كشفت أرقام صفقات السلاح البريطانية للعام الماضي أن كلا من
مصر والمملكة العربية السعودية، تعتبران من أكبر أسواق بيع السلاح البريطاني، رغم السجل الفقير للدولتين في مجال حقوق الإنسان.
وتقول صحيفة "الغارديان" البريطانية، إن الحكومة في لندن صادقت على مبيعات أسلحة للسعودية بقمية 1.6 مليار جنيه إسترليني (2.7 مليون دولار أمريكي)، وضمت الصفقة "قطعا لأجهزة عسكرية لأغراض المتفجرات، وقطعا لإنتاج رشاشات، وقنابل يدوية "سي أس"، وقطعا لخراطيم المياه والغاز المسيل للدموع، ورصاصا يستخدم في قمع التظاهرات".
وصادقت الحكومة البريطانية على تصدير
معدات عسكرية لمصر بقيمة 51 مليون دولار، بما فيها بواريد ومسدسات وقطع للعربات والطائرات العسكرية.
وتصنف وزارة الخارجية البريطانية السعودية على أنها بلد مثير للقلق، لانتهاكه على الأقل الميثاق الدولي للحقوق المدنية والحقوق السياسية والميثاق ضد التعذيب الذي انضمت إليه السعودية عام 1997.
وفي مصر، أشارت صحيفة "الغارديان" للتقرير الذي نشرته الاثنين عن اختفاء مئات المصريين في سجون عسكرية سرية، بعيدا عن عين القضاء والإجراءات القانونية. وقضت محكمة مصرية يوم الاثنين بسجن ثلاثة من صحافيي الجزيرة لمدد تتراوح ما بين 7 و10 أعوام بتهمة دعم الإرهاب وتهديد الأمن القومي.
وتم الحصول على إحصائيات صفقات الأسلحة من تقارير الحكومة التي قامت بإعدادها "الحملة ضد تجارة السلاح" التي قدرت أن
بريطانيا وقعت العام الماضي صفقات أسلحة بقيمة ملياري جنيه إسترليني (3.3 مليار دولار أمريكي)، مع أنظمة قمعية.
وقال مدير الحملة أندرو سميث: "عندما تقوم بريطانيا ببيع السلاح لحكومات قمعية، فهذا لا يعني فقط أنها تدعم الجيش بل إنها تقدم دعما سياسيا وتقوم بالمصادقة عليها" أي على هذه الأنظمة.
ويتزامن نشر الأرقام مع صدور كتاب مهم يكشف عن الحيل والتغطية، بل ودفع الرشاوى من أجل تأمين صفقات الأسلحة البريطانية مع السعودية وإيران الشاه.
وعنوان الكتاب "خداع في المقامات العليا" من تأليف نيكولاس غيلبي الذي قاد الحملة ضد صفقات السلاح من أجل الكشف عن الفساد في صفقات السلاح البريطانية مع السعودية. ويكشف أيضا عن محاولات المسؤولين البريطانيين اليائسة من أجل التخفيف من القوانين الدولية ضد الرشوة والفساد التي دفعت بها الولايات المتحدة بعد الفضيحة التي كشفت تورط لوكهيد في السبعينيات من القرن الماضي.
ويصف غيلبي كيف قامت وزارة الدفاع بالتغطية على العمولات ولم تخبر مدققي الحسابات لديها عنها، أي كيف "قام الوزراء ببناء قواعد لتجنب مزج نشاطات الرشوة، وفي الوقت نفسه سمحت بالاستمرار بها".
ويظهر غيلبي كيف حصل الأمراء السعوديون على عشرات الملايين من الجنيهات كعمولات. وفي الوقت الذي كان يتم فيه التفاوض حول صفقة اليمامة التي باعت فيها بريطانيا مقاتلات تورنيدو للسعودية بقيمة 42 مليار جنيه إسترليني، كانت شركة "ترافيلرز وورلد" تقوم بإنفاق عشرات الألوف من الجنيهات دفعتها شركة صناعة الأسلحة "بي إي إي" وغيرها عن استقبال سعوديين وعائلاتهم لهم علاقة بصفقة اليمامة.
وحصلت العائلات السعودية على 60 مليون جنيه إسترليني، كفوائد وأموال نقدية من الشركة البريطانية "بي إي إي" في الفترة ما بين 1989 و2002 . ولا يزال ملف التدقيق الوطني في عقد اليمامة سريا، والتقرير الوحيد الذي أعدته لجنة برلمانية لا يزال محاطا بالسرية.
وكشف غيلبي بناء على وثائق في الأرشيف الوطني في كيو، أن أسعار طائرات توريندو تم المبالغة فيها ووصلت إلى 600 مليون جنيه في عقد اليمامة. وتمت المبالغة بالسعر في عقد آخر مع وزير الدفاع السابق الأمير سلطان.
وكان توني بلير قد تدخل من أجل وقف تحقيق قام به مكتب مكافحة الرشوة الخطيرة، مبررا الخطوة بأنها لحماية الأمن القومي، وبعد تلقيه تهديدات من السعوديين بوقف الصفقة إذا استمر التحقيق.