. ضحية الحصار ورصاص "الجيران"

عائلة الطفل زكي الهوبي الذي يظهر في الإطار أسفل الصورة - عربي21
"جيراننا ينتمون لذات الدين، دمنا دمهم، ولكنهم يقتلون أقرب الناس إلي، ويهدرون دمه بلا تردد"..

تلك هي كلمات والد الطفل زكي الهوبي (17 عاماً) الذي قالت وزارة الداخلية الفلسطينية في قطاع غزة، الجمعة الماضي، إن جنوداً من الجيش المصري قتلوه بالرصاص من منطقة الحدود بين القطاع ومصر.

وقال إياد الهوبي (42 عاماً) لـ"عربي21" والأسى ظاهر على محياه: "أنا عاطل عن العمل، وأسرتي تتكون من عشرة أفراد، وكل جريمة ولدي الأكبر زكي أنه حاول تخطي الحدود المصرية، للبحث عن لقمة عيش يسد فيها رمق أشقائه الصغار".
    
ونفى الهوبي، الذي يقطن حي الشابورة بمحافظة رفح جنوب قطاع غزة، أن تكون أي جهة رسمية مصرية أو فلسطينية قد تواصلت معه حول مقتل نجله.

رواية شاهد عيان

وقال شاهد عيان يتواجد بشكل دائم على الحدود المصرية الفلسطينية، إن القوات المصرية قنصت زكي بالرصاص عندما اعتلى الحائط الحدودي (لا يتجاوز مترين في بعض المناطق)، واعتقلت الشابين اللذين تواجدا معه، فيما تركت الفتى المصاب "ينزف حتى الموت".

وأضاف لـ"عربي21" أن الجنود المصريين "يطلقون النار على كل من يحاول إسعاف إي مصاب برصاصاتهم"، مشيراً إلى حادثة وقعت قبل يومين، وهي أن القوات المصرية أطلقت النار على مواطنيْن من "رفح المصرية"، وتركتهما ينزفان حتى فارقا الحياة، ثم بعد ذلك سمحت للمواطنين بأخذ جثتيهما. على حد قوله.

وأكد الشاهد الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن المنطقة الحدودية تشهد نشاطاً كبيراً للقوات المصرية التي تعمل على توسعة المنطقة العازلة على الحدود مع قطاع غزة، مبيناً أن "حوادث القتل داخل الحدود المصرية تكررت بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة".

جريمة

بدوره، وصف النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني، القيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، يحيى موسى، مقتل الطفل الهوبي على يد القوات المصرية بـ"الجريمة".

وقال في تصريح مقتضب لـ"عربي21" إن مقتل مواطن فلسطيني برصاص الجيش المصري "دون سابق إنذار، وبدم بارد، هو جريمة بكل معنى الكلمة".

وقال الكاتب والمحلل السياسي، د. أسعد أبو شرخ، إن "جريمة القتل، سواء كانت على الجانب الفلسطيني أو المصري، يضر بمصلحة الطرفين"، مطالباً بعقد اجتماع مشترك "للتحقيق في حادثة قتل الهوبي، حتى لا يتكرر مثلها".

وأعرب أبو شرخ لـ"عربي21" عن أمله بأن "يتم تغليب الحكمة في التعامل مع المسائل بالمتعلقة بالحدود المشتركة"، مطالباً الجانب المصري بـ"معاقبة الجندي الذي أطلق النار".

وأضاف أنه "على يقين بأن الجيش المصري لا يمكن أن يعطي أوامر بإطلاق النار على طفل صغير"، مشيراً إلى أهمية تحسين العلاقات الفلسطينية المصرية "لأن الاحتلال الصهيوني يمثل عدواً مشتركاً لدى الطرفين" كما قال.

شبح الفقر

بدوره، حمّل مدير مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان بغزة، خليل أبو شمالة، الأجهزة الأمنية الفلسطينية مسؤولية "معرفة تفاصيل مقتل الطفل الهوبي"، مطالباً النيابة العامة والأجهزة الأمنية بـ"التواصل مع الجيش المصري للتحقيق في الأمر".

وقال أبوشمالة لـ"عربي21" إن "الوسائل الدبلوماسية، والتعاون المشترك بين البلدين، هما السبيل للكشف عن ملابسات تلك الحادثة".

وأوضح الناشط الحقوقي أن التحقيقات التي أجرتها مؤسسة الضمير تؤكد أن الطفل الهوبي "حاول تسلل الحدود المصرية بهدف البحث عن عمل نتيجة الفقر الذي تعاني منه فئات واسعة من قطاع غزة، من بينها أسرة هذا الطفل".

وأضاف: "الجميع يعلم أن قطاع غزة محاصر، والأنفاق أغلقها الجانب المصري، ولم يعد هناك عمل يساعد على التخلص من شبح الفقر".

وكانت وزارة الداخلية في قطاع غزة، قد وصفت على لسان الناطق باسمها إياد البزم، حادث قتل الهوبي، بـ"التطور الخطير، والاستخدام المفرط من الجيش المصري"، وبأنه "لا ينسجم مع علاقة الجوار بين الأشقاء".

ومنذ أن فازت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، بالانتخابات التشريعية الفلسطينية في كانون الثاني/ يناير 2006، تفرض "إسرائيل" حصاراً برياً وبحرياً على غزة، شددته إثر سيطرة الحركة على القطاع في حزيران/ يونيو 2007، فيما يبقى معبر رفح مغلقاً من الجانب المصري في غالب الأوقات، ويتم فتحه أحياناً للحالات الإنسانية.