بعد أشهر من إعلان "انتصاره" في
القلمون، تتوالى خسائر قوات "
حزب الله" في سوريا، وخصوصا في جرود القلمون المتاخمة للحدود
اللبنانية، حيث يتعرض لهجمات تشنها فصائل
سورية متعددة، بينها كتائب تابعة للجبهة الإسلامية وجبهة النصرة، فيما تتوارد معلومات عن وقوع عدد من عناصر الحزب في الأسر في وقت كرر فيه الأمين العام للحزب حسن نصر الله حديثه عن النصر ضد من أسماهم "التكفيريين" وإسرائيل معا.
وجاءت المعلومات التي جرى تداولها عن وقوع أربعة عناصر من الحزب في أيدي جبهة النصرة لتضاف إلى الأسير عماد عياد الذي أعلن أسره الأسبوع الماضي، فيما جرى تشييع عدد من عناصر الحزب قتلوا في القلمون وجرود القلمون، كما سيجري تشييع عدد آخر اليوم أو غدا.
ونشرت "جبهة النصرة" في القلمون فيديو يُظهر مقاتليها وهم يهاجمون نقاط "حزب الله" والنظام السوري في نقطتي شعبة حميدة والثلاجة في محيط بلدة فليطة حيث تدور معارك حولها مع تقدم لجبهة النصرة التي قامت الأسبوع الماضي بمهاجمة مواقع لـ"حزب الله" تمتد إلى داخل الأراضي اللبنانية في بلدة بريتال ومحيطها، ما أوقع 11 قتيلا من عناصر الحزب على الأقل، إضافة إلى السيطرة على كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر.
ونفذت الجبهة أيضا تفجيرا بسيارة مفخخة استهدف حاجزا للحزب في فليطة، ما أوقع عددا من القتلى والجرحى.
وأعلنت عدة كتائب مقاتلة قبل أيام تشكيل غرفة عمليات مشتركة لقيادة المعركة ضد قوات الحزب والنظام السوري في بلدات القلمون القريبة من دمشق، فيما تستمر المعارك العنيفة في محيط بلدة فليطة في جرود القلمون.
وأظهر تسجيل فيديو رتلا من عناصر الجيش الحر، من كتيبة رأس العين في القلمون الغربي، في منطقة جبلية قاحلة، في حين يقول صوت في التسجيل إن المقاتلين متوجهون إلى بلدة الجبة في محيط عسال الورد.
ويقوم المقاتلون باستخدام القذائف ضد موقع لقوات الأسد. وفي مقطع آخر من التسجيل يقول رجل إنه تمت السيطرة على المنطقة، فيما يظهر أحد القتلى من العناصر التابعة لقوات الأسد، كما تبدو دبابة ومدفع ثقيل بعد السيطرة عليهما.
من جهتها، نقلت صحيفة "القدس العربي" عن العقيد حسان حداد، القيادي في كتائب الجيش الحر في القلمون، أن "جبهة النصرة" تمكنت من إلقاء القبض على أربعة عناصر من "حزب الله" بالقرب من سهل رنكوس في القلمون، في كمين نصب لعناصر الحزب خلال تقدم فصائل متعددة من الثوار على عدة محاور.
وفي المقابل، يتحدث نشطاء سوريون عن خلافات كبيرة نشبت بين عناصر ميليشيات الشبيحة التابعة للنظام السوري والتي يطلق عليها النظام اسم "جيش الدفاع الوطني" من جهة، وعناصر "حزب الله" من جهة أخرى، تبعها قيام عناصر الحزب التي يتوارد أنها تقود المعركة ميدانيا؛ باعتقال عدد من عناصر الشبيحة، بينهم نجل أحد قياداتهم في القلمون.
وحسب المصادر التي نقلت عنها الصحيفة، فقد قام عناصر الحزب بالقبض على "مهران أحمد عايد خلوف"، نجل المسؤول عن الشبيحة في بلدة "عسال الورد" في جبال القلمون، مع ستة عناصر آخرين، على خلفية الخلاف بينهم الناجم عن اتهامات من الحزب للعناصر التابعة للنظام السوري بالتخابر مع الثوار الذين أطلقوا معركة "فتح المدائن" في عسال الورد، وحققت من خلالها الكتائب المقاتلة سيطرة على نقاط استراتيجية للحزب، مثل "ضهور المعبر" و"الأوز الشرقي" في محيط عسال الورد، وبالتالي بات الثوار يشرفون على بلدات تخضع لسيطرة الحزب في القلمون.
