تصاعدت وتيرة العنف في المشهد السياسي مع اقتراب موعد أوّل انتخابات رئاسية حرّة ومباشرة في
تونس في الثالث والعشرين من نوفمبر الجاري/ تشرين الثاني.
واعتبر ملاحظون انّ اشتداد التشنج في الحملة الانتخابية قبل يوم الصمت الانتخابي يعكس نتيجة طبيعية للاستقطاب الثنائي بين المرشّحين الأبرز للفوز بمنصب رئيس تونس القادم، وهما الرئيس الحالي محمد منصف
المرزوقي، ورئيس حزب نداء تونس الباجي قايد
السبسي.
مضايقات للمرزوقي
وكان موكب المرزوقي قد تعرض خلال زيارته محافظة قفصة بالجنوب الغربي قبل أيام؛ لمضايقات من قبل أنصار الباجي قايد السبسي، مرشّح حزب نداء تونس. بحسب شاهد عيان لـ"عربي21".
وأوضح الشاهد أنّ عدداً من أنصار قايد السبسي ترصّدوا موكب الرئيس المرزوقي في مفترق دائري وسط المدينة، ورفعوا عبارة "ارحل" لحظة مروره، لكنّ الرئيس الحالي ردّ عليهم بعلامة النصر من داخل سيّارته.
وأكّد أنّ عناصر الأمن تدخّلوا لوضع حدّ لتهجّم أنصار الباجي على مرافقي المرزوقي، فيما خرج أنصاره بأعداد غفيرة في مسيرة للتعبير عن مساندتهم له، وللتنديد بالمضايقات التي استهدفت ضيف محافظة قفصة.
ولم يسلم موكب الرئيس المرزوقي من المضايقات المباشرة خلال زيارته إلى محافظة المهدية بالوسط الشرقي، حيث استهدفته مجموعة من المحتجين بعد زيارته مقبرة المكان لتلاوة فاتحة الكتاب على روح أحد شهداء الجيش التونسي.
كما حاولت مجموعة أخرى استهداف المرزوقي بمنطقة "بوحجلة" من محافظة القيروان بالوسط. فيما اتهمت حملته أنصار حزب نداء تونس بـ"الاعتداء على أعضائها بمدينة دار شعبان الفهري بمحافظة نابل الوطن القبلي مساء السبت الماضي خلال مرور عدد من سيارات الحملة الانتخابية التابعة لها أمام مقر نداء تونس بالمنطقة".
استهداف مقصود
واعتبرت سنية الزكراوي، المسؤولة عن الإعلام في حملة المرشّح المرزوقي، أنّ "استهدافه مقصود، وتمارسه بالخصوص كثير من وسائل الإعلام".
وأضافت لـ"عربي21" أنّ حملة المرزوقي تكاد لا تتواجد في مساحات البث الإذاعي والتلفزيوني والصحافة المكتوبة، على عكس المرشّحين الاخرين، و"حتّى حق الردّ نكاد لا نحصل عليه" بحسب تعبيرها.
ولفتت إلى أنّه "لا يمكن أحياناً معرفة مصدر العنف؛ هل هو من أنصارنا أم من منافسينا، لذلك كثيراً ما تُلصَق بنا اتهامات باطلة ونحن منها براء"، مشيرة إلى أن "حملة المرزوقي شعبية بالأساس، وهو ما يجعل غيرنا يحملها أموراً لا علاقة لها بها".
مضايقات للسبسي أيضاً
وفي السياق ذاته؛ لم يكن الباجي قايد السبسي مُرحّباً به في بعض المدن، حيث رفع عدد كبير من مواطني مدينة القصرين بالوسط، مع مرور موكبه الأربعاء الماضي، عبارة "ارحل" مردّدين شعار "أوفياء.. أوفياء.. لدماء الشهداء".
وقالت عائدة القليبي، مسؤولة الإعلام بحزب نداء تونس، إن العنف في الخطاب السياسي ارتفع خلال الحملة الانتخابية الرئاسية مقارنة بـ"البرلمانية".
وأكّدت القليبي لـ"عربي21" تعرّض أنصار السبسي إلى كثير من الاستفزازات من قبل أنصار مرشّح آخر في أكثر من مناسبة.
وأضافت: "هناك تجاوزات واعتداءات، لكننا نحاول التعامل معها حالة بحالة؛ لأنه لا يمكن تعميم حالة معزولة على سائر الحملة الانتخابية، وهناك توصيات من قيادة الحزب بعدم التشنج أو الرد على العنف والاستفزازات".
وقالت: "نضطر إلى التوضيح؛ وخاصة عندما يعكس الآخرون الحقيقة، ويتهمون (نداء تونس) بالباطل، كما حدث في مدينة دار شعبان بمحافظة نابل، حيث اتهمنا أنصار المرشح المرزوقي بممارسة العنف، في حين أنّ الحقيقة عكس ذلك تماماً".
اتهامات بمساندة الإرهاب
ودخل عدد من المرشحين للرئاسة على خطّ الاستهداف المباشر للمرزوقي، حيث دعا المرشّح المنسحب مصطفى كمال النابلي القضاء إلى "محاكمة الرئيس" بسبب ما اعتبره "دعوة إلى الإرهاب" في إحدى مداخلات المرزوقي المرتجلة.
وفي السياق نفسه؛ دفع المرشّح منذر الزنايدي، أحد وزراء نظام بن علي، نحو تحميل الرئيس المرزوقي مسؤولية سلامته الشخصية بعد المداخلة السالفة الذكر.
من جانبه؛ ردّ المرزوقي على هذه الاتهامات أمام أنصاره بمحافظة صفاقس قائلاً: "يهددونني بالسجن لأني أساند الإرهاب، حسب تعبيرهم، في حين أنا من قمت بحمايتهم من الإرهاب، وكنت الرئيس الوحيد في العالم الذي عمل على توفير عناصر من الأمن الرئاسي للدفاع عنهم".
ولفت المرزوقي في لقاء حواري على قناة حنّبعل إلى إن "أبو عياض"، زعيم تنظيم أنصار الشريعة المحظور في البلاد، و"القيادات الإرهابية التي تعيث فساداً في تونس أُطلق سراحها في عهد حكومة قايد السبسي"، مشيراً إلى أن وجود غرفة إشاعات في إحدى الصحف تنشر الأخبار الكاذبة عنه يومياً.