استبعد خبيران خليجيان، وجود تأثير للمصالحة
المصرية -
القطرية على علاقات أنقرة والدوحة، في الوقت الذي توقع أحدهما أن تقوم الأخيرة بتخفيف حدة التوتر بين
تركيا من جانب ومصر ودول الخليج من جانب آخر، والإسهام في التقارب بين الجانبين.
في المقابل، تباينت رؤى الخبيرين حول مستقبل تلك
المصالحة، حيث اعتبرها الكاتب والسياسي القطري، رئيس تحرير جريدة العرب الأسبق، عبد العزيز آل محمود، بأنها "تهدئة استراتيجية مرحلية، وليس مصالحة حقيقة كونها لم تبن على أسس صحيحة".
فيما أعرب الخبير السياسي السعودي، عضو مجلس الشورى الأسبق، محمد آل زلفة، عن تفاؤله بمستقبل تلك المصالحة، مشيراً إلى أن "كل الدلائل تؤكد جدية قطر في إتمام المصالحة"، وأنه "ليس من مصلحتها التراجع".
وقال آل محمود "الحاصل الآن هو ضغوط شديدة على قطر لتحسين علاقتها مع الحكومة المصرية، وأعتبر أن العلاقة الجديدة بين مصر وقطر لم تبن على أسس صحيحة، وما يجرى حالياً فيه نوع من المجاملات التي ستتوقف في مكان ما، هذه ليست مصالحة على أسس حقيقية، بل هي تهدئة استراتيجية مرحلية قد تتغير بمرور الوقت مع تغير الظروف".
وحول رؤيته لخطوات التقارب بشأن وقف قناة "الجزيرة مباشر مصر"، وإرسال مبعوث قطري للقاهرة، اعتبر آل محمود، ذلك "تطورات شكلية"، مستطرداً: "قد تخفف قناة الجزيرة (العامة) من بعض المصطلحات التي كانت تؤذي الحكومة المصرية ولكن ليس هذا هو الأصل في إقامة العلاقات".
وحول تأثير تلك المصالحة المحتمل على العلاقات القطرية التركية، قال آل محمود: "قضية المصالحة لن تؤثر على العلاقات بين قطر وتركيا ، وتوقيع الاتفاقية الأخيرة بين الجانبين بشأن تأسيس لجنة للتعاون الاستراتيجي رفيع المستوى هي الاتفاقية التي تعول عليها الدوحة أكثر من أية اتفاقيات أخرى، لأنها اتفاقية شاملة لمجالات مختلفة (تم التوقيع على إنشاء اللجنة خلال زيارة أمير قطر لأنقرة في 19 كانون أول/ ديسمبر الجاري)".
وبيَن السياسي القطري، أن "هذه أول مرة تشكل لجنة عليا للإشراف على اتفاقية، فعادة توقع الاتفاقية وتترك للجهات المعنية في كل دولة لتنفيذها، ولكن هناك توجه وحرص من الحكومتين على تنفيذ بنودها، ولذلك شكلت لجنة عليا، وهذه كانت خطوة رائعة".
وردا على سؤال حول تأثير خطوات التقارب على موقف قطر من القضايا الإقليمية مثل الأزمتين في ليبيا وسوريا، قال:" قطر قد تنحني لعواصف وضغوط، ولكنها لن تغير مواقفها، كيف يتغير موقف قطر من قضايا مثل بشار الأسد موقفها ثابت".
وفي المقابل، أعرب آل زلفة، عن تفاؤله بمستقبل هذه المصالحة التي تمت برعاية سعودية، معتبراً أنها "بدأت بشكل تدريجي، وهي حالياً في مرحلة الذروة، بعد أن أدركت قطر أنه لا سبيل لها إلا أن تتصالح مع محيطها الخليجي والعربي بعيداً عن التجاذبات الإقليمية".
وفي هذا الصدد، قال إن "المصالحة بدأت بقبول قطر بها، ثم تطورت الآن وبدأت تأخذ خطوات عملية، حيث جاءت قمة الدوحة لتؤكد أنها ستمضي قدماً فيها، ثم الزيارة الأخيرة لرئيس الديوان الملكي السعودي، ومبعوث أمير قطر للقاهرة، لتزيل ما تبقى من خلافات، وبدأ التطبيق العملي بوقف بث قناة الجزيرة مباشر مصر من الدوحة، وإنذار الحكومة القطرية للإخوان بقطر أن يبقوا ضيوفاً محترمين وألا يقوموا بأي نشاط سياسي، كل هذه دلائل واضحة على أن قطر أوفت بتعهداتها، وتريد المضي قدما في المصالحة، وليس هناك ما يدعوها لأن يكون لها رأي آخر".
وتوقع الخبير السعودي، أن "تتوج هذه المصالحة بقمة قطرية مصرية ثنائية أو ثلاثية برعاية السعودية"، معتبراً أن "هذه القمة ستكون مهمة لإذابة كل المخاوف والقلق وتصفية الأجواء بين الدولتين".
وقال: "أنا متفائل إذا لم تتدخل قوى إقليمية وتؤثر على أحد الأطراف، لو تراجعت قطر عن موقفها فستجد نفسها في مأزق حقيقي في علاقتها مع جارتها السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، وأيضا مصر".
وعن تأثير المصالحة على العلاقات القطرية التركية، أعرب آل زلفة عن توقعاته أن يكون لقطر دور في إحداث تقارب بين القاهرة وأنقرة، وبين الأخيرة ودول الخليج.
ولم يستبعد أن تكون "زيارة أمير قطر (تميم بن حمد آل ثاني) الأخيرة لتركيا، تناولت في جانب منها هذا الأمر"، متوقعاً أن "تلعب قطر دورا في تخفيف حدة التوتر بين تركيا من جانب ومصر والسعودية ودول الخليج من جانب آخر".
ولفت إلى أن "موقف الرياض من السياسة التركية واضح. من يعادي مصر يعادي المملكة".
وشهدت العلاقات المصرية القطرية، مساء السبت الماضي، التطور الأبرز منذ توترها (بعد الانقلاب على الرئيس محمد مرسي في تموز/ يوليو 2013)، باستقبال عبد الفتاح السيسي، في القاهرة، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، المبعوث الخاص لأمير قطر، ورئيس الديوان الملكي السعودي خالد بن عبد العزيز التويجري، المبعوث الخاص للعاهل السعودي.
في المقابل، تشهد العلاقات بين القاهرة وأنقرة توترًا منذ الإطاحة بمرسي، بلغ قمته في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر 2013، عندما اتخذت مصر قرارًا باعتبار السفير التركي "شخصًا غير مرغوب فيه"، وتخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية إلى مستوى القائم بالأعمال، وردت أنقرة بالمثل.