نصر الله: نحن نقاتل وننتصر
في الأثناء، التقى نصر الله بعدد من كوادر حزبه في منطقة البقاع، شرق لبنان، حيث تحدث عن أن "النصر سيكون حليف المجاهدين (مقاتلي حزب الله) في معركتهم ضد المجموعات التكفيرية والإرهابية مثلما كان حليفهم في مواجهة العدو الاسرائيلي"، حسب ما نقلت عنه صحيفة السفير الموالية للحزب.
واستعرض نصر الله، بحسب الصحيفة، التطورات في لبنان وسورية والعراق في ظل "التمدد الداعشي"، ووصف التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) بأنه "تحالف إعلامي"، مشيدا بـ"الإنجازات العسكرية التي تتحقق في الميدان يوماً بعد يوم" على يد حزبه، وفق تقديره.
واعتبر نصر الله أن العبوة الناسفة التي فجرها حزب الله منذ أيام في منطقة شبعا اللبنانية المحتلة جنوب لبنان، جاءت ردا على "امتحان" إسرائيل لجهوزية الحزب من خلال "الخرق الإسرائيلي الأخير في منطقة عدلون (جنوب لبنان) والذي تجلى في جهاز التنصت الذي زرعه العدو في المنطقة وتعمّد تفجيره لحظة تفكيكه واستشهاد أحد المقاومين". وأضاف: "قرارنا في حزب الله هو المواجهة ولا مكان للاستسلام والهزيمة أمام هذا العدو مهما كان حجم المواجهة والضغوط... في النهاية سيظهر النصر الكبير"، وفق قوله.
الحزب يورط الجيش اللبناني للتغطية على خسائره:
وفي المقابل، قال رئيس بلدية
عرسال اللبنانية علي الحجيري إن "لا أحد له مصلحة باندلاع حرب جديدة في جرود عرسال سوى حزب الله"، متهما الحزب بأنه يبحث دائما "عن سبيل لتوريط الجيش في المعارك نيابة عنه، بما يبرر مشاركة (الحزب) في الحرب السورية التي يخوضها تحت عنوان الدفاع عن لبنان".
وكانت بلدة عرسال قد تعرضت لقصف عنيف من قبل حزب الله والجيش اللبناني بحجة ملاحقة عناصر "داعش" وجبهة النصرة، ما تسبب في تدمير كبير في البلدة وخصوصا في مخيمات اللاجئين السوريين الذين تعرضوا لعمليات اعتقال واسعة وتعذيب وترحيل قسري.
واعتبر الحجيري أن ما تشيعه بعض الوسائل الإعلامية التابعة لحزب الله وفي طليعتها "التلفزيون البرتقالي" (في إشارة إلى المحطة التابعة للعماد ميشال عون، حليف حزب الله) "عن وجود مسلحين وعناصر إرهابية داخل عرسال وبين العراسلة تتحضر لجولة جديدة من القتال ضد الجيش اللبناني، ما هو إلا حرب نفسية من شأنها إسباغ عرسال بالتطرف الديني، وإيهام الرأي العام بأنها بلدة عميلة ومتآمرة على الجيش والدولة وكل اللبنانيين"، مشيرا إلى أن "جل ما يسعى إليه حزب الله من خلال هذا التضليل الإعلامي المسموم والمركز، هو شحن النفوس بما يهيئ الأجواء لعبرا ثانية".
وقال الحجيري: "لو لم يقم حزب الله بتشريد الناس وتهجيرهم من القصير والقلمون، لما شهد البقاع نازحا سوريا واحدا يطلب المأوى والمعونة سواء في عرسال أو في رأس بعلبك والقاع، ولما كان قد شهد أساسا وجود جبهة النصرة أو الدولة الإسلامية في جروده على الحدود مع سورية".
وأضاف: "حزب الله هو الذي جعل صوت التطرف الديني يعلو فوق صوت الاعتدال، وهو من حشر الناس قسرا في اصطفافات مذهبية غريبة